خبر في تلك الايام، في هذا الزمن..معاريف

الساعة 06:46 م|05 أكتوبر 2010

بقلم: عوفر شيلح

أول ما يصدمك هو مستوى النقاش. هذه هي الساعات الحرجة من الحرب. يجب اتخاذ قرارات مصيرية على الانتشار، انقاذ الجنود المحشورين، سلم الاولويات لتفعيل سلاح الجو والاحتياط، ووجهة الجهود السياسية.

        لنفترض ان وزير الدفاع جاء من مقر الوزارة، وهو يفهم حقيقة الوضع على الارض، ويعرف المعطيات – لنفترض، إذ ليس لهذا أي دليل في اقواله ولم يكن لهذا أي تلميح في قراراته. ولكن رئيس الوزراء، الشخص الذي يفترض أن يتخذ القرار النهائي، لا يحصل على أي صورة مرتبة باستثناء اقوال عامة لديان. ليس لها مشورة، ليس لديها دراسة، لا شيء. الاقوال نفسها، له ولها وللاخرين، هي خليط لا يطاق من العبارات المنمقة ("العرب يريدون أن يراهنوا على كل بلاد اسرائيل"، "هذه هي الجولة الثانية منذ 1948")، أقوال تبجح وانهزامية.

        الامر الثاني الذي يصعق هو بعض الاقوال التي قيلت لم تكن تقوم على اساس الوقائع، بل ما يسميه رئيس الاركان اليعيزر نفسه "wishful thinking". ددو يصف، مثلا، نتائج هجوم سلاح الجو في سوريا في ذاك اليوم (الحملة التي تسمى "عارض ازياء 5"): "في هجوم الصواريخ شلت 27 بطارية من أصل 36"، يقول. عمليا اصيبت في الهجوم بطاريتان فقط. صحيح، في معمعان المعركة من الصعب الطلب من الاستخبارات ايضا ان يأتي بمعطيات دقيقة. ولكن اذا لم تكن هناك معطيات، فلماذا ذكر مثل هذه الارقام؟ كيف تنشأ، انطلاقا من الفشل الاشكالي للاستخبارات وللتنفيذ، صورة على هذا القدر من التفاؤل في الحقائق، ومن جهة اخرى التشاؤم في التقدير؟

        الامر الثالث هو الفهم كم هي العقلية تقرر الوعي والقرارات، اكثر بكثير من أي معرفة كانت. فقد عرفت اسرائيل من مصادرها بان الخطط الحربية المصرية تملي التقدم نحو خط محدود من نحو 10 – 15كم عن القناة. ولكن عقلية "العرب يريدون أن يراهنوا على كل بلاد اسرائيل" والايمان باساطير مثل "الجيش الاسرائيلي سينقل الحرب الى ارض العدو"، حتى عندما لا يكون لهذا أي اساس في الوضع العسكري بحقيقة أمره، تملي في نهاية المطاف القرارات.

        إذ هيا لا ننسى. بعد يوم من هذا النقاش ينطلق الجيش الاسرائيلي الى الهجوم المضاد المشوش والمحمل بالمصيبة في 8 تشرين الاول: فرقة بيرن تتلقى اوامر مثل "اذا وصلت الى القناة وتمكنت من العبور، فاعبر"، شارون يسافر الى الجنوب وبعد ذلك الى الشمال دون غاية، والجيش الاسرائيلي يتكبد خسائر فادحة وضربة معنوية شالة. سلاح الجو يتراكض في الايام الاولى جنوبا وبعد ذلك شمالا ومرة اخرى جنوبا، يفقد طائرات بوتيرة عالية ولا ينجح في التركيز على قبضة ذات مغزى تغير صورة القتال في أي مكان كانت. في نهاية 8 تشرين الاول باتوا يتحدثون عن "خراب البيت الثالث" وعن الخيارات التي محظور حتى ذكرها باسمها. ولكن اذا كان هكذا تحدث غولدا وديان وددو والون في 7 تشرين الاول، فما الذي يفاجئهم؟

        والامر الاخير هو السؤال الحاد – ما الذي تغير حقا؟ إقرأوا بروتوكولات حرب لبنان الثانية: الوضع مختلف بالطبع من الاقصى الى الاقصى: هنا هجوم مفاجىء لجيوش نظامية في جبهتين وهناك عملية اختطاف محلية لمنظمة عصابات. هنا رد مع كل القوة المتوفرة وهناك عملية مبادر اليها. ولكن بقيت على حالها ذات نزعة التبجح الفارغة بدلا من البحث الموضوعي، ذات العقلية ("نحن نتعرض للهجوم") التي تملي فهم الواقع في خلاف تام مع ما يحصل، تلك المعرفة "ما يريده العرب" والتي ليس لها أي صلة بالعرب الذين هم حقا موضع الحديث. إذ ان هؤلاء موجودون في صيف 2006 وفي خريف 2010، مثلما كانوا في صيف 1973، في نقاش سياسي وفي نقاش عسكري، في تلك الايام وفي هذا الزمن.