خبر هل يستقيل الرئيس أم يواصل عمله؟! ..ياسر الزعاترة

الساعة 09:44 م|11 أكتوبر 2010

هل يستقيل الرئيس أم يواصل عمله؟! ..ياسر الزعاترة

لم نعد نتذكر كم مرة لوّح أو هدد الرئيس الفلسطيني بالاستقالة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ابتداءً هو لمن يوجَّه التهديد؟ أليس للطرف الإسرائيلي والأمريكي، وربما الغربي عموماً كذلك؟

 

أيام ياسر عرفات، لم يكن الطرح السائد هو استقالة الرئيس، بل حلّ السلطة برمتها. وقد تردد ذلك بعد عملية السور الواقي ربيع العام 2002 التي أعاد الجيش الإسرائيلي من خلالها احتلال مناطق (أ) في الضفة الغربية، من دون أن يبقى فيها طوال الوقت، ما حول الصيغة إلى "احتلال ديلوكس" بحسب تعبير عدد من المحللين والسياسيين الإسرائيليين. وقد لخص الكاتب الإسرائيلي "يهودا ليطاني" الموقف في صحيفة يديعوت أحرونوت (2 ـ 10 ـ 2003) من خلال سؤاله "ماذا يحصل إذا أعلن ياسر عرفات ذات صباح عن حل السلطة الفلسطينية؟" وقد وصفه الرجل بأنه "السيناريو الكابوس".

 

عدد "ليطاني" المشاكل التي ستترتب على الإسرائيليين من جراء حلّ السلطة وأولها اضطرار "الجيش الإسرائيلي إلى البقاء هناك لزمن غير محدد، ما يعني أن عليه - إضافة إلى المهمات الأمنية العادية - أن يقوم بـ "حماية رجال الحكم الإسرائيلي الذين سيتولون مسؤولية إدارة جهاز التعليم والإغاثة والمواصلات والمياه والكهرباء والبلديات". وبالطبع، فإن ذلك سيتطلب "إيجاد التمويل للنشاط المدني الذي تقدر كلفته بعشرة مليارات شيكل (حوالي 2.7 مليار دولار) في السنة على الأقل".

 

في سياق الكلفة التي سيدفعها الإسرائيليون تنهض الكلفة السياسية كجانب بالغ الأهمية، إذ سيعود الاحتلال إلى وجهه القذر القديم، ذلك الذي تخلص منه بعد نشوء السلطة حين صار الصراع بين دولتين، وليس بين احتلال وشعب مقاوم. أما الكلفة الاقتصادية فقد أشير إليها سابقاً، وتبقى الكلفة الأمنية، وحيث سيكون بوسع المقاومة استنزاف الاحتلال ورجاله العاملين في الإدارة المدنية، في مقاومة مشروعة يعترف بها العالم أجمع.

 

ولكن ما الذي يحول دون تنفيذ الفكرة؟ يجيب "يهودا ليطاني" على ذلك بالقول: إن "تسع سنوات من الحكم قد فعلت فعلها، فالبيروقراطيون وكبار القادة يتلقون أجراً جيداً جداً ولن يتخلوا عنه بسهولة". ولا شك أن هذا المعطى ليس سهلاً على الإطلاق، فقد نشأت على هامش السلطة مجموعة من المافيات المنتفعة بالوضع الجديد من العسكريين والسياسيين الذين تحول بعضهم إلى رجال أعمال، وقد ارتبط هؤلاء بشبكة مصالح مع الاحتلال يصعب عليهم التخلص منها.

 

أما الذي لا يقل أهمية فهو ارتباط هؤلاء بدوائر دولية وعربية لا تقبل حل السلطة وتوريط الاحتلال من جديد، وإذا كان الانحياز الأميركي الأعمى، ومعه الأوروبي، سيرد بقوة على مسار من هذا النوع، فإن الوضع العربي الرسمي، لاسيما مصر التي تشكل مرجعية السلطة ستعتبر ذلك تصعيداً غير مقبول بحال.

 

اليوم يبدو الموقف أكثر سوءاً من ذي قبل. اليوم لم يعد سؤال الاستقالة ذا قيمة رغم أن احتمالها يبدو ضئيلاً للغاية في ظل تمسك الرئيس بالمناصب الثلاثة (لو خطرت على باله فعلاً لاكتفى بمنصبين)، والسبب أن هناك في الضفة الغربية من سيملأون الفراغ (الإسرائيليون لا يتجاهلون احتمال الوفاة قبل الاستقالة)، وهم كثر، وها هو محمد دحلان الذي يمارس دور المعارضة للرئيس منذ أسابيع يقول قبل أيام إن حل السلطة هو مصلحة إسرائيلية، ما يعني أن نتنياهو يسهر على مصلحتنا كشعب فلسطيني حين يحافظ على السلطة (الأكذوبة بحسب تعبير رئيسها) ويسمح لقادتها بالتحرك وللأموال الخارجية بالتدفق إليها.

 

إنهم يتشبثون بمسارهم وبرنامجهم، وهم لن يستقيلوا ولن يحلوا السلطة، بل لن يوقفوا التنسيق الأمني. نعم لن يفعلوا ذلك إلا مكرهين في ظل معادلة داخلية وعربية وإقليمية مختلفة لا يعلم أحد متى ستتوفر.