خبر دولة اليهود- يديعوت

الساعة 10:35 ص|13 أكتوبر 2010

دولة اليهود- يديعوت

عودة الى تشرين الثاني 1947

بقلم: سيفر بلوتسكر

في خطابه في الكنيست اول أمس طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من القيادة الفلسطينية الاعتراف باسرائيل كـ "الدولة القومية للشعب اليهودي". هذا ليس طلبا مدحوضا: فهو متواضع في صيغته ومقبول من الدول التي اقامت علاقات دبلوماسية مع اسرائيل. براك اوباما، الرئيس الامريكي سار بعيدا واعترف باسرائيل كـ "الوطن التاريخي للشعب اليهودي".

نتنياهو يطلب أقل من هذا بقليل: فهو يطلب من القيادة الفلسطينية الاعتراف بقرار التقسيم الذي اتخذته الامم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947. ليس فيه حرفيا، ولكن بروحه وأساسه. وحسب ذاك القرار، كان ينبغي أن تقوم في فلسطين الانتدابية دولتان سياديتان، دولة قومية يهودية ودولة قومية عربية. في قرار 29 تشرين الثاني تقرر مبدأ "دولتين للشعبين": الشعب العربي – الفلسطيني في الدولة القومية الفلسطينية، والشعب اليهودي في الدولة القومية اليهودية. ومنذ ذلك الحين يعتبر تعبير "دولة يهودية" في العالم كاسم مرادف لاسرائيل؛ في وثيقة الاستقلال تقرر فقط للدولة اليهودية المستقبلية اسما جديدا – "اسرائيل."

مع ان الحركة الصهيونية قبلت بقرار الامم المتحدة والحركة الفلسطينية رفضته بغضب، فان مبدأ التقسيم لم ينغرس لسنوات طويلة في وعي الشعبين معا أيضا. فأنا أتذكر كيف أنه في أثناء الصراع من أجل حرية هجرة يهود الاتحاد السوفييتي أصدرت دائرة الشباب في حزب مبام منشورا  في أحد جانبيه يهودي سوفييتي وفي جانبه الاخر لاجيء فلسطيني وفوقهما عنوان مشترك: "لكل شعب وطن". وقد قام قدامى الحزب على الفور بسحب المنشور؛ حتى مبام اليساري لم يسلم بعد في تلك الايام بفكرة الدولة الفلسطينية. والاحرى أنه لم يسلم بالفكرة الرأي العام الاسرائيلي.

التحول بدأ مع توقيع اتفاق السلام مع مصر. رئيس الوزراء مناحيم بيغن اعترف في اطار هذه الاتفاقات بالحقوق الشرعية للفلسطينيين وغير جوهر النقاش السياسي الاسرائيلي. ومنذ ذلك الحين بات واضحا لليمين في اسرائيل، مثلما لليسار، بانه توجد أمة فلسطينية ذات حق في تقرير المصير، والمسألة التي بقيت موضع الخلاف الداخلي اليهودي تتعلق بحدودها، بالمعنى الواسع للكلمة.

عملية وعي مشابهة بالنسبة لاسرائيل تمت في الجانب العربي – ولكن لمصيبتهم هم، ليس لدى الفلسطينيين. الزعماء الفلسطينيون لا يزالون يرون في اليهود أبناء دين وليس أبناء أمة. وهم مستعدون لان يسلموا بوجود دولة اسرائيل بل وحتى بالضم وتبادل الاراضي، ولكنهم يرفضون باحتقار المفهوم الاساس لقرار التقسيم، مثلما وجد تعبيره الصائب جدا في المنشور المسحوب اياه لحزب مبام أي: لكل امة وطن. هذا ايضا التفسير للامتناع الفلسطيني عن الاعلان عن دولة مستقلة وانعدام الحماسة لتأسيسها. فاقامة دولة فلسطينية، كما يخشى الكثير من الفلسطينيين، ستعتبر في نظر العالم تحقيقا لكامل امانيهم الوطنية وتطبيقا نهائيا لقرار التقسيم، الذي يكرهونه.

من خلال طرح مطلب الاعتراف باسرائيل كـ "الدولة القومية للشعب اليهودي" او "دولة الشعب اليهودي" (صيغة علمانية صرفة ادخلت في 1985 للقوانين الاساس من قبل اليعيزر غرانوت، نائب من مبام، وتم تغييرها بعد عقد من الزمان) يعيد بالتالي نتنياهو النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني الى مداولات خريف 1947. يوجد في ذلك، من جهته، منطق تاريخي وقومي، ولكن توجد ايضا مخاطرة هائلة. قرار التقسيم يتضمن بنودا وافكارا لا يمكن لاسرائيل الحالية أن تقبلها. الرجوع اليه يفتح جراحا قديمة وليس في صالحنا بالضرورة.

لنتنياهو ثقة كبيرة بالذات بالنفس وهو مقتنع بان المخاطرة مجدية. الى أن يعترف الفلسطينيون بقرار التقسيم ويسلموا به، كما يعتقد، لن يحل السلام بين الشعبين. يحتمل أن يرد مطلبه والسلام سيؤجل جراء ذلك الى الابد. ولكن يحتمل أيضا انه بتأخير 63 سنة سيفاجىء الفلسطينيون فيقبلون حقيقة كون اسرائيل "الدولة القومية لليهود". ليس مؤكدا أن يعرف نتنياهو ماذا سيفعل بهذا الاعتراف وكيف سيتصرف بعده.