خبر حان الوقت لإقالة ليبرمان.. بن ييشاي

الساعة 10:19 ص|08 أكتوبر 2010

حان الوقت لإقالة ليبرمان.. بن ييشاي

لا يفتأ وزير الخارجية يضر بمصالح (إسرائيل)، في مواقف عديدة كان آخرها خطابه المتهور في الأمم المتحدة.

 

السياسي الذي يستغل منصبه كوزير للخارجية في الحكومة الإسرائيلية للترويج لعقيدته السياسية (التي لا تمثل، في أفضل الأحوال، سوى رؤية حزبه) من فوق أهم المنابر الدولية وأكثرها احتراما، هو ببساطة شخص وقح. في الدولة الطبيعية لا يُتخيل أن يلقي وزير في منتدى دولي، خطابا دبلوماسيًا رئيسا، من المفترض أن يعكس موقف الحكومة والدولة، دون التنسيق مع رئيس الوزراء ونظرائه وأخذ الموافقة على مضمونه، أو على الأقل مخططه الأولي.

 

بيدَ أن الغطرسة والاحتقار اللذَين أظهرهما وزير الخارجية الإسرائيلية في خطابه أمام الأمم المتحدة، الثلاثاء، لرئيس الوزراء ولمسئولياته كوزير، ولعلاقات إسرائيل العامة، ولمواطنيها، تسببت في ضرر مركب. فقد أظهر ليبرمان رئيسَ الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إيهود باراك، بل والحكومة الإسرائيلية بأكملها، بلباس الخديعة إن لم يكن الكذب الصريح؛ كما لو كانوا لا يقولون الحقيقة حينما أعلنوا عن وجود فرصة حقيقية لتأمين اتفاق سلام مع الفلسطينيين خلال عام.  فقد أعلن ليبرمان، وزير الخارجية، للعالم بأسره أن أقصى ما يمكننا تحقيقه هو اتفاق مؤقت طويل الأجل، أي أن ما قاله نتنياهو وباراك للرئيس نتنياهو مجرد كلام فارغ.

 

نسف المحادثات

 

لقد قوَّض وزير الخارجية صورة إسرائيل كدولة ديمقراطية مستنيرة حينما قدَّم لجمهوره اقتراحا بالتخلص من بعض مواطني إسرائيل العرب عن طريق (تبادل الأرض والسكان). ولا يهم على الإطلاق ما إذا كان مثل هذا الاقتراح قد جرت مناقشته بالفعل في (تل أبيب) أم أنه لا يوجد فقط إلا في عقل ليبرمان. وقد تحوَّل مثل هذا الاقتراح إلى سلاحٍ قوي في أيدي المخيم الكبير الذي يسعى لتقويض شرعية دولة إسرائيل.

 

قليلون في إسرائيل والخارج سيجدون أوجه تشابه بين كلمات ليبرمان والخطابات التي ألقاها غيره من السياسيين المضللين، من أمثال محمد أحمدي نجاد، أو هوجو تشافيز. هؤلاء المغرمون بالانتقاص من إسرائيل لا يعيرون انتباها إلى الفروق الدقيقة ويفضلون تجاهلها. إن اقتراح تبادل الأرض والسكان جعل الجمعية العامة للأمم المتحدة تبدو كهيئة أكثر ليونة تهدف إلى نفس الشيء الذي أشار إليه نجاد.

 

لقد قدم ليبرمان لمحمود عباس انتصارًا سياسيًا على طبق من فضة. ولم يؤكد كلامه في الأمم المتحدة إلا على مخاوف الرئيس الفلسطيني من نوايا الإسرائيليين الذين يتحدثون عن دولتين لشعبين، لكنهم في الواقع يشيرون إلى اتفاق انتقالي آخر يعزز الوضع الراهن مع تغيرات خفيفة (معظمها يصب في صالح إسرائيل) على الأرض.

 

كما عززت كلمات ليبرمان مطالب عباس بتجميد بناء كامل للاستيطان كدليل حقيقي على أن نتنياهو يرغب فعلا في خوض نقاشات وتقديم تنازلات موجعة من أجل التوصل لاتفاق سلام. فضلا عن ذلك، إذا استُئنِفَت المحادثات المباشرة سيكون عباس قادرا على الادعاء في مواجهة أي خلاف بأن أي حكومة إسرائيلية تضم ليبرمان ليست راغبة بصدق في إقامة دولة فلسطينية وتهدف إلى تطبيق خطة ليبرمان.

 

من الصعوبة معرفة ما الذي دفع ليبرمان لاتخاذ مثل هذا الإجراء الوقح والتصرف الطائش. وزير الخارجية ليس غبيا وقطعا يفهم الآثار المترتبة على هذا الخطاب. وعليه فالانطباع الذي خرجنا به هو أن الدافع الرئيس كانت رغبته الأيدلوجية في نسف المفاوضات مع الفلسطينيين وطموحه السياسي بتنصيب نفسه كرئيس حقيقي للمعسكر اليميني الإسرائيلي.  ومع ذلك، لا تزال الكرة إلى الآن في ملعب نتنياهو، باعتباره الضحية الرئيسية لهذا الخطاب، على المستويين الشخصي والسياسي.

 

رد هشّ

 

كان بإمكان رئيس الوزراء تقليل الدمار الناتج عن الخطاب بنقدٍ لاذع أو بيان صريح عقب حديث ليبرمان، يعلن فيه أن كلمات وزير الخارجية لا تعكس مواقف الحكومة الإسرائيلية ولا قراراتها فيما يتعلق بإجراء المحادثات مع الفلسطينيين، وأنه يعتزم توجيه اللوم لليبرمان.

 

لكن رئيس الوزراء قال فقط: إن الخطاب لم يُنَسَّق معه، وأن نتنياهو هو الذي يشارك في المحادثات مع الفلسطينيين. هذه الرسالة الهشة الغامضة عززت فقط الانطباع القائل بأن خطاب ليبرمان كان أكثر من مجرد كلام فارغ.

 

وحتى لو أصدر نتنياهو بيانًا لاذعًا، الآن، ستستمر المشكلة. وعليه فالأضرار المتراكمة التي تعاني منها إسرائيل ونتنياهو نتيجة تواجد ليبرمان على رأس وزارة الخارجية، تبرر الدعوة، التي نسمعها في أوساط العوام أيضًا، بإقالة ليبرمان، أو على الأقل نقله لموقع آخر، تكون الخسائر التي يتسبب فيها معتدلة.

 

الآن، حينما تنمو عزلة إسرائيل الدولية وتهدد أمنها وقدرتها على التعامل مع التهديد الإيراني، لا يمكنها تحمل وزير خارجية متهور ولا يمكن توقعه. لذلك، بإمكان نتنياهو، بل ينبغي عليه، أن يقيل ليبرمان. مثل هذه الأمور حدثت من قبل: أقال إرئيل شارون وزراء عارضوا سياسته، وكذلك فعل نتنياهو خلال فترة ولايته السابقة، حينما أقال إسحاق مردخاي.

 

على كل حال، كما هو واضح، لم يتخل نتياهو بعد عن ليبرمان كشريك في التحالف الحكومي ولذلك يستمر في دعمه. وظهر أن خشية رئيس الوزراء من تواجد ليفني وكاديما في الحكومة تفوق غضبه حيال الأضرار التي تحيق بإسرائيل بسبب ليبرمان. ويبدو أن اعتبارات أيدلوجية البقاء الخاصة برئيس الوزراء أكثر أهمية بالنسبة له من المصالح الدبلوماسية للدولة.