خبر في غـزة.. الفئران تنام ليلاً

الساعة 10:45 ص|11 أكتوبر 2010

في غـزة.. الفئران تنام ليلاً

وكالات- فلسطين اليوم

طفلُ يجلسُ على الركام، يحرسُ جثمان أخيه من الفئران، واللون الرمادي القاتم يطغى على المكان، رائحة الموت، وغبار الدمار، قصة كتبت إبان الحرب العالمية الثانية، حولها المخرج التركي أوزجار أريك والممثل الفلسطيني محمد البكري، إلى فيلم قصير، عرض ليلة أمس الاثنين في رام الله.

ذات القصة، وذات المشاهد، التشابه في الدمار، الحوار بين الأمل والألم، أخذها أريك من الألمانية، وعكسها تماما على طفل غَزي، قضى شقيقه تحت الركام، بعد أن قصف الجيش الإسرائيلي منزله.

وتدور أحداث فيلم 'الفئران تنام ليلا' الذي عرض في إطار فعاليات مهرجان القصبة السينمائي الدولي الخامس، حول طفل منكوب، يجلس ليل نهار فوق الردم والركام، ليحرس جثمان أخيه من الفئران، التي قالت له معلمته أنها تأكل جثث الموتى.

يخترق الفنان محمد البكري، بكوفيته الفلسطينية صمت المكان، يحمل في يده سلة مليئة بغذاء الأرانب، ويدور حوار بينه وبين الطفل، عن سبب مكوثه طويلا فوق الأنقاض، فيجيبه أنه يحرس جثمان أخيه من الفئران.

وتجوب كاميرا الفيلم في الأرجاء، حيث الدمار يعم المنطقة، وصور الشهيد الرئيس ياسر عرفات تدلل على فلسطينية المكان، يدعمها الطفل بروايته للبكري قائلا: 'دمر منزلنا بفعل قنبلة، أخي مات تحت الركام، أحرس جثمانه كي لا تأكله الفئران'.

ويدور حوار بين الطفل والفنان البكري، حيث يحاول الأخير إخراجه من حالة الحزن والإحباط، من خلال إقناعه بضرورة الإنطلاق من جديد متسلحاً بالأمل، ويقول له: 'ألم تقل معلمتكم لكم أن الفئران تنام ليلا'.

ويمضي البكري محاولا إقناع الطفل، باصطحابه لرؤية الأرانب، وأن يترك الفئران وشأنها، إلا أن الطفل بقي مصرا على حراسة جثمان أخيه، متسلحاً بأن الليل لم يحن بعد، وأن الفئران لم تنم بعد، وأنها لا تنام نهاراً.

يتفق الإثنان على أن يبقى الطفل يحرس جثمان أخيه، حتى يذهب البكري لإطعام أرانبه، واعداً إياه بالعودة ومع أحد الأرانب، ليسدل ستار الفيلم على الطفل وهو ينتظر أن يعود البكري بالأرنب ليبدأ من جديد.

رسالة الأمل، وضرورة الإنطلاق من جديد في أعقاب المآسي والصعاب، هي التي أراد الفيلم إيصالها، من خلال المقارنة بين الفئران والأرانب، وبين الأمل والألم، وفق ما يقوله مخرج الفيلم التركي أوزجار أريك.

وحول اختياره لهذه القصة تحديداً لكي يعرض القضية الفلسطينية، قال أريك: 'القصة مؤثرة جدا، شعرت فيها في قلبي، اخترتها لكي اعكس حجم المعاناة الكبيرة التي يمر بها الفلسطينيون في غزة، نتيجة للحصار والحرب'.

وأشار إلى أن القصة الرئيسية لهذا الفيلم القصير هي الأمل، وضرورة تجديد الحياة ببداية جديدة، 'الأمل رغم الألم'.

من ناحيته، قال الفنان البكري: 'الفيلم مأخوذ من قصة خلال الحرب العالمية الثانية، عمل لها المخرج إعدادا لتكون حول قطاع غزة، تم تصويره في تركيا، من أجل مساندة ودعم القضية الفلسطينية عن طريق السينما'.

وأضاف: 'مشاركتي في الفيلم جاءت انطلاقا من كون المخرج التركي تعاطف مع قضيتنا الفلسطينية، وكان لا بد أن أساعده وأقف إلى جانبه، من منطلق وطني إنساني'.

المخرج جورج خليفة، أبدى إعجابه بالفيلم وفكرته، قائلا: 'الفئران تنام ليلا، فيلم قصير جميل رائع، والمخرج لديه حس إخراجي رائع، والفيلم استطاع ايصال الفكرة ببساطة واستخدام تقنيات عالية مميزة جدا'.

وتخللت أمسية الأفلام الفلسطينية القصيرة التي كانت مساء أمس، فيلمان آخران، الأول وهو 'البحث عن زاك' يروي حكاية ثلاثة أصدقاء يبحثون عن صديقهم زكريا، ويحتارون بين اعتقاله فلسطينيا، أو اسرائيليا، أو حتى استشهاده، حتى يظهر لهم في النهاية سالما دون اعتقال أو شهادة.

وينقل الفيلم الثاني 'رؤوس دجاج' المشاهد إلى البادية الفلسطينية، حيث المراعي والماشية، والحياة الصعبة والقاسية، ويروي قصة عامل فلسطيني حالت إصابته دون استمرار عمله في إسرائيل، وينقل العديد من الصور التي تحمل عبرا ورسائل متنوعة'.

وتستمر فعاليات مهرجان القصبة السينمائي الخامس، الذي انطلقت فعالياته في السابع من الشهر الجاري ويستمر حتى الثامن عشر من الشهر ذاته، ويتخلله عشرات العروض المتنوعة في مدن رام الله والقدس وبيت لحم والخليل ونابلس وجنين وغزة.