خبر القدس الشرقية: من المسؤول عن العنف..يديعوت

الساعة 08:46 ص|14 أكتوبر 2010

بقلم: تالي نير

صور الاطفال راشقي الحجارة في القدس الشرقية تثير التحفظ والغضب في كل واحد منا. المخاطرة التي في رشق الحجارة واضحة من تلقاء ذاتها، ومشهد الاطفال راشقي الحجارة يدفع الى التساؤل: لماذا يفعلون ذلك؟ ولماذا لا يوقفهم اهاليهم؟

        هذه بالفعل اسئلة وجيهة، ينشغل فيها اليوم ايضا سكان من القدس الشرقية. ليس للكثير منهم أجوبة. توجد لهم اسئلة اخرى، وهي تتناول اساسا العنف الذي يشهدوه بشكل يومي من جانب السلطات الاسرائيلية منذ سنين. وذلك لانه في القدس الشرقية يوجد واقع موازٍ، غير معروف للجمهور الاسرائيلي. سكان كثيرون – والاعداد آخذة فقط في الازدياد – يشهدون على العنف الذي يستخدم ضدهم وضد أطفالهم من جانب المستوطنين، الحراس الخاصين، الشرطة ومؤخرا ايضا جنود الجيش الاسرائيلي الذين يرسلون الى المنطقة. يدور الحديث عن عنف جسدي شديد، يتضمن اطلاق النار من السلاح الحي واستخدام سلسلة من الوسائل التي تستخدم ليس فقط ضد المشبوهين بالجرائم بل وضد السكان باكملهم.

        الصراع السياسي على السيطرة في القدس الشرقية ووقوف السلطات الى جانب المستوطنين والجمعيات السياسية التي تستهدف تهويد الاحياء الفلسطينية، دفعت الى التدهور بوضع السكان من جوانب عديدة، احد اكثرها مركزية هو الاحساس بالامن الشخصي.

        تقرير نشرته جمعية حقوق المواطن قبل نحو شهر، وعنوانه "مجال غير محصن" يستعرض بتوسع الظواهر التي آخذة فقط بالتطرف: عدم فرض القانون تجاه المستوطنين الذين استوطنوا في قلب الاحياء الفلسطينية ومشبوهون بجرائم العنف؛ الشكل الذي اصبح فيه حراس وزارة الاسكان قوة لحفظ النظام لليهود فقط؛ وكيف أن شرطة القدس، المسؤولة عن الامن الشخصي للجميع، تتخذ سياسة تدافع اولا وقبل كل شيء عن اليهود، وبذلك فانها تشعل نار العنف اكثر فأكثر.

        احدى الظواهر التي يشير اليها التقرير هي أنه بينما تفحص الشكاوى ضد الفلسطينيين ويفرض القانون فيها بسرعة، لا يتم التحقيق في شكاوى الفلسطينيين على العنف الذي يمارس ضدهم. ويشهد السكان الفلسطينيون على أنه في حالات عديدة لا تصل الشرطة على الاطلاق عندما تستدعى الى المنطقة، وانه في حالات اخرى بدل أن تحقق في شكاويهم تجعلهم الشرطة مشبوهين وتتجاهل الادلة التي يقدمونها.

        كما يشكو السكان من الاعتقالات ومن التحقيقات التي تنفذ خلافا للقانون: اطفال كثيرون اعتقلوا في السنة الاخيرة في ظلمة الليل، بعد ان اخرجوا بالقوة من أسرتهم وحقق معهم المحققون الرسميون وليس محققو الاطفال ودون حضور اهاليهم، كما يأمر القانون. بعض من المحقق معهم، بمن فيهم أطفال ابناء 12 فقط، بلغوا عن عنف جسدي ولفظي وتهديدات من أنواع مختلفة.

        على خلفية الاحاسيس القاسية للسكان، جاء عشية عيد العرش، حين قتل قبل الفجر احد السكان سامر سرحان من سلوان بنار حارس للمستوطنين في الحي. ومثلما في الطقس المعروف مسبقا، وردت الشرطة على مظاهرات الاحتجاج العاصفة بشدة. وفي ذروة هجوم من الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين توفي في منزله في العيسوية رضيع ابن سنة، محمد ابو سارة، وبزعم أبويه جراء تنشق الغاز الذي تسلل الى منزلهما. وبينما الحارس المشبوه بقتل سرحان اطلق سراحه في غضون عدة ساعات الى اقامة جبرية، اعتقلت الشرطة في الاسابيع الماضية سكان واطفال كثيرون، بعضهم لايام طويلة.

        لا يوجد ما يدعو الى تبرير رشق الحجارة أو أي نوع من العنف – بما في ذلك عنف الشرطة، الحراس والجنود. العنف ليس حلا بل سبيلا لاحداث المزيد من العنف. هناك أناس سيكسرون منه، آخرون فقط سيسعون الى الرد عليه بقوة أكبر. على السلطات مسؤوليات الفهم لذلك وايجاد سبيل آخر لتنفيذ واجبها في فرض القانون بشكل متساوٍ ونزيه.

        يجب الشروع فورا في تحقيق جدي غير متحيز في موت السكان في سلوان والعيسوية واستنفاد القانون مع منفذي العنف بصفتهم هذه. هناك الحاح شديد لتوجيه تعليمات فورية للقوات الميدانية بالامتناع عن أعمال العنف والاستفزازات التي تصعد الوضع فقط. لهذا الغرض مطلوب قيادة سياسية وتنفيذية حكيمة، تقود سياسة تحترم وتدفع الى الامام عموم السكان وحقوقهم.