خبر كتب الدكتور أيوب عثمان ..بل ليتك تفعلها يا أبا مازن!!!

الساعة 07:45 م|04 أكتوبر 2010

كتب الدكتور أيوب عثمان ..بل ليتك تفعلها يا أبا مازن!!!

 

كاتب وأكاديمي فلسطيني – جامعة الأزهر بغزة

 

تحت عنوان "لا تفعلها يا أبا مازن..."، نشر ناصر اللحام على وكالة معاً الإخبارية مقالاً هو كاتبه، يناشد فيه أبا مازن "ألا يفعلها" فيستقيل من الرئاسة والقيادة والزعامة، قائلاً له في الفقرة الاختتامية لمقاله: "يا أبا مازن نريد وحدة وطنية ونريد انتخابات جديدة، وبعدها إذا تريد أنت والقيادة الحالية قدم استقالتك.... ويا حبذا لو يستقيل معك قادة حماس أيضاً وقادة الفصائل الأخرى التي تتحمل مسؤولية الهزيمة الداخلية التي لحقت بنا..."

إذا، فناصر اللحام لا يمانع في استقالة أبي مازن، شريطة أن يكون ذلك بعد أن ينجز لنا الوحدة الوطنية والانتخابات النيابية الجديدة، كما أنه لا يمانع، بل إنه يحبذ، أن تتزامن أو تترافق استقالة أبي مازن مع استقالة "قادة حماس وقادة الفصائل الأخرى التي تتحمل مسؤولية الهزيمة الداخلية التي لحقت بنا"، على حد تعبير اللحام. والسؤال هنا: هل يعني اللحام أن الذين يتحملون مسؤولية الهزيمة الداخلية التي لحقت بنا هم قادة الفصائل الأخرى، باستثناء حماس، أم أنهم قادة حماس ومعهم قادة الفصائل الأخرى؟ فإن كان يعني أن المسؤولين عن الهزيمة الداخلية التي لحقت بنا هم قادة حماس وقادة الفصائل الأخرى، فقد كان ينبغي له أن يستخدم الاسم الموصول المذكر (الذي) بدلاً من الاسم الموصول المؤنث (التي)، كما كان ينبغي له أن يستخدم الفعل (يتحملون) بدلاً من الفعل (تتحمل). أما النص كما كتبه اللحام، فيعني – دون لف أو مداورة أو مناورة أو محاورة – أن قادة حماس لا يتحملون مسؤولية الهزيمة الداخلية التي لحقت بنا، وإنما الذين يتحملونها هم، فقط، قادة الفصائل الأخرى، دون حماس!

وإذ أعود إلى عدم ممانعة اللحام من أن يستقيل أبو مازن، ولكن بعد أن يكون قد أنجز لنا الوحدة الوطنية والانتخابات البرلمانية الجديدة، فإنني أقول: كم عجيب أمر اللحام هذا، وكم عجيبة مناشدته، وكم عجيب تباكيه، وكم عجيب توقعه من أبي مازن لينجز لنا وحدة وطنية، خلافاًَ لقاعدة متعارف عليها مفادها أن "فاقد الشيء لا يعطيه"! أعتذر من اللحام، فلا أرى أدنى ضرورة لمقارعة كلمات لا رصيد لها، وإنْ لا بأس في أن يشدو بها ويغنيها وهو الطائر – كوصفه – على ارتفاع 32 ألف قدم ضمن بطانة الرئيس ينعم بصحبته ويتمتع بالحظوة لدى فخامته! كيف لا، وهو الجالس على آرائك الطائر الرئاسي الميمون، في حضرة الرئيس الذي قال أمامه وعلى مسمعه (اللحام) والعهدة في القول عليه (اللحام أيضاً)، وهو على ارتفاع 32 ألف قدم: "هذه آخر مرة تسافرون معي...."، وإن كان الأصح والأسلم والأقوم أن يقول: "هذه آخر مرة أسافر أنا معكم..."، ذلك أنه رئيس ذاهب، حسب تلميحاته وترميزاته، أما اللحام والإعلاميون الآخرون المرافقون لآخر رحلة رئاسية – طبقاً للرئيس أيضاً – فهم – كلهم أو معظمهم أو بعضهم – باقون!!!

أما أنت يا سيادة الرئيس، فلا تُلقِ لما قال اللحام في اتجاه نصحه إياك بالاً، ولتنظر إلى الأمر بكل الدقة والمسؤولية القيادية والروية والحصافة الرئاسية من زاوية قدرتك القيادية على الفعل والحركة والإنجاز الوطني للشعب والوطن والقضية والهوية، دونما نسيان أو تناسٍ للحيثيات الآتية:

حيث إن من خطأ الرئيس/ القائد/ الزعيم أن يرهن ذاته وفكره وحركته وقضية شعبه ووطنه إلى ذرائع محكومة بالبطلان كلها، كأن يقول: "إن التفاوض خيار سيء لكنه ليس الأسوأ/ إن الاستيطان لن يتوقف، بل سيتصاعد، سواء ذهبنا للمفاوضات أم امتنعنا عنها/ نحن خاسرون في كل حال/ إن لم نذهب إلى المفاوضات، فسنخسر التعاطف والدعم الدوليين/ البديل عن المفاوضات وعن فشل المفاوضات هو المزيد من المفاوضات/ ما يدفعنا إلى القبول بالمر ليس إلا ما هو أكثر مرارة/ شيء أفضل من لا شيء/ ما عاد لدينا من خيار/ ماذا نفعل والعرب باعوا أنفسهم وباعونا/ العرب ليسوا إلا جثة هامدة/ الحياة مفاوضات والمفاوضات حياة/ أوباما ضحك علينا وتراجع عن وعوده لنا". إن من خطأ الرئيس أو القائد أو الزعيم أن يرتهن إلى مثل تلك الذرائع المحكومة بالبطلان كلها، دون أن يكون المنطلق في تحركه أو توجهه مبدئياً، من غير انتهاك أو حتى مس بما تم التوافق على أنه خط أحمر لا يجوز اختراقه بصفته ثابتاً وطنياً،

وحيث إنك تعلم، بل إنك الأعلم، بأن المطالبة بوقف الاستيطان ليست وليدة اليوم، بل إنها تعود إلى عام 1982 حين كانت البند الثالث في مشروع ريجان الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بيجن آنذاك بأنه – بسبب وجود بند وقف الاستيطان ولو على نحو مؤقت – "مشروع ولد ميتا"ً، ما أدى إلى تجاهله تجاهلاً تاماً،

وحيث كنت دوماً على علم تام ودراية ميدانية كاملة بكل أمر، لاسيما ذلك البون المروع بين الالتزام الفلسطيني بشروط مشروع ريجان الثلاثة التي قبلها الفلسطينيون مقابل مجرد فتح حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية وبين مشروع كارتر الذي سبق للفلسطينيين أن رفضوه عبر وفد رسمي كنت أنت أحد أعضائه وبرئاسة عضو اللجنة التنفيذية آنذاك عبد المحسن أبو ميزر وعضوية محمد غنيم (أبو ماهر) حيث سلم وفدكم الرفض الفلسطيني إلى وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، الذي قام بإيصاله إلى وزير الخاريجة الأمريكي آنذاك، سايروس فانس.

   وحيث إنك لم تتنبه – وأنت رئيس شرعي منتخب – إلى عوامل الانقسام والفرقة والانفلات الأمني، قبل حدوث الانقسام، كما لم تتدارك الانقسام وعوامل تعميقه وترسيخ جذوره، ولم تعالج آثاره وأسبابه،

وحيث كان في مكنتك، دوماً، الحضور إلى قطاع غزة، بصفتك رئيساً شرعياً منتخباً لوطن ليس قطاع غزة إلا جزءاً لا يتجزأ منه، ولكنك لم تفعل فازدادت القطيعة وتعمق الانقسام،

وحيث ازداد سعار الاستيطان إلى حد تضاعف فيه عشرات المرات في عهدك،

وحيث إنك لا تملك إلا أن تستجيب للرغبات والإملاءات والاشتراطات والتهديدات الأمريكية والإسرائيلية، دونما نسيان أو تناسٍ لما تمت ممارسته تحت عينيك ضد تحقيق المصالحة الفلسطينية، بغية تغييب الوحدة الوطنية،

وحيث كنت قد طالبت الرئيس الأمريكي  أن يصدر بياناً يحدد مرجعية التفاوض ولم يجب طلبك، وطلبت عقد لقاء ثلاثي يضم السلطة وإسرائيل والولايات المتحدة لتحديد مبادئ التفاوض ولم يجب طلبك، كما طلبت إصدار بيان من الرباعية لتحديد مرجعية للتفاوض ولم يجب طلبك أيضاً، دونما أي رد فعل منك حيال تهميش مطالبك والاستخفاف بك وبقضايا شعبك ووطنك،

وحيث إنه كان ينبغي لك دوماً – وأنت الرئيس – أن تظل دائب العمل والحرص لتتبع أقوالك أفعالك،

وحيث إنه ينبغي لك أن تعلم يقيناً أنه لا جدوى من التفاوض مع من يضع شرط التسليم والاعتراف بـ " يهودية الدولة"، لاسيما وإن زعماء إسرائيل – ونتنياهو في صدارتهم بحكم موقعه رئيساً للحكومة – يؤكدون على ضرورة التسليم بـ "يهودية الدولة"، الأمر الذي من خلاله يتم التسليم بأنه لا حق للفلسطينيين بالعودة،            وحيث كنت قد أعلنت قبل نحو ثلاثة أسابيع، وأمام قادة 50 منظمة يهودية أمريكية، في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن مواقف سياسية مستهجنة ومستشنعة كقولك: "إن المفاوضات مستمرة حتى لو لم توقف إسرائيل الاستيطان"، "، وقولك: "إذا لم يقم الإسرائيليون بتمديد تجميد  الاستيطان فلن أقوم بالضرورة بمغادرة الطاولة"، وقولك: "إذا سألتموني لماذا لم تقع حتى الآن على مدى ثلاث أو أربع سنوات هجمات من الضفة الغربية؟ فإنني سأقول لكم إن السبب هو قرارنا التعاون مع الجانب الإسرائيلي، ونحن نمنع أي طرف من القيام بأي شيء ضد إسرائيل لأن أمن إسرائيل هو أمننا.."،

وحيث أجبت بـ "نعم"، رداً على سؤال نصه: "إذا قام الكنيست الإسرائيلي بتبني تسمية دولة إسرائيل اليهودية، كما هو الحال مع جمهورية إيران الإسلامية أو جمهورية مصر العربية، فهل يعترف الفلسطينيون بإسرائيل بهذه الصفة؟"، معترفاً في ذلك – من خلال إجابتك على هذا السؤال – بإسرائيل "دولة يهودية للشعب اليهودي" وهو ما اعتبره زفيكا كريجر، نائب رئيس مكتب دانييل أبراهام للسلام في الشرق الأوسط بأنه "تطور مثير في موقفك أو توضيح لموقفك بشأن الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية.

وحيث إن إصرارك على الاستمرار في نهج التفاوض لا يسوغه  ولا يفسره سوى حرصك على الاستمرار في البقاء على رأس هذه السلطة، فيما الأصل أن تظل دائب التفتيش عن بدائل لإنقاذ شعبك وأن تجعل من نفسك خادماً له، ومدافعاً عن أرضه وحقوقه ومكتسباته، وهو ما لم تفعله أنت، لاسيما إذا تذكرت ما فعلته قبل نحو عام حيال تقرير غولدستون في المحفل الدولي، وتكرار السيئة ذاتها مرة أخرى في 30/9/2010 حيث قمت بالطلب من مجلس حقوق الإنسان تأجيل نقاش التقرير ذاته لستة أشهر أخرى، استجابة لإملاءات أمريكية،

وحيث إن الفصائل كلها – المتمثلة في م ت ف وغير الممثلة فيها – وجميع مؤسسات المجتمع المدني وقواه تقول للمفاوضات: "لا"،

وحيث إنك بعودتك إلى التفاوض قد انتهكت القانون على نحو فاضح وواضح فـ"تمت موافقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية" – كما يقول حنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف. – " على المفاوضات المباشرة في اجتماع لم يكتمل فيه النصاب القانوني..."

وحيث إن هذا الذي قاله عميرة محزن ومؤسف ومخزٍ، ذلك أنه يكشف عن خلل كبير يينتج مخاطر أكبر،

وحيث إن قوله ليس إلا تأكيداً على أن القرار الفلسطيني ليس في يد الفلسطينيين الرسميين، وليس في يد اللجنة التنفيذية التي ترئسها أنت، فقد بات واضحاً تماماً أن القرار الفلسطيني إنما هو في قبضة أوباما وفي يد زعامات عربية تثبت في كل يوم لأوباما أنها الأكثر حرصاً على التئام المفاوضات غداً الخميس، الثاني من سبتمبر2010،

وحيث إنه بات واضحاً السبب في انعدام الحرص لديك بتأجيل صدور قرار اللجنة التنفيذية إلى اجتماع آخر يكتمل فيه نصابه القانوني؟!

وحيث إن هذه الفعلة تمس بشرعية القرار باستئناف المفاوضات، وتدمر مصداقية منظمة التحرير الفلسطينية والمؤسسات المنبثقة عنها، وتجعلها شاهد زور، فيما هي في الأصل "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"،

وحيث إن هذا الفعل غير القانوني وغير الشرعي يهدد بإنهاء ما تبقى لهذه المنظمة من دور واحترام ورصيد وكبرياء، فيما يضيف مادة جديدة تعزز القطيعة وتعمق الانقسام، كما أن هذا الفعل يسوغ لحماس وسواها امتلاك مؤهلات جديدة تتسلح بها لتجاوز منظمة التحرير والقفز عنها، بل والمطالبة بإلغائها واستبدالها،

وحيث إن استراتيجيتك هي استراتيجية التفاوض التي تؤمن بألا بديل عن التفاوض إلا التفاوض والتفاوض ثم التفاوض، مهما كانت النتائج، دونما استدلال منك على خطأ استراتيجيتك هذه حتى بعد انقضاء 19 عاماً من تفاوض سرقت فيه إسرائيل الأرض وهودت القدس والمقدسات،

وحيث إنك لم تبذل أي محاولة لإيجاد البديل عن التفاوض أو ابتكاره، لأنك – كرئيس للسلطة – ظللت على الدوام مؤمناً بأن التفاوض هو الحل، فظللت مقتنعاً دوماً بعدم وجود البديل وعدم وجود أي ضرورة للتفتيش عنه وإيجاده، وسبب ذلك هو انعدام الإرادة السياسية لديك للتفتيش عن البديل وخلقه،

 وحيث إنك لم تكن تؤمن بالبديل أصلا، فلم تبذل في اتجاه إيجاده جهداً، فقد كان بنبغي لك أن تعلم أن الذي لا يملك البديل، إنما يتحتم عليه أن يقبل ما يفرض عليه صاغراً، سواء اليوم أو غداً أو بعد غد، وأن من يملك البديل يوظفه ويجيد في استخدامه فلا يندفع إلى الاستسلام لما يملى عليه بسبب انعدام البديل لديه،

وحيث إن حصرك لشعبك في درب التفاوض كخيار وحيد لا غيره ولا سواه إنما يقتل كل إمكانية وأي محاولة لابتكار البديل، ويوفر للاحتلال الإسرائيلي كل ما يلزم من وقت لاستكمال التوسع وابتلاع الأرض وتهويدها،

وحيث إن من يملك البديل لا يظل أسيراً لما هو مطروح أمامه، ولأن الحر الذي يرفض الانصياع للإملاءات لا يكون حراً إلا إذا خلق البديل الذي يستطيع باستخدامه أن يدير للإملاءات ظهره، وهو ما لم تفعله أنت،

وحيث إن ما نراه في الساحة الدولية، هذه الأيام، من انتقادات واسعة وإدانات كثيرة لإسرائيل، يعد بديلاً جيداً له مقدمات على الأرض ومؤشرات، ينبغي استثمارها وتوظيفها في صالح الحق الفلسطيني، وهو ما لم تفعله أنت،

وحيث إن المقاومة بكل أشكالها – وهي حق للشعوب المحتلة أراضيها والمهانة كرامتها – تعد هي الأخرى بديلاً مفتوحاً وقابلاً للتمدد والاتساع والانتشار، وهو ما رفضته، وما لم تؤمن به أنت، وما وقفت ضده أنت، وما تزال، بل ما أودعت المقاومين في غياهب السجون بسببه أنت، وما تزال، متناقضاً في ذلك مع – بل وكافراً بـ - الروح النضالية الكفاحية للمقاتلين الفلسطينيين التي عبر عنها الشهيد معين بسيسو في قصيدته "النجمة الحمراء" التي كانت لكل المقاتلين نشيداً:

إلى الأمام يا بنادق الحرية

إلى الأمام وردة ومطرقة

إلى الأمام منجلاً وخندقاً

إلى الأمام سنبلة

إلى الأمام قنبلة

...................

التين والزيتون للمقاومة

لا خطوة إلى الوراء

المجد للمقاومة

لوحدة السواعد المقاتلة

 

وحيث إن المقاطعة الاقتصادية المحلية والعربية لإسرائيل، وكذلك المقاطعة العلمية والأكاديمية على المستوى الدولي، والمباشرة بتفعيل التقارير الدولية المطالبة بمحاكمة قادة ورموز الاحتلال، تعد جميعها في حساب البدائل الممكنة أيضاً، وهو ما لم تبحث عنه، ولم تُفَعِّلْه، أنت،

وحيث إن شعبنا لن يتنازل عن أرضه ووطنه وحقوقه، ذلك أنه جاهز دوماً للسير خلف قيادته المقاوِمة لا المستسلمة المساومة،

وحيث إنه لا مقايضة بين قضية وطنية عادلة وسلطة حكم صورية هزيلة زائفة وزائلة،

وحيث إنك تؤمن – انطلاقاً من قولك غير مرة – بالمفاوضة التي تصر على ضرورتها وتؤكد على جدواها، واصفاً المقاومة – دوماً – بأنها عبثية وبعض عملياتها بأنها قذرة وحقيرة، مستثيراً في ذلك شعباً أبياً عنيداً يؤمن بالمقاومة التي يعلي شأنها شاعر فلسطين وصائع وثيقة استقلالها الوطني عام 1988، محمود درويش، فيتغنى بها، قائلاً:

إنني عدت من الموت لأحيا، لأغني

إنني مندوب جرح لا يساوم

علمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي

وأمشي...

ثم أمشي...

وأقاوم!

 

ومستثيراً في الوقت نفسه غضب شعب يرفض المقايضة والمساومة، وينبذ من بين صفوفه كل من على المقاومة والحق يساوم، وبديلاً عن المقاومة يفاوض، وعلى الحق والهوية والأرض يقايض:

إنني عدت من المنفى لأزحف، وأفاوض

إنني مندوب جرح سيقايض

علمتني خزنة الجلاد أن أمشي على جيبي

وأمشي...

ثم أمشي...

وأفاوض!

وأفاوض!

وأفاوض!

 

وحيث إنك كنت قد توقفت عن المفاوضات فأعلنت عدم عودتك إليها إلا إذا أوقف الاستيطان في القدس أولاً وفي الضفة ثانياً، وهو ما لم يتم، بل إن ما تم وما هو حاصل بالفعل هو الأمر المعاكس تماماً،           

وحيث إن الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا – كما يرى عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، عضو المجلس التشريعي قيس عبد الكريم "أبو ليلى" – تعارض الصيغة التي على أساسها ذهبت إلى المفاوضات المباشرة، دون مراعاة منك لضرورة وجود أسس واضحة لأية مفاوضات تضمن وقف الاستيطان بشكل كامل في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس، ودون التزام إسرائيلي بقرارات الشرعية الدولية كمرجعية لعملية السلام"،

وحيث إنك تتزعم الاتجاه الساعي للمشاركة في المفاوضات المباشرة، "استجابة للضغوط الخارجية، وتجنباً لأي مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية"، وهو ما عبر عنه قيس عبد الكريم،

وحيث إن قرارك – كرئيس للسلطة – بالمشاركة في المفاوضات المباشرة "جاء نتيجة ضغوط أمريكية ودولية وعربية مكثفة، ولم يكن تكليفاً من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، حيث عرضت المشاركة" – حسب قيس عبد الكريم أيضاً – "على اللجنة التنفيذية دون عرضها على المجلس المركزي"،

وحيث إنك لم تلتزم بالإجماع الوطني الذي كرسه المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته الأخيرة فيما يختص بوقف الاستيطان وضرورة اعتماد قرارات الشرعية الدولية كمرجعية واضحة لعملية التسوية ووضع سقف زمني للمفاوضات،

فإنه لم يعد هناك أفضل ولا أعدل من أن تفعلها يا أبا مازن وتستقيل، تاركاً الرئاسة والقيادة والزعامة لمن يقاوم وهو يفاوض ولا يقايض... لمن يفاوض وهو يقاوم ولا يساوم.

أما آخر الكلام، فهل تفعلها يا أبا مازن، دون أن تخشى على الوحدة الوطنية التي يسعى اللحام إلى تحقيقها على يديك، ذلك أن "فاقد الشيء لا يعطيه"، ودون أن تخشى على شعب يقول اللحام أنك ستتركه – إن تركته – في سفينة توقفت في عرض البحر، ودون أن تخشى على شعب ينتج رحيلك عنه سلطة بلا سلطة وخزينة بلا مال وبحراً بلا ميناء وسماءً بلا أمطار وقرى بلا زراعة ومدناً بلا شوارع، وإن كان اللحام يعلم قبل غيره وأكثر منهم، أن سلطة عباس ظلت على الدوام كذلك: سلطة بلا سلطة، وخزينة بلا مال، ذلك أن الخزينة ظلت دوماً لأصحاب المال وتجار السلاح وعصابات البزنس؟!! هل تفعلها يا أبا مازن لتتحقق نبوءة اللحام فتكسب كثيراً على صعيدك الشخصي والأسري والنضالي والسيرة الذاتية؟! هل تفعلها يا أبا مازن "لتغني لك القنوات الفضائية، ولينظم فيك الدكتور الفطحل من لندن نثراُ رومانسياً خجولاً، وليقرض في خطوتك الدكتور الفلاني من قطر أشعاراً تراجيدية، ولتستضيفك العواصم العربية والأوروبية والإفريقية باعتبارك الفارس الذي ترجل عن صهوة الحكم ضد أمريكا الإمبريالية، وليصدر بيان عن أبي فلان من غزة وأبي علان من دمشق يؤكد الثناء ويكتب الكتاب ويعلي الجواب، وليفرح الكثيرون من قادة رام الله لأن رحيلك عن الحكم يقربهم إلى سدته أكثر"؟! هل تفعلها يا أبا مازن، دون أن تخشى، قط، ما يقوله اللحام لك من أن حكومة سلام فياض لا تزال تحتاج لشرعيتك كرئيس، ذللك أنك "كرئيس" تظل دوماً في حاجة إلى شرعية فياض، وليس العكس؟ افعلها يا أبا مازن، ولا تخف، فلن يذرف الدموع – إن فعلت – أحد، اللهم إلا كل من.........!!!