خبر تقرير حقوقي: أنصار حماس والجهاد يتعرضون للتعذيب في سجون السلطة

الساعة 09:13 م|11 أكتوبر 2010

تقرير حقوقي: أنصار حماس والجهاد يتعرضون للتعذيب في سجون السلطة

فلسطين اليوم- غزة

أدان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان استمرار أجهزة السلطة الأمنية في تنفيذ حملات الاعتقال التعسفي ضد عناصر وأنصار حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في الضفة الغربية المحتلة واحتجازهم، وإساءة معاملتهم، خلافاً للقانون.

 

وقال المركز في تقرير له، تلقى مراسلنا نسخة منه، مساء الاثنين (11-10): "بالرغم من الافراجات المحدودة عن عدد من المعتقلين لدى تلك الأجهزة، على دفعات مختلفة خلال الآونة الأخيرة، إلا أن أجهزة السلطة واصلت تنفيذ حملات الاعتقال في صفوف أنصار حماس، واستمرت في احتجاز المئات غيرهم منذ أشهر طويلة، فضلاً عن استدعاء العشرات منهم يومياً للمثول في مقراتها".

 

وأعرب المركز الحقوقي عن قلقه من تزايد إفادات معتقلين أفرج عنهم، و/أو إفادات ذوي آخرين لا يزالون قيد الاعتقال، حول تعرضهم للتعذيب وإساءة المعاملة، داعياً في الوقت ذاته سلطة رام الله للكف عن أعمال الاعتقال التعسفي، والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين، وإغلاق ملف الاعتقال السياسي نهائياً.

 

وأضاف: "استناداً لتحقيقات باحثين وشهود عيان المركز؛ فإن أكثر من (230) مواطناً ما زالوا محتجزين في الخليل، (130) منهم لدى جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة (في مراكز الاعتقال الخاصة به في مدينة الخليل وسجن الظاهرية)، و(100) مواطن آخر محتجزين لدى مراكز اعتقال وسجن المخابرات العامة في المدينة.  وفي محافظة بيت لحم لا يزال أكثر من (40) مواطناً محتجزين، منهم (25) لدى مركز اعتقال وسجن الأمن الوقائي، و(15) مواطناً آخر لدى مركز اعتقال المخابرات العامة في مدينة بيت لحم.  وفي محافظة نابلس لا يزال (77) معتقلاً في سجن جنيد، وحوالي (45) معتقلاً في محافظة رام الله والبيرة.

 

وشدد على أن العديد من المعتقلين هم من الأسرى المحررين من سجون الاحتلال، خلال فترات مختلفة في العامين الماضيين، وكما أن العديد منهم أشقاء وأقارب من الدرجة الأولى وأصهار نواب "كتلة التغيير والإصلاح" البرلمانية.

 

وأوضح أنه جرى إعادة اعتقال العشرات منهم بعد الإفراج عنهم بأيام قليلة، لافتاً النظر إلى أن الأهالي المختطفين لا يتمكنون من زيارة ذويهم في سجون السلطة

 

تعذيب معتقلين

 

وأفاد العديد من المعتقلين الذين أفرج عنهم في محافظة الخليل – على سبيل المثال - أنهم تنقلوا خلال فترات اعتقالهم بين مكاتب التحقيق، وغرف وساحة السجن الداخلية، وغرف حجز تابعة لأحد مخافر الشرطة، وفي زنازين بعضها انفرادي والأخرى بمشاركة معتقلين آخرين، وجميعها دون حمامات أو مراحيض، وبعضها دون مصباح كهربائي أو أية أغطية.

 

ووفق تحقيقات المركز، وشهادات معتقلين أفرج عنهم، وذوي آخرين ما زالوا قيد الاحتجاز؛ فإن العديد من المواطنين الذين اعتقلوا في الحملات الأخيرة احتجزوا في ظروف اعتقال غير ملائمة، وبعضها مزرية وقاسية ومهينة، وبخاصة أن عدداً منهم يعانون من أمراض مزمنة، أو إصابات سابقة.  كما تعرض العديد منهم لأشكال مختلفة من سوء المعاملة خلال فترات احتجازهم والتحقيق معهم.  وأخضع آخرون للتعذيب، ما ألحق أضراراً جسدية ونفسية للعديد منهم، وتدهور الحالة الصحية لثلاثة على الأقل منهم، ما استدعى نقلهم إلى مراكز الخدمات الطبية العسكرية وبعض المستشفيات للعلاج. 

 

وأفاد أحد المعتقلين المفرج عنهم لباحث المركز في مدينة الخليل، أنه اُحتجز من قبل جهاز المخابرات العامة في ظروف اعتقال قاسية، وكان يتنقل خلالها بين ساحة داخلية مكشوفة في مقر المخابرات، وبين زنازين ضيقة وممرات وغرف التحقيق والسجن.  ورغم مرضه وحاجته للرعاية الطبية، إلا أن محتجزيه، وحتى بعد علمهم بمرضه، أخضعوه للشبح لمدة ثلاثة أيام على كرسي بلاستيكي، وإلى ممارسات أخرى، مما أدى إلى تدهور خطير في حالته الصحية، ونقله ثلاث مرات إلى المراكز الطبية والمستشفيات.

 

وذكر أنه، وفي آخر عرض طبي له في إحدى المستشفيات بتاريخ 14/9/2010، أصر الأطباء على استكمال علاجه داخل المستشفى، فمكث فيها للعلاج المكثف يومين تحت الحراسة.  وقبل خروجه أوصى الطبيب رسمياً بضرورة توفير الراحة والرعاية الطبية البيتية له، بسبب معاناته من ضيق بالتنفس، وآلام بالصدر والأطراف السفلية وتعرق، وارتجاج في الصمام الأورطي وارتفاع ضغط الدم، ولكن محتجزيه أعادوه إلى السجن لبعض الوقت قبل الإفراج عنه بتاريخ 16/9/2010.

 

وفي إفادته لباحث المركز؛ ذكر المعتقل المشار إليه أنه "وخلال احتجازه، كان يسمع أصوات معتقلين وهم يصرخون من آلام الضرب والتعذيب في أقبية تحقيق جهاز المخابرات، وشاهد عدداً منهم وهم مشبوحون لساعات طويلة على جدران الغرف والممرات، وكانوا يُجبرون على رفع الأيدي للأعلى، ورؤوسهم ووجوههم مغطاة بأكياس".

 

وأشار أن محققيه الذين كانوا ضمن طواقم تحقيق من خارج محافظة الخليل، تعمدوا عرض معتقلين مشبوحين عليه، وإسماعه أصوات تعذيبهم، لإجباره على "التعاون معهم في التحقيق".

 

وأكد أنه شاهد عدداً من المعتقلين وهم مشبوحون، وكان يبدو على بعضهم الإرهاق الشديد وعلامات التعذيب، ومن هؤلاء المعتقلين: علاء الجعبة ومعتصم النتشة.  كما أكد أن المعتقلين عبد الله دعيس؛ ومحمد بركات الأطرش؛ ومحمد حسين أبو حديد؛ تعرضوا للشبح الطويل والضرب.

 

وأفاد أنه سمع، وشاهد خلسة، أحد أفراد المخابرات وهو يتحدث مع ضابط تحقيق من خارج الخليل ويؤكد أهمية ودور باب حديدي كان بجواره خلال شبحه، في انتزاع اعترافات من المعتقلين. وشرح له كيفية تعذيب المعتقل الذي يريدون إجباره على الاعتراف، عندما قاله له "نرفع المعتقل وندخل يديه ورجليه بين قضبان الباب ونعلقه تعليقاً ونتركه يتألم فيجبر على الاعتراف".

 

  أجهزة بلا أخلاق

 

وأكد العديد من أهالي المعتقلين الذين دوهمت منازلهم لاعتقال أبنائهم، أن أجهزة السلطة تصرفت على نحو استفزازي، ولم تحترم المقتضيات والإجراءات القانونية في تفتيش المنازل واعتقال المواطنين.

 

وفي هذا السياق أكد أحد المواطنين، أن تلك الأجهزة اقتحمت منزله خلال غياب سكانه عنه في زيارة عائلية خارج المنزل، واستخدم أفرادها القوة لفتح باب المنزل وتفتيشه، رغم إخبار أقاربه ضباط تلك القوة بعدم وجود سكانه داخله.

 

وقال إنه، وعقب عودته هو وأفراد عائلته إلى منزله، قام جهازا المخابرات العامة والأمن الوقائي على فترات متتالية، باعتقاله هو وأربعة من أبنائه، وفيما جرى الإفراج عنه وعن أحد أبنائه بعد أيام قليلة، إلا أن أبناءه الآخرين، إلى جانب أبناء أشقائه ظلوا رهن الاعتقال لدى الجهازين المذكورين.  وأكد أن أفراداً من جهاز "المخابرات العامة والشرطة"، حضروا لمنزل العائلة أكثر من مرة، وقامت شرطيات باستجواب زوجته، وفي إحدى المرات حاولت اعتقالها تعسفا كنوع من ممارسة الضغط على أبنائه المعتقلين.

 

وأفاد معتقل أفرج عنه، أنه جرى اعتقاله مع شقيقه، لأن ابن عمهما مطلوب لأجهزة السلطة  حيث جرى احتجازه مدة 16 يوماً.  وخلال اعتقاله لم يجر التحقيق معه، أو تطبيق أية إجراءات قانونية، إلا في آخر يوم من اعتقاله حيث جرى التحقيق معه لمرة واحدة قبل الإفراج عنه وآخرين بحوالي الساعتين.  وطلب منهم التوقيع على تعهد رسمي يقضي "بعدم حمل سلاح غير مرخص، أو العمل ضد سلطة فتح، أو الانتماء لتنظيم مناهض إليها.

 

 وأكد المواطن المذكور أن أجهزة السلطة اعتقله، ونتيجة الاكتظاظ بأعداد المحتجزين الموجودين لديه، قام بنقل العشرات من هؤلاء المعتقلين، وهو واحد منهم، بواسطة سيارة شحن تابعة للشرطة وتسمى "البوسطة" وسيارة أخرى، إلى مخفر لأجهزة السلطة في بلدة تفوح، غربي مدينة الخليل، حيث جرى احتجازهم لأيام قليلة بغرف حجز بالغة السوء في المساحة والتهوية، ومعدومة تماماً من الحد الأدنى للخدمات الإنسانية، ولم يكن متوفرا أية رعاية طبية، عدا عن محدودية وجبات الطعام ورداءة نوعيته.

 

وفي تطور لاحق، نقل جهاز الوقائي في محافظة الخليل، في بداية شهر أكتوبر (تشرين أول) الجاري عدداً من المعتقلين المحتجزين في مراكزه في المحافظة إلى مراكز حجز وسجن الأمن الوقائي في مدينتي أريحا ورام الله؛ وذلك وفق مصادر الجهاز المذكور، لأسباب تتعلق بازدحام المحتجزين في مراكزه بمحافظة الخليل.  وعرف من ضمن المنقولين: احمد عبد السلام سلهب؛ إياد إسماعيل مجاهد؛ نافذ إسماعيل بالي؛ نضال عمران القواسمي؛ معاذ محمد مطلق أبو جحيشة؛ ومحمود علي أبو جحيشة.

 

اعتقالات من مناطق (سي)

 

تعرض بعض المطلوبين للاعتقال من القاطنين في مناطق (سي) التابعة للسيطرة الأمنية الصهيونية، لمحاولات اختطاف فعلية للتمكن من اعتقالهم. وفي هذا الشأن، أكد عبد الرزاق "محمد خليل" رجبي، وهو والد احد المعتقلين، أن قوة من جهاز الوقائي يرتدي أفرادها ملابس مدنية، قامت عصر الخميس 23/9/2010، ودون التعريف بهويتها، بمحاولة اختطاف ولده أمجد (24 عاماً)، خلال تواجده في أحد شوارع المنطقة الجنوبية، وهي المنطقة المسمى بـ "اتش 2" الخاضعة بالكامل للسيطرة العسكرية الصهيونية.

 

وأكد رجبي، أن محاولة اختطاف ولده من أجل اعتقاله، لم يكن لها أي تبرير كان، فهو ليس مطاردا من أحد، ولم يسبق أن استدعي ورفض. وأشار إلى أن تلك القوة لم تعرف بهويتها إلا لاحقاً بعد أن أثارت بسلوكها حفيظة ولده وانتباه وتجمع وتدخل المواطنين المتواجدين بالشارع.  وفي وقت لاحق جرى اعتقال المواطن المذكور عقب استدعائه ومراجعته الجهاز المذكور.

 

استدعاء العشرات من عناصر الجهاد

 

وفي سياق متصل، شرعت اجهزة السلطة، وبخاصة في محافظتي جنين وطولكرم، باستدعاء العشرات من عناصر وأنصار حركة الجهاد ، وإجبارهم على التوقيع على تعهد بعد تعبئة استمارة ذاتية تتكون من خمس صفحات.

 

وذكر أحد ناشطي الحركة للمركز بأنه قد جرى استدعاء ما يزيد عن مئة مواطن من قبل جهاز المخابرات العامة في المحافظتين المذكورتين، وأجبروا على تعبئة الاستمارة التي تحتوي أسئلة حول النشاط السابق، والأحكام السابقة في سجون الاحتلال، والتردد على المساجد، والعلاقات الاجتماعية، وآخر النشاطات.  وبعد ذلك أُجبروا على التوقيع على تعهد ينص على "عدم مخالفة القانون الفلسطيني ومناهضة السياسة العامة لسلطة رام الله وعدم الانخراط في أي نشاط للجهاد".

 

وأفاد الناشط المذكور أنه جرى اعتقال أربعة من نشطاء الحركة، وجميعهم من بلدة عرابة، جنوب غربي مدينة جنين، وأفرج عن أحدهم هو الشيخ خضر عدنان محمد موسى، 32 عاماً، الذي اعتقل بتاريخ 29/9/2010 وأفرج عنه الأحد الموافق 10/10/2010 وخاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام من لحظة اعتقاله حتى لحظة الإفراج عنه.  وأما المعتقلون الثلاثة الآخرون فهم: أحمد حسني محمود شيباني، 39 عاماً؛ محمد عبد اللطيف محمد شيباني، 35 عاماً؛ وأحمد مازن سليم البوسطة، 35 عاماً.

 

واختتم المركز تقريره، بمطالبة سلطة فتح بالتوقف الفوري عن ممارسة التعذيب من قبل الاجهزة الأمنية في مراكز التوقيف والاعتقال التابعة للسلطة، علماً بأن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم وأن مقترفيها لا يمكن أن يفلتوا من العدالة.