خبر نظرية القرارات في حكومة اسرائيل..هآرتس

الساعة 06:49 م|05 أكتوبر 2010

بقلم: نحميا شترسلر

بعد زمن قصير من اعلان الفلسطينيين وقف التفاوض مع اسرائيل "حتى تجديد التجميد" رد بنيامين نتنياهو ودعا محمود عباس الى العودة الى طاولة المباحثات "من اجل التوصل الى اتفاق اطار في غضون سنة". وقال أمس إننا في أوج اتصالات حساسة مع الامريكيين قصدا الى التوصل الى حل يُمكّن من معاودة التفاوض وطلب الى الوزراء عدم الكلام في الموضوع.

        لكن وزير الرفاهة، اسحق هرتسوغ، لم يوافق على الصمت. فقد اقترح هرتسوغ أن يُجمع على عجل المجلس الوزاري المصغر السياسي – الأمني لبحث الوضع وذكر "أننا موجودون في زمن حرج في كل ما يتعلق بمستقبل المحادثات مع الفلسطينيين، ولا يمكن ألا توضح قضايا مصيرية جدا لمستقبلنا في مستوى مجلس وزاري مصغر أو حكومة".

        الحقيقة هي أن وضعا متناقضا كهذا، من عدم بحث موضوع حرج، ممكن وممكن ايضا عندنا. يتبين انه برغم انه يوجد ثلاثون وزيرا ومجلس وزاري مصغر وحتى "سباعية"، فان القرارات المصيرية يتخذها شخصان فقط: رئيس الحكومة ووزير الدفاع. ولا يشارك سائر الوزراء في العملية. بل يُستعملون فقط مثل ختم مطاط. هكذا كانت الحال في الماضي وهي كذلك اليوم.

        في تقرير اخباري نشر في عيد العرش تحدث ارييه درعي عن فترة حرب الخليج الاولى في 1991. كان آنذاك وزيرا شابا في حكومة اسحق شمير، وبعد يومين من الهجوم بالصواريخ على اسرائيل اجتمعت الحكومة لتحسم قرار مهاجمة العراق. كان وزير الدفاع موشيه آرنس مؤيدا للهجوم، وكذلك ايضا اريئيل شارون، ورفائيل ايتان، ورحبعام زئيفي ويوفال نئمان. وعارض وزراء آخرون التدخل في العراق لكنهم صمتوا. لأن بعضهم خاف إغضاب آرنس ولم يُرد بعضهم أن يُعدّ "ليّنا" في حكومة يمين. لكنهم وبهدوء، من وراء ستار، شجعوا درعي على التعبير عن المعارضة، وهكذا كان الوحيد الذي تحدث معارضا الهجوم على العراق.

        كان استنتاج درعي الحزين أن الحسابات الشخصية والسياسية سبقت عندهم مصلحة الدولة. ويتحدث درعي ايضا عن أن رجال العسكر الذين حضروا المباحثة حاولوا إسكاته، الى أن اضطر الى أن يقول لهم ان الحكومة هي قائدة الجيش لا العكس.

        ويؤتى بمثل آخر في هذا الشأن في مقابلة صحفية مع الوزير ميخائيل ايتان نشرت هي ايضا في عيد العرش. سئل ايتان عن احتمال أن تهاجم اسرائيل ايران، وقال ان الحكومة لم تبحث الشأن الايراني قط، ولا مرة واحدة، برغم أن معنى الهجوم على ايران هو الحرب والصواريخ على تل ابيب والقتلى الكثيرون. وقال ان القرار على الهجوم سيحسم بين نتنياهو واهود باراك فقط بالتعاون مع المستوى العسكري، ولن يُشرك سائر الوزراء ألبتة. والمدهش أن ايتان يؤيد طريقة "اتخاذ القرارات" العجيبة هذه ويقول إن هذا وضع سليم وصحيح.

        اتخذ اهود اولمرت وحده ايضا القرار على بدء حرب لبنان الثانية في صيف 2006. قرر اولمرت أن يعلم حزب الله درسا، في غضون دقائق منذ علم باختطاف جنديين على الحدود الشمالية. بعد ذلك منحته الحكومة تأييدا آليا لبدء الحرب، ولم يعبر أي وزير عن المعارضة أو يقترح بدائل.

        يتعلم طلاب ادارة الاعمال كيف يتخذون القرارات على نحو صحيح: كيف يُعدون المعلومات ذات الصلة ويقدمونها للحاضرين في وقت مبكر، وكيف يديرون نقاشا يسمعون فيه جميع الآراء بل يشجعون إسماع فرضيات شاذة، تتحدى الرأي المقبول. ولما كنا نعيش في عالم غير يقيني، فلكل قرار عدة نتائج ممكنة ذات احتمالات مختلفة. ويتعلمون في حلقة دراسية اخرى (نظرية القرارات)، كيف يبنون شجرة قرارات تشتمل على جميع امكانات الحل، مع النتائج المختلفة واحتمالاتها، والحساب وايجاد ما هو القرار ذو القيمة العليا.

        لكننا كما تعلمنا من درعي، ومن ايتان واولمرت، لا نحتاج في حكومتنا الى مسار منظم لاتخاذ القرارات. ولا يجب أن نسمع ايضا جميع الآراء. يُحسم القرار عندنا على كل حال بين اثنين، رئيس الحكومة ووزير الدفاع. اذا كان الامر كذلك فلماذا نحتاج الى الوزراء الـ 28 الآخرين؟.