خبر وَيْلي، اتصال فلسطيني..هآرتس

الساعة 06:50 م|05 أكتوبر 2010

بقلم: عكيفا الدار

إن حال المدينة الفلسطينية روابي، التي أخذت تُبنى شمال غربي رام الله، تدل كيف أصبح اتفاق اوسلو السيء الذكر في حلقات اليمين ذخرا عزيزا على المستوطنين. فالى جانب نضالهم لتجميد البناء المؤقت في المستوطنات، فتحوا جبهة مضادة لتهيئة شق شارع الوصول الى المدينة التي تقع على تسعة كيلومترات من عاصمة السلطة الفلسطينية. "تبين" للمستوطنين أن مسار الشارع يبلغ المنطقة ج، عند ظاهر مستوطنة عتيرت حقا. ولن يسمحوا ألبتة أن توافق الحكومة على هذا الشارع. فالحديث عن مناطق (60 في المائة من الضفة) تخضع لسيطرة اسرائيل الأمنية والمدنية! فكيف يمكن نقض نظرية مجرمي اوسلو؟.

        وهكذا يعملون، في نهاية آب دعا أناس المستوطنات المجاورة الوزير موشيه كحلون ليشاهد موقع بناء روابي. وأبلغ موقع "سروغيم" في الانترنت أن الوزير نظر في خريطة تُبيّن أن الشارع الى روابي سيصل رام الله – بير زيت – روابي – نابلس وينشيء اتصالا بين المناطق الفلسطينية عظيم الشأن. ووعد وزير الاتصالات بالكشف عن المؤامرة في جلسة وزراء الليكود القريبة. في مباحثة تمت في حلقة وزراء الليكود وجه أكثر الوزراء انتقادا الى الأنباء التي تقول ان رئيس الحكومة ينوي أن ينقل الى السلطة الفلسطينية 500 دونم من اجل شق الشارع. ومن اجل المقارنة نقول ان "اراضي الدولة" التي تخصصها اسرائيل للمستوطنين فقط تشمل نحوا من مليون دونم. استغل نتنياهو الفرصة للشكوى لانهم "يبنون مدينة كاملة بتشجيع منا ويشاجروننا على كل بيت في يهودا والسامرة".

        قبل بضعة ايام سكّن نائب وزير الدفاع متان فلنائي أناس ضفتين للخط الاخضر بأن هذه ايضا لنا. وفي رد على مساءلة من عضو الكنيست اوري اريئيل من الاتحاد الوطني تتعلق بشارع الخصومة، أعلن عضو الحزب الذي أبدع اوسلو، ان الحكومة تبنت موقف منسق العمليات في المناطق، ورفضت طلب الفلسطينيين. وهذا غير مهم ألبتة في الحقيقة. فالاتفاق الدائم سيجعل اوسلو تاريخا، كما قال نتنياهو.

        صورة الضحية

        من الامور المشهورة أن العرب لا يحتاجون الى ذرائع لقتل اليهود. وتعلمون أن يهودا يكرهون انفسهم فقط يؤمنون بوجود صلة بين سلوك الطرف الاسرائيلي في المناطق المحتلة وبين اعمال العنف من الجانب الفلسطيني. أصحيح هذا؟ لا بحسب مقالة ستنشر في الايام القريبة في المجلة المهمة "أحداث الاكاديمية الوطنية للعلوم"، التي تصدر في واشنطن. تُبين المقالة على نحو علمي، انه بخلاف الرواية المقبولة التي تقول ان "اسرائيل  ترد فقط" على العنف الفلسطيني – فان دائرة العنف تدور في الاتجاهين. يعترض ثلاثة باحثين – البروفيسورة نانسي كانفيشر من الولايات المتحدة، والدكتور يوهانس هاوسوفر من سويسرا والبروفيسورة عنات بلتسكي من اسرائيل – على مقالات سابقة تزعم ان الفلسطينيين لا يحتاجون الى تحرش الاسرائيليين، وأن العمليات واطلاق صواريخ القسام لا تأتي ردا على عمليات الاغتيال والهجوم من قبل اسرائيل. تلخص المقالة تحليلا احصائيا لمعطيات القتلى واطلاق صواريخ القسام في السنين 2000 – 2008، التي نشرها متحدث الجيش الاسرائيلي ومنظمة "بتسيلم". تم التحليل بحسب طريقة احصائية  تدعى "انكفاء ذاتي موجه" تُمكّن من عزل وتحليل تأثير هجمة عنف واحدة من جانب على الجانب الآخر.

        يؤكد الدكتور هاوسوفر، وهو خبير اقتصاد وخبير بعلم الأعصاب البيولوجي من جامعة زيوريخ، أن البحث يُبين أنه ما دام جانب يهاجم الجانب الآخر فانه يستطيع أن يعلم في شبه يقين تام أن الجانب الثاني سيرد بعنف. وبهذا يسبب في واقع الامر وعلى نحو مباشر وقوع قتلى فلسطينيين آخرين أو هجوما بالصواريخ على اسرائيل. على حسب النموذج الذي تعرضه المقالة، عندما تقتل اسرائيل مثلا خمسة فلسطينيين، فان احتمال أن يُقتل اسرائيلي من الغد على أيدي فلسطينيين يرتفع بـ 50 في المائة.

        يُبين هاوسوفر انه ورفيقتيه أجروا الفحص من اجل "تنقية" الخطابة والآراء المسبقة والحجج العقائدية، وحصر البحث في الحقائق وتحليلها العلمي السليم. وتشير البروفيسورة كانفيشر التي ترأس "مختبر كانفيشر" لبحث الدماغ في المعهد التكنولوجي في ماساشوسيتس (MIT) الى انحراف معرفي عند الطرفين، اللذين لا يريان مسؤوليتهما عن الرد واستمرار الصراع. "مثلا، برغم أن الاسرائيليين هم الجانب المحتل فانهم يرون أنفسهم ضحايا الطرف الثاني".

        تزعم البروفيسورة كانفيشر، دون صلة مباشرة بنتائج البحث التي تعرضها المقالة، أن الاسرائيليين لا يفهمون دورهم في إحداث عنف الطرف المقابل. ولهذا تقترح أن يصرف مقررو السياسات في الولايات المتحدة انتباههم الى أن اعمالا مثل سلب الارض الفلسطينية والمس بحقوق الانسان الأساسية تحافظ على استمرار الصراع. ومن طبيعة الأمر أن يفضي الصراع الى مستوى ما من العنف.

        وتقول المشاركة الثالثة في المقالة، البروفيسورة في الفلسفة في جامعة تل ابيب عنات بلتسكي، أن المقالة تزيح البساط العلمي من تحت زعم أن الصراع هو من جانب واحد، وان الفلسطينيين يهاجمون اسرائيل في حين ان اسرائيل "ترد فقط". وتقول بلتسكي التي ترأست لسنين طويلة منظمة  "بتسيلم": "نأمل أن تسهم المقالة بحقائق وأرقام لبحث الصراع على نحو عام". وتسهم هي ايضا بتشخيص سياسي خاص بها. تقول: "لا أحتاج الى ابحاث علمية لأقرر أن جميع سلوك الفلسطينيين رد على الاحتلال الاسرائيلي. لأنه يكفي العقل المستقيم من اجل ذلك".