خبر قصور استخباري:.كيف أضعنا الأتراك؟..يديعوت

الساعة 04:51 م|03 أكتوبر 2010

بقلم: اليكس فيشمان

يكفي أن يمر اسبوع أو اسبوعين دون أن يسفك الاتراك دم اسرائيل في احدى الساحات الدولية، حتى يحيكون عندنا الأحلام عن استعادة المجد واستئناف قصة الغرام الاستراتيجية بين اسرائيل وتركيا. وعليه فقبل أن نتلقى صفعة تركية اخرى تعيدنا الى الواقع، ينبغي أن نعود لنكرر لأنفسنا: في تركيا قام نظام مناهض لليهود، مناهض لاسرائيل وبالطبع مناهض للصهيونية، قدماه مغروستان في ايديولوجيا اسلامية متطرفة.

        اعضاء النواة التأسيسية لمنظمة الـ IHH التي وقفت خلف الاسطول العنيف، وقادة النظام الحالي في تركيا، بمن فيهم رئيس الوزراء اردوغان، نشأوا كلهم من ذات التيار الاسلامي – الصوفي، "النقشبندية"، تعلموا ذات النصوص الصوفية، زاروا ذات المدارس واكتسبوا ذات الايديولوجيا التي تروج، ضمن امور اخرى، الى الجهاد ضد اسرائيل. وقد حصل هذا قبل وقت طويل من غدو اردوغان رئيسا للوزراء وقبل زمن طويل من اكتشافهم عندنا فجأة بأن الـ IHH ليست بالضبط منظمة خيرية.

        اليوم فقط، بعد حدث الاسطول، يفهمون في اجهزة الاستخبارات في اسرائيل بأن العلاقة بين اردوغان ومنظمة  IHHليست مجرد مسألة دعم، عطف وعزة تركية. ومع ألف فارق، هذا بالضبط وكأن الاستخبارات التركية كانت ستكتشف فجأة بأن العلاقة بين الوزير ايلي يشاي وتيار التعليم "ال همعيان" (النبع) تمر عبر حركة شاس.

        بتعبير آخر، بعد الاسطول التركي، حين جلس قادة جهاز الامن أمام الصحفيين وادعوا بتصميم بأن تركيا ليست هدفا لجمع المعلومات الاستخبارية، وبالتالي لم تكن لديهم معلومات ذات صلة عن الـ IHH، فقد كان هذا صراحة اعتراف بالقصور. القاضي تركل يمكنه ان يوقف التحقيق منذ اليوم. فقد اعترف قادة جهاز الامن والاستخبارات بالذنب.

        يحتمل جدا ألا يكون لمحافل الاستخبارات في دولة اسرائيل اهتمام في الـ IHH. ولكن لا يحتمل ألا يكون لها اهتمام بالنظام التركي ومن يقف على رأسه: ما هي خلفيتهم، لأي تنظيمات يمكنهم أن يرتبطوا وما شابه. إذ يدور الحديث عن قادة الدولة التي هي حليف استراتيجي مركزي في المنطقة. وهذه معلومات استخبارية أساسية، أولية.

        يوجد هنا قصور، كله جهل وسطحية من الاجهزة السياسية والاستخبارية. والذي هو اكثر اثارة للغضب: هذه المادة كانت موجودة لدى محافل استخبارية صديقة في اوروبا. الالمان، مثلا، يحققون في الـ IHH منذ زمن بعيد. ومنذ العام 1992 أجروا حملة تنظيف اسطبلات في فروع المنظمة في المانيا بسبب علاقاتها مع نشاطات الجهاد العالمي.

        المنظمة تحتفظ في المانيا بنحو 700 مسجد، وابتداءا من 1990 يعمل في هذه المساجد رجال حماس في جمع المال لنشاطهم في المناطق. وفي منتصف التسعينيات توجه الالمان الى حكومة تركيا وطلبوا منها تعطيل النشاط الجهادي لمنظمة الـ IHH. والجيش التركي بالفعل دخل فروع الحركة، ووجد هناك سلاحا ومواد دعائية وأُخرجت الحركة على القانون.

        وفي السياق أقيم في تركيا حزب الرفاه الاسلامي بقيادة نجم الدين اربكان، الذي في أساس قوته هو التيار الصوفي "النقشبندية". اردوغان، كعضو كبير في التيار، كان ايضا عضوا كبيرا في الحركة السياسية الجديدة التي صعدت الى الحكم في 1997. وكان الجيش أبعدهم عن الحكم، ولكن الحزب أقيم من جديد مع ذات أساس التأييد في 2002، كحزب العدالة والتنمية، فاز في الانتخابات وهو يسيطر على تركيا حتى يومنا هذا.

        التقدير هو انه في التيار الصوفي في تركيا يوجد اليوم نحو 2.7 مليون عضو، وفي اوروبا – في المانيا أساسا – نحو نصف مليون مؤمن. ما لا يقل عن خمسة وزراء في الحكومة التركية، بمن فيهم رئيس الوزراء، نشأوا من هذا التيار. الـ IHH وحزب السلطة في تركيا هما عمليا ذات الشيء. ضمن امور اخرى يوجد لهما ايضا بنك مشترك، هو قناة نقل الاموال الدائمة لحماس. وليس صدفة، قبل بضعة اشهر من الاسطول اعتقلت المخابرات الاسرائيلية عضوا في منظمة الـ IHH ، عمل هنا على نقل الاموال لحماس (وحرر بضغط من الحكومة التركية).

        أما الآن، وحين تبدأ محافل الاستخبار في اسرائيل دراسة الموضوع التركي بعمق، لعلّه ينطفىء صوت اولئك الذين يواصلون الادعاء بأن تركيا هي دولة هامة جدا في الشرق الاوسط، ولهذا فان اسرائيل ملزمة بأن تفعل كل شيء كي تحافظ على العلاقة معها. وكأن هذا الأمر منوط بنا.