خبر رحيل الطفل بلال أبكى الرجال .. بقلم أ. رافت حمدونة

الساعة 09:14 ص|01 أكتوبر 2010

رحيل الطفل بلال أبكى الرجال .. بقلم أ. رافت حمدونة

كان الطفل بلال يكبر على عينى والده الأسير حسين الذى أمضى عشر سنوات متتالية فى سجون متفرقة ، ورغم أن الدهر يأكل من حياته إلا أنه كان فى غمرة الفرح وهو يحمل صوره للأسرى الأصدقاء يعرفهم عليه مدققاً فى كل تفاصيل ملامحه ، كان يقول لهم طفلى بلال أجمل مخلوق على وجه الأرض ، أراه أجمل من ضوء البدر ليلة كماله ، وأشعر به كنسمة الربيع الرقيقة برحيق عطره وخفته ، فهو بسمتى البريئة الجميلة وسط العذابات ، والكلمة الرقيقة بين الآهات وطلعة بدر في ظلام حالك وزهرة رقيقة بين الأشواك ، وأهون علي أن أحمل كل المرض وأمضى عمرى فى السجون على أن لا يمسه سوء ، بلال وحيدى من الذكور وأملى ومستقبلى وحامى بيتى وسند أمه وأخواته ، وكان كل لحظة الافراج عنه لضمه بين ذراعيه وحضنه بين أضلعه وتقبيله .

 

وما أثقل ذلك الصباح على الأسير حسين وزملاءه وأصداقائه حيث الفاجعة التى لم يتوقعها الكل ، فقد حضر الأهالى للزيارة ولم تحضر عائلة حسين ، ولم يأتى أحد من الأسرى ليبشره بقدوم العائلة وانتظارهم فى الخارج ، راودت أبو بلال الكثير من الأفكار ، لعل أم بلال تعبة ، أو بلال لم يستطع كالعادة الحصول عل اذن بالغياب من المدرسة لوجود امتحان لزيارة والده ، ولعل ولعل ولعل حتى دخل على غرفته وعلى غير عادة ممثلى الأسرى وأخذوا يمهدوا له بخبر لم كن فى كابوس أحلامه ، انت انسان مؤمن بالله وقدره يا أبى بلال ، أنت صابر ومحتسب ، ادرك أبو بلال ان أحد أعزاءه رحل عن الدنيا فقال لهم جدى مات ؟ قالوا لا ، قال أبى ؟ قالوا لا ، قال أمى

 

المريضة ؟ قالوا بلال كان فى طريقه إلى المدرسة فصدمته سيارة مسرعة فمات .

 

تذكر أبو بلال كل جزئيات ملامح بلال ، وشريط مر كفيلم من الذكريات فى ثوانى معدودة ، وسقطت الدموع من عيني حسين كما حبات المطر من السماء على الأرض وصمت كمن توقف الزمن فى حياته بلا روح ولا طموح حاملا كل الهموم وصبر .

 

بكى حسين على فراق ابنه الوحيد القريب الحبيب وبكى الرجال الرجال على رحيل بلال وبقى حسين يتذكر كلمات بلال على الاذاعة فى برنامج السلامات سأحضنك يا والدى عند حريتك ولن انفك عنك حتى أشبع منك .