خبر بيغن ضد بيغن- هآرتس

الساعة 09:52 ص|11 أكتوبر 2010

بيغن ضد بيغن- هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

كما تذكر محاضر الجلسات من ايام حرب الغفران – حينما كان موشيه ديان وزير الدفاع في حكومة غولدا – عُد في منشئي التصور العام الذي ولد في حرب الايام الستة ويرفض أن يموت. كان ديان شريكا نشيطا في مشروع الاستيطان في جميع أنحاء المناطق المحتلة، تحت شعار "شرم الشيخ دون سلام أفضل من السلام دون شرم الشيخ". أعلن ديان بصلف يميز الرجل والعصر انه "ينتظر هاتفا" من العرب. عندما قرر رئيس مصر أنور السادات في سنة 1977 الاتصال بالقدس، كان ديان الذي كان آنذاك وزير خارجية في حكومة بيغن قد صحا من النشوة وفطم نفسه عن إدمان الارض.

بل إن بيغن أصر على الفرصة النادرة التي عرضت له لاحداث انقلاب في العلاقات بزعيمة العالم العربي. فخزن التزامه المعلن أن ينضم الى مستوطنة نئوت سيناي، حينما يحين يوم اعتزاله الحياة السياسية. لم يستجب قائد الايتسل المتقاعد لرفاق العمل السري وأعاد الى مصر جميع الاراضي التي احتلتها اسرائيل في عام 1967. ورد في مقدمة اتفاق كامب ديفيد الذي وُقع في 19 أيلول، أن التفاوض بين اسرائيل وكل واحدة من جاراتها سيتم "من اجل تنفيذ جميع الأوامر والمبادىء في القرارين 242 و338". عبر بيغن نهر الروبيكون باقراره هذه السابقة  التي تقول إن اسرائيل من اجل السلام والتطبيع والترتيبات الأمنية تترجم هذه الأوامر والمبادىء الى انسحاب حتى آخر سنتيمتر. حتى لقد التزم بيغن هناك، في سياق التسوية الدائمة في الضفة الغربية وقطاع غزة "الاعتراف بالحقوق الشرعية لعرب ارض اسرائيل واحتياجاتهم العادلة" (صدق الرئيس جيمي كارتر أن بيغن أبلغه أن اسرائيل ترى مصطلحي "الفلسطينيين" و"الشعب الفلسطيني" معادلين لـ "عرب ارض اسرائيل"). لم يطلب زعيم "المعسكر الوطني" ولم يحصل على اعتراف مصري بأن اسرائيل دولة الشعب اليهودي. وعلى الايام استُعملت جميع هذه المبادىء لصياغة اتفاق السلام مع الاردن وعلى أنها أساس للتفاوض مع سوريا.

بعد عشر سنين من توقيع الاتفاق مع مصر، تبنى المجلس الوطني الفلسطيني في مؤتمره في الجزائر مخطط كامب ديفيد. حدث ذلك بعد جدل داخلي شديد وجر شقاقا مؤلما بين فتح وجبهة الرفض. قبلت منظمة التحرير الفلسطينية القرارين 242 و338 الى جانب طلب تحقيق حق العودة. بعد ذلك بـ 14 سنة، أكمل رؤساء الدول العربية عمل السادات وبيغن وكارتر فصوت مؤتمر الجامعة العربية بالاجماع مؤيدا مبادرة السلام التي تعرض على اسرائيل علاقات تطبيع مقابل انسحاب الى حدود 1967 وحلا عادلا لكنه متفق عليه، لمشكلة اللاجئين بحسب قرار الامم المتحدة 194 (دون ذكر صريح لحق العودة!).

وها هو ذا، في هذه الايام الوزير الكبير زئيف بنيامين بيغن عضو "السباعية" يُعد في رؤوس المعسكر الذي ينكر توقيع أبيه. ففي مقالة نشرها في يوم الجمعة الأخير في صحيفة "هآرتس" عنوانها "روبيكونيون"، يقتبس في سياق ذلك اعلان الرئيس محمود عباس في مطلع ايلول بأنه لن يتخلى عن "المبدأ الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني في 1988 أي الاعتراف بالقرارين 242 و338، وحدود 1967، والقدس عاصمتنا، وحق اللاجئين بحسب قرارات الامم المتحدة ولا سيما القرار 194".

لو كان بيغن الابن عضوا في القيادة الفلسطينية أما كان يُصر على أن يجري التفاوض على أساس الاتفاق الذي يحمل توقيع مناحيم بيغن؟ لم يتوصل اهود اولمرت في الحقيقة الى مكان مساوٍ مع عباس في شأن القضايا المعقدة. إن حصة الأسد من الفروق تكمن في حقيقة أنه عندما التقى بيغن السادات، كان يعيش في المناطق نحو من 24 ألف يهودي في أقل من 40 مستوطنة، أما اليوم فيعيش هناك نحو من 300 ألف مستوطن في 250 مستوطنة وبؤرة استيطانية. مهما يكن الأمر، لماذا لا يحث بيغن رئيس الحكومة الى الاستمرار على التفاوض حتى تقسيم البلاد من المكان الذي وقفت عنده المحادثات؟.

الوزير بيغن على حق. فكما كتب في تلك المقالة – بقي قادة منظمة التحرير الفلسطينية واقفين على مواقف تبناها والده قبل 32 سنة. كم هو مؤسف انه ورفاقه لا يحترمونها وبقوا واقفين على مواقف أفضت الى كارثة يوم الغفران. "هل تأكل السيف الى الأبد" سأل موسيه ديان في كتابه؛ أين علامة سؤالهم؟.