خبر غربة أسير .. وسام المقوسي

الساعة 08:10 ص|01 أكتوبر 2010

كتب.. وسام المقوسي

فُكت السلاسل والقيود ، وحزمتُ أمتعتي ، وودعت رفاقي ، وخرجت من زنزانتي وأصبحت طليقا حرًا ، كانت الشمس ساطعةٌ تبعث عبق الحرية في كل مكان ، خرجت كالعصفور من القفص ، ضعيف الجناحين لا يستطيع الطير، لم أتعود علي الفضاء بعد ، أسير وأجلس واضع يدي علي عيناي أحجب عنها ضوء الشمس كي أري من أمامي ، لمحتُ من بعيد رفاقاً يلوحون بالرايات مبتهجين، يوزعون الحلوى ، حينها تأكدت أني اقترب رويدًا رويداً من الحلم الذي لطالما انتظرته ، لم يعد الزمن يهمني ، لم أعد احسب الأيام ، ولم اشعر بأحد سوي أني أحلم ولكن دون وسادتي ، لم يبقَى لي سوى خطوات قليلة كي أصل وما هي إلا لحظات إلا تدافع وعانقني الأحباب والرفاق ، ُحملت علي الأكتاف ، واعتلى صوت الرصاص والأهازيج ، سرتُ مسرعاً في الطرقات ، لم اسمع حينها سوي صوت محبوبة قلبي تناديني من بعيد ! أين مهجة قلبي هل عُدت يا ولدي ؟ نعم يا أمي أنا هاهنا ألم تشاهديني بعد أين أنتي ؟! أنا من يضع علي صدره الوشاح الأسمر، أنا من يمتشق سلاحا علي كتفه حافظا وعدك ،!! ولدي انتظر قليلا لا تذهب للبيت لعلك لا تجدني يا ولدي !! لماذا يا أمي أين أنتي ولما لم تستقبليني هناك حيث الرفاق حملوني ؟ لقد ذهبت يا ولدي !! أين ذهبتي يا أمي قولي لي ؟ أمي أعلي صوتك بالكاد اسمع .. أمي ,,,, أين أنتي أعلي صوتك  لم اعد اسمع !!!. 

أين أنتي يا أمي !!

لم اعد أسمع صوتك امااااه !!

وصلت عتبه الباب ، قلبتُ الاتجاهات ابحث عنها منتظرا بهجت طلتها ، علها تخرج ! أتساءل ؟ أين أمي ؟ ومن أي شرفه من المنزل ستلوح بيديها ؟ ومن أي غرفه ستخرج ؟ لم أجدها بعد ! دخلت مفزوعا مرتعشا ، وتسارعت دقات قلبي ، أين أنتي يا أمي؟ فتشتُ عنها بين الأهل والأحباب فلم ألقي سوي الخيبة، صرخت أمي دون جدوى ! ، أدركتُ والتفتُ وحدقتُ في عيون الحاضرين ابحث عن تفاصيلها ، فخيم الصمت ! ، وماتت الأضواء ، وخُطفت الأنوار، وهدأ ضجيج المهنئين ، وغابت الشمس ، تيقنت أن حلمي كان سراباً ، وانحنى الرأس ، وهزل الجسم ، وسالت دموع الفراق ، فمحبوبتى قد رحلت ومعها كل اللحظات الجميلة ، ذهبت ولم ُتبقي لي حتى قبلة الوداع ، غادرت ومعها كل لحظات الأمل الذي انتظرتُها منذ عشرات السنين ، إنها الفاجعة ..

عندها تدافع " المهنئون " " ُمعزين " ..... أن ..... عظم الله أجرك..... غادرت المحبوبة لربها راضيةً مرضية.

 آه آه يا آماه لمن تركتِ عشيقك يا محبوبة قلبي ؟ لقد أصبحت غريبا بين أهلي ابحث عنك بين ذكرياتي ومذكراتي ، بين أوراقي ورسائلي ، أُفتش عنك يا أمي بين جنبات المنزل المهجور بغيابك .

 عُدت يا أمي ولم أجد سوي الغربة والسجن الجديد الذي لا أطيقه بدونك . 

أي طعم للحياة بدونك أماه ؟ لا مكان لأحد يروي ظمأ حبي وشوق قلبي ، لقد جف نهر الحب وأصبح صخره ، رحمك الله يا أمي ، يا أروع وأجمل ما عرفه قلب الإنسان فأنتي جبال الحب ، والعطاء والحنان والتضحية.

إنها المصيبة يا أمااااه وها أنذا الآن أدركت حرقة الفراق يا أمي ، فلم يبقي لي في هذا العالم الرحب سوا عزاءً للأبد ، لقد رحلتي وسِّر قلبك في أعماق قلبي محفور مدي الدهر.

لقد تركتي الذكريات المؤلمة تنحت في صفحات قلبى لتكتب"عليك السلام يا امااااه والى اللقاء " متعزيا بكلام رب العزة " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"

تصوير لحال للأسير رامز الحلبي (34 عاماً) من سكان حي الشجاعية شرق مدينة غزة ، والذي أفرجت عنه قوات الاحتلال الصهيويني بعد انتهاء مدة محكوميته البالغة 10 سنوات ونصف ، حيث فقد والدته الحاجة أم محمد الحلبي عن عمر يناهز الـ78 عامًا إثر جلطة دماغية أصابتها قبل شهر من خروجه من السجن.

ويعتبر الأسير المحرر أحد قيادات حركة الجهاد الإسلامي فى السجون الصهيونية.