خبر الشائعات مصدر المعلومات ..مصطفى إبراهيم

الساعة 06:58 م|10 أكتوبر 2010

الشائعات مصدر المعلومات ..مصطفى إبراهيم

10/10/2010

في فلسطين الشائعات مصدر رئيس للمعلومات، فالفلسطينيون لا يستقون معلوماتهم من مصادرها الأساسية، هم يتلقوها من خلال الشائعات، وبعض التسريبات الإعلامية خاصة القضايا المصيرية التي تتعلق بقضيتهم، كالمفاوضات والمصالحة الفلسطينية، وطبيعة التنسيق الأمني وعلاقة الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية والدولية، وطرق تدريبها ومصادر تمويلها، ولا يتم مصارحة الفلسطينيين بما يجري في الساحة الفلسطينية.

الشائعات عن ضغوط يتعرض لها الرئيس محمود عباس تملئ الدنيا، والتهديدات الكبيرة التي تعرض لها في حال عدم موافقته على العودة إلى المفاوضات، أو موافقته على إتمام المصالحة مع حركة حماس، و الشائعات هي المصدر الوحيد للمعلومات حول تقديم الرئيس عباس استقالته، واتخاذه قرارات إستراتيجية تتعلق بمصيره وبقاءه كرئيس للسلطة، وغيرها من الشائعات التي طالت كل جوانب حياة الفلسطينيين.

الفلسطينيون لا يعلمون حتى الآن حقيقة الموقف من العودة للمفاوضات وربطها بقضية تجميد المستوطنات مدة شهرين، وهم يسمعون عن تعليق المفاوضات مدة شهر، لكنهم لا يعلمون مدى حقيقة ذلك، وينتظرون عودة الرئيس للمفاوضات في كل وقت، ويتساءل الفلسطينيون عن حقيقة المعلومات التي تتحدث عن قرب التوصل إلى اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وهم ينظرون بعين الشك لذلك.

 وينتظرون أن يطلعهم أي من المسؤولين من الحركتين بصراحة عن المعلومات التي تتحدث عن ذلك وبشفافية، وليس من خلال الشائعات و التسريبات الإعلامية، خاصة بعد التصعيد الإعلامي، وحفلة الردح والسب التي خيمت على أجواء المصالحة المزعومة.

في الدول الديمقراطية يتلقى الناس معلوماتهم من مصادرها الخاصة بشفافية ومن دون مواربة، من الحكومات  والناطقين باسمها أو عبر وسائل الإعلام، وفي كلمة واحدة أو كلمتين يتلقى الناس المعلومة بشفافية.

 وفي المجتمعات المتخلفة وغير الديمقراطية تعمل السلطات على بذل أقصى جهد من اجل حجب المعلومات عن المواطنين، وتنتشر الشائعات وتتخذ أشكالاً متعددة في التأثير على المجتمع وصلابته وتهديد بنيانه، وهدم قواعده ونسيجه الاجتماعي، خاصة في حالتنا الفلسطينية المركبة والمعقدة.

في قطاع غزة خلال الأسابيع الماضية صاحبت الحملة الأمنية التي شنتها الأجهزة الأمنية ضد العملاء والمشتبه بهم في التعاون مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، انتشار الشائعات بشكل جنوني وسيطرت على الحال العام للناس.

وخلال الأسبوع الماضي أصيب العشرات من تلاميذ إحدى المدارس في مدينة غزة بحالات تسمم وإغماء وهلع جراء تناولهم شراب الحليب والبسكويت، وانتظر الناس طويلاً قبل أن يخرج مصدر مسؤول في الحكومة وتزويدهم بالمعلومات حول ما جرى، وتضاربت المعلومات حول الحادث، وفي وقت صرح مصدر في الخدمات الطبية أن 40 طفلا أصيبوا بالتسمم وتلقوا العلاج في المستشفيات وغادروها، في حين قالت وزارة التربية والتعليم أن 3 تلاميذ أصيبوا بالتسمم وغادروا المستشفى.

المعلومات الأكيدة، ومن مصادرها الميدانية تحدثت عن تسمم أكثر من 40 طفلاً، وجرى ذلك خلال يومين وفي مدرستين وليس في مدرسة واحدة، وان التلاميذ تلقوا العلاج في مستشفيين وغادروها بعد تلقي العلاج، ولم تسجل إصابات خطيرة بحمد الله، وسواء كانت الإصابات 3 أو 40 فالحادث خطير ويدق ناقوس الخطر ويجب اخذ العبر من ذلك، من خلال فرض الرقابة الصارمة على الأغذية التي يتناولها الأطفال في المدارس والتفتيش عليها، وطريقة تخزينها في المدارس وصلاحية مخازنها، وهل هي صالحة للتخزين أم لا؟

وللقضاء على الشائعات يكون من حق المواطنين الحق في الحصول على المعلومات أمر ضروري ومهم، ما يعزز من ثقافة الشفافية والمكاشفة لدى المسؤولين في السلطة سواء فيما يتعلق بقضاياهم المصيرية أو اليومية الداخلية، وتوعية أولئك المسؤولين على مدى أهمية تمكين الناس من الحق في الحصول على المعلومات بسهولة.

والحق في الحصول على المعلومات لا يتعلق بالموضوع السياسي  على أهميته من خلال اطلاع الناس على كافة المعلومات فيما يتعلق بالمفاوضات والتنسيق الأمني والمصالحة الوطنية، بل يطال كل قطاعات المجتمع الفلسطيني العامة والخاصة، والقضايا التي لها تأثير على المجتمع والبيئة المحيطة به في الشأن الداخلي والهم اليومي للناس.

 وتعزيز دور وسائل الإعلام والصحافيين وتسهيل عملهم وعدم حجب المعلومات عنهم، وتسهيل وصولها للناس، من خلال الإعلان عن الجهات المسؤولة عن إيصال المعلومات للناس، حتى لا تصبح الشائعات هي المصدر الوحيد للناس كما هو حاصل في حالتنا الفلسطينية الملتبسة والمعقدة.