خبر قناة الاستسلامات.. يديعوت

الساعة 07:39 م|04 أكتوبر 2010

بقلم: ناحوم برنياع

"كيف تفسر هذه الحماقة"، سأل موظف سابق في الادارة، في مكالمة هاتفية من واشنطن، وهو أحد من يعرف الصراع في الشرق الاوسط أكثر مما يعرف راحة يده.

لفظ كلمة "حماقة"، من بين شفتيه بالقوة كما تلفظ نواة حبة زيتون.

قلت: توجد عندنا لعبة اولاد. يفتتح الكلام بعبارة "جدتي تطبخ عصيدة". طبخ اوباما هذه العصيدة.

يصعب عليه أن يتخيل اوباما بمنزلة جدة.

سألني: ماذا سيفعل نتنياهو في رأيك.

قلت: لا أعلم. اذا كان الماضي يعلم شيئا ما عن الحاضر، فسيستسلم نتنياهو. كان دافيد بن غوريون الاكبر والأحزم بين رؤساء حكومات اسرائيل. في 1956، بعد ان احتل الجيش الاسرائيلي سيناء، اعلن بن غوريون مملكة اسرائيل الثالثة في حدودنا الجديدة. ارسل الرئيس ايزنهاور رسالة، واضطر بن غوريون الى اخلاء المنطقة المحتلة حتى آخر حبة رمل. وفي 1975 رفض اسحق رابين الاملاء الذي أعده له كيسنجر، وعوقب بتصريح امريكي حاسم بتقدير من جديد للعلاقات باسرائيل. واستسلم رابين وتحسنت العلاقات على نحو عجيب. ولم يهب مناحيم بيغن لاخلاء المستوطنات في رفح لكنه استسلم في نهاية الامر لضغط الرئيس كارتر وما أشبه ذلك.

استسلموا ولم يتضرروا. يستطيع نتنياهو التعلق باشجار كبيرة.

المشكلة ان المواجهة هذه المرة حمقاء جدا بحيث سيبدو الاستسلام أحمق. تطلب الادارة من اسرائيل ان تطيل التجميد شهرين، آنذاك تستطيع اسرائيل كما تعد، تجديد البناء كما تشاء. تجميد آخر صغير ويكفي.

ماذا تعتقد الادارة أن يحدث في هذين الشهرين؟ لنفرض للحظة ان تحدث معجزة ويتقدم الطرفان في المحادثات. سيضطر الفلسطينيون مثل الاسرائيليين الى اتخاذ قرارات مؤلمة. هل سيوافق أبو مازن آنذاك خاصة، في أوج ضعفه على ابتلاع تجديد البناء؟ يصعب تصديق ذلك.

ولنفرض أن يحدث العكس وتجري المحادثات متكاسلة. يستطيع أبو مازن ونتنياهو أن يهدرا في سهولة شهرين في مباحثات في سؤال ما الذي يجب الحديث فيه أولا، هل مصادر المياه أم الكتب الدراسية. فهل تبارك الادارة في هذا الوضع تجديد البناء؟ ليس هذا معقولا.

اذا كان الاستسلام يبدو أحمق فان الرفض يبدو أشد حمقا. لانه ما الذي يمكن بناؤه في شهرين؟ كنت أمس عند الظهيرة في تسوفيم، وهي مستوطنة حمراء السقوف في الحواشي الغربية من الضفة، بجوار قلقيلية. حفروا هناك في ضجيج كبير أسسا لمبنيين جديدين لعائلتين، في الطرف الشرقي من المستوطنة. وفي الظهيرة، عندما بلغت الحرارة ذروتها مضى العمال الفلسطينيون للاستراحة. ستمضي سنة على هذا الايقاع قبل أن ينهوا الهيكل.

يبدو الرفض أحمق لان الضرر الممكن أكبر من الفائدة. يبدو انه توجد حقيقة في بعض الانباء المنشورة عن رزمة الافضالات التي تقترحها الادارة على نتنياهو، وفي مقابلة ذلك التعويض الذي تقترحه على أبي مازن اذا ظل نتنياهو على رفضه. لكن يوضع في كفة الميزان اكثر من هذا كثيرا. لا يقبل أي رئيس امريكي الرفض بسهولة، فكيف يكون اوباما في وضعه وفي طبيعته. سيكون عنده بعد الانتخابات المتوسطة سنتان أخريان على الاقل في البيت الابيض، يستطيع فيهما ان يعمل في الشؤون الخارجية في الأساس. آخر شيء تريده اسرائيل، في مواجهة ايران والعالم العربي، وفي مواجهة الاتجاهات في الامم المتحدة، رئيس معاد ورئيس جريح.

يخشى نتنياهو ان يفضي استسلامه الى انتقاض الائتلاف والمس بصدقه مسا شديدا. وليست مخاوفه غير ذات أساس. لكنه يجب أن يعلم ان مواجهة رئيس الولايات المتحدة وجها لوجه، في شأن غير ذي شعبية، شأن حكومته معزولة فيه، تفضي بالضرورة الى النتيجة نفسها وهي خسارة الثقة، وانتقاض الائتلاف والهزيمة في صناديق الاقتراع. هذا ما حدث لاسحق شمير، الذي رفض في 1992 مطلب بوش الأب في قضية المستوطنات. سقط شمير في حادثة، ونتنياهو ينتظره تكرار ذلك.