خبر صخرة الوجود، وجوهر النزاع..هآرتس

الساعة 08:47 ص|14 أكتوبر 2010

بقلم: أري شبيط

إن طلب الاعتراف بدولة اسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي طلب صحيح، ولذلك سبعة اسباب.

        السبب الاول: أننا من اجل هذا أتينا الى هنا. فغاية الصهيونية العليا هي أن يكون لشعب اسرائيل في ارض اسرائيل وطن قومي معترف به في قانون الشعوب. ومن لا يؤمن بأن للشعب اليهودي حقا في وطن قومي فهو عنصري. ومن لا يدرك أن الوطن القومي اليهودي مُحتاج الى اعتراف دولي أحمق. فبغير اعتراف باسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي يكون المشروع الصهيوني على شفا خطر.

        والسبب الثاني: أن الصراع يدور على هذا. فالمواجهة الاسرائيلية – الفلسطينية تنبع من أن الحركة القومية اليهودية والحركة القومية الفلسطينية لم يعترف بعضهما ببعض مدة مئة سنة. في 1993 اعترفت اسرائيل بالشعب الفلسطيني وبحقوقه. والى اليوم لم يعترف الفلسطينيون بالشعب اليهودي وبحقوقه. هذا أكبر إخفاق لاتفاق اوسلو، الذي شوش على المسيرة السلمية منذ بدئه. كي يتم سلام حقيقي في البلاد يجب أن يكون سلاما بين الدولة القومية العربية الفلسطينية وبين الدولة القومية اليهودية الاسرائيلية.

        والسبب الثالث: صد السقوط. في السنين العشرين الأخيرة يجري أمر خطر. فكلما اعترفت اسرائيل بحقوق الفلسطينيين الطبيعية، أخذت حقوقها الطبيعية تُسلب. لا تعمل تنازلاتها العقائدية في مصلحتها بل في مضادتها. عندما يتبين أن اسرائيل اهود اولمرت أقل شرعية من اسرائيل اسحق شمير، فلا يوجد باعث حقيقي على الاستمرار على التنازل. الاعتراف باسرائيل فقط على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي سيصد السقوط وينشيء شرعية متبادلة اسرائيلية – فلسطينية.

        والسبب الرابع: صد طلب العودة. فما يزال الفلسطينيون يطلبون حق العودة الى بيوتهم داخل اسرائيل ذات السيادة. ومعنى طلب العودة إماتة دولة اليهود. ولما كان طلب العودة جوهر الروح العام الفلسطيني فانهم لا يستطيعون التخلي عنه. يستطيع الاعتراف باسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي أن يُخرج الطرفين من الشرك؛ فهو سيُمكّن من المعادلة وتحديد طلب العودة، وتبريد الشحنة المتفجرة الكامنة فيه.

        والسبب الخامس: أن يحدث تحول في الوعي في العالم العربي الاسلامي. تتم العلاقات المعقولة اليوم بين اسرائيل والدول العربية المعتدلة فوق جليد دقيق. فهذه تقبل اسرائيل على أنها حقيقة مقررة لكن لا على أنها كيان ذو شرعية. سيُبيّن الاعتراف باسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي لسكان مراكش،  والاسكندرية وبغداد، أن اسرائيل ليست غرسة اجنبية، بل جزءا لا ينفصل عن الشرق الاوسط، وسيلزم ذلك العرب أن يعترفوا آخر الأمر بشرعية سيادة يهودية.

        والسبب السادس: أن تتم تسوية علاقاتنا باوروبا المسيحية. ما زالت اوروبا الى اليوم لم تحل عقدتها اليهودية. سيكون الاعتراف باسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي اعترافا من اوروبا بمسؤوليتها الأخلاقية نحو اليهود الذين طاردتهم سنين طويلة. ستضمن القارة التي كادت تُبيد الشعب اليهودي في القرن العشرين، حقه في الحياة.

        والسبب السابع أننا سنطمئن بذلك. فالطموح الأساسي عند يهود اسرائيل هو الطموح الى بيت. والاعتراف الصريح بأن اسرائيل بيت سيُعظم الاستعداد للمخاطرة والخروج من المناطق. إن الاعتراف فقط بالوطن القومي اليهودي سيُمكّن من انشاء الوطن القومي الفلسطيني في سلام وسرعة.

        التحفظ: لا يمكن طلب الاعتراف باسرائيل اليهودية من غير أن نكون ملزمين لاسرائيل ديمقراطية. ولا يمكن طلب الاعتراف بدولة هرتسلية وجهها وجه ليبرمان. بغير ضمان الحقوق التامة المساوية لغير اليهود في اسرائيل، لن تكون بعثة للدولة القومية اليهودية.

        لا تستطيع الحكومة الحالية في الوقت الراهن أن تتوقع أن يفعل الفلسطينيون المطلوب منهم. لكن يجب على الجماعة الدولية أن تُسهم في المسيرة السياسية بأن تعترف في صراحة الآن باسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي. هذا الاعتراف قد يُنهي ازمة التجميد ويفتتح مسيرة سلمية حقيقية. وعندما تنضج المسيرة يُطلب اعتراف مشابه من الفلسطينيين ايضا. سيكون من الواجب على شركائنا في السلام أن يدركوا أن صخرة الوجود الاسرائيلية ليست نفق حائط المبكى، بل الدولة القومية الديمقراطية للشعب اليهودي. وفي نهاية الأمر لا يوجد طريق آخر سوى دولتين قوميتين لشعبين مضروبين.