خبر الروبيكيون- هآرتس

الساعة 10:14 ص|10 أكتوبر 2010

الروبيكيون- هآرتس

بقلم: زئيف ب. بيغن

(المضمون: طالما واظبت م.ت.ف على مواقفها المتطرفة، طالما لم تتنكر لبرنامج فتح السياسي، وللذكر المتكرر للهدف الدائم "لتصفية الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين" – لا يمكن لاي حكومة في اسرائيل، من اليمين ومن اليسار أن تحقق اتفاق سلام - المصدر).

هل اجتاز الروبيكون؟ هل بالفعل اجتاز. أم أنه فعل ذلك فقط بشكل ثقافي أم بشكل عقلي أيضا؟ هل يمكن أن نعد منذ الان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضمن الاخيار؟ وكيف سنعرف؟

النقاش السياسي – الاعلامي هذا في اسرائيل، الذي يكرر نفسه حتى التعب، يعاني من ضعف جذري: فهو يعتمد، بتوجيه موجه، الى فرضية عابثة خفية تقضي بانه يكفي استعداد اسرائيلي لتنازلات كبيرة كي يأتي السلام على اسرائيل.

        هذه الفرضية فحصت مرتين في العقد الاخير ومرتين دحضت – رئيسا وزراء في اسرائيل، من حزبين مختلفين، اقترحا في 2000 و في 2008 تنازلات بعيدة الاثر على قيادة م.ت.ف، وهذه ردت اقتراحاتهما. ولتبديد الانطباع القاسي الذي خلفته سلسلة الاخفاقات منذ تنازلات اوسلو طرح محترفو السلام ذراع موضعية: فقط اعطوهم جولة اخرى من التنازلات وسيكون كل شيء على ما يرام.

        وها هم قادة م.ت.ف لا يحتاجون الى الذرائع. في الاشهر التي تلت فشل المفاوضات مع رئيس الوزراء ايهود اولمرت اقترحوا لذلك اسباب جوهرية اخرى، أجملها محمود عباس (ابو مازن) ببساطة وحشية: "الفوارق كانت واسعة" ("واشنطن بوست" 29/5/2009). تفصيل مفصل أكثر بقليل عرضه مؤخرا النائب احمد الطيبي ("هآرتس" 7/9/2010): "الحد الاقصى الذي كان يمكن لاولمرت ان يقترحه في حينه لم يصل الى الحد الادنى الذي كان بوسع ابو مازن و م.ت.ف قبوله". ولمعرفتنا بمواقف م.ت.ف يمكن القول بان هذه التوقعات السياسية دقيقة وسارية المفعول.

        بهذا المفهوم، كتلة كديما في الكنيست، التي تطالب بشهادة تسويغ سياسية من رئيس الوزراء نتنياهو، لم تجتز بعد الروبيكون كما ينبغي. اعضاء الكتلة وزعيمتهم عادوا ليقولوا ان الاقتراحات التي تقدم بها زعيمهم رئيس الوزراء اولمرت لابو مازن لم تكن بعيدة المدى ولم تكن هذه غير اقتراحاته الخاصة، التي جاءت دون التشاور معهم. وبالتالي، وحسب تحفظهم المتأخر فان الحد الاقصى الذي هم مستعدون لاقتراحه بالتأكيد لا يصل الى الحد الادنى الضروري الذي تطالب به م.ت.ف لتحقيق الاتفاق.

        ولما كان الروبيكيون عندنا يئسوا من احتمال أن تغير م.ت.ف مواقفها المتطرفة، فانهم يخلقون قواعد لقرار سياسي فريد من نوعه. كي تلتقي تطلعات اسرائيل وم.ت.ف فان اسرائيل مطالبة بان تقترب من مواقف م.ت.ف، التي بقيت ثابتة، وهي وحدها مطالبة بتقديم التنازلات.

        ليس فقط بقي قادة م.ت.ف عالقين في مواقفهم في العشرين سنة الاخيرة بل انهم أيضا يتباهون بذلك. مؤخرا أعلن ابو مازن ("الايام" 9/6/2010 من موقع "ميمري"): "لن نتنازل عن الامور الاساس. منذ دورة "الدولة الفلسطينية" للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر 1988، والذي اعترفنا فيها بقرار 242 و 338 حتى اليوم – اين التنازلات عن المبادىء؟ نحن نقول حدود 67، القدس عاصمتنا، وحقوق اللاجئين حسب قرار الامم المتحدة ولا سيما 194، وكذا المياه هي حق حسب القانون الدولي. كلمة واحدة لم تتغير منذ ذلك الحين وحتى اليوم. هذا لم يحصل ولن يحصل".

        صحيح، وبناء على ذلك، لا تكتفي قيادة م.ت.ف بمعارضتها القاطعة للاعتراف باسرائيل كدولة الشعب اليهودي، بل وتعلل ذلك علنا بالقول: "من ناحيتنا توجد دولة اسرائيل ولن نعترف بها كدولة يهودية. طرح الموضوع يستهدف حرمان العرب مواطني اسرائيل من حقوقهم وجعلهم مواطنين غير قانونيين وكذا تصفية كل فرصة لعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم داخل اسرائيل" (ابو مازن، "القدس"، 7/9/2010).  وفي الغداة اضاف نبيل شعث في مؤتمر صحفي في رام الله ("هآرتس" 8/9/2010): "السلطة الفلسطينية لن تعترف باسرائيل ابدا كدولة الشعب اليهودي. هذا الاعتراف سيهدد بشكل مباشر المسلمين والمسيحيين في اسرائيل وسيمنع اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا منازلهم وقراهم قبل بضعة عقود، بتحقيق حق العودة اليها".

        وعليه، فان البرهان المقنع الوحيد على أن حكومة اسرائيل قد اجتازت الروبيكون حقا هو تبني مطالب م.ت.ف للتوقيع على اتفاق معها. وبالنسبة لخبرائنا في اجتياز الانهار هناك نتيجة واحدة: فهم يضعون على اسرائيل كامل المسؤولية عن الفشل المتكرر في تحقيق اتفاق مع م.ت.ف .

        ولكن الاستنتاج المنطقي من اخفاقات المفاوضات في الـ 17 سنة الاخيرة معاكس بالذات: طالما واظبت م.ت.ف على مواقفها المتطرفة، طالما لم تتنكر لبرنامج فتح السياسي، الذي جدد في مؤتمرها السادس في بيت لحم في آب 2009 وللذكر المتكرر للهدف الدائم "لتصفية الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين" – لا يمكن لاي حكومة في اسرائيل، من اليمين ومن اليسار أن تحقق اتفاق سلام.