خبر كلينتون تخطىء وتضلل -هآرتس

الساعة 09:55 ص|29 سبتمبر 2010

كلينتون تخطىء وتضلل -هآرتس

بقلم: افينوعام بار – يوسف

(المدير العام لمعهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي)

(المضمون: تأثر بيل كلينتون بحملات دعائية معادية لاسرائيل فيصرح تصريحات في مؤتمر عقده في نيويورك في الاسبوع الماضي ورد فيه أن المهاجرين من الاتحاد السوفياتي السابق عقبة كبيرة أمام السلام  - المصدر).

        في أواخر ولاية الرئيس بيل كلينتون، عندما بدأت تخفت شعبيته عند الجمهور الامريكي، أكثر من زيارة منطقتنا وشعر بأنه في بيته في اسرائيل. كلمات وداعه لاسحاق رابين، "سلام أيها الصديق"، والدفء الذي أظهره نحو مواطني اسرائيل وخبرته بخبايا الحياة في البلاد غرست فينا شعوراً بأنه صديق لنا جميعاً.

        التصريحات الغامضة التي صدرت عنه في هوامش مؤتمر عقده في نيويورك في الاسبوع الماضي، وكأن المهاجرين من الاتحاد السوفياتي السابق عائق كبير للسلام، مضرة ومزيفة. إن فتح أبواب الاتحاد السوفياتي وخروج ملايين اليهود كان اسهاما تأسيسياً لا لاسرائيل فقط بل للغرب كله. فزيادة عشرات آلاف الأطباء وأعضاء الفرق في المشافي، والمهندسين والتقنيين والعلماء والمفكرين والموسيقيين والممثلين والفنانين لم تساعد على المعجزة الاقتصادية التي تحدث هنا والتي مكنت من جعل اسرائيل قوة هايتك، فقط بل إنها أغنت اغناء كبيرا المدنية الغربية كلها.

        إن تحليل الفروق في تأييد السلام بين أبناء البلاد المهاجرين من اوروبا والمغرب العربي، في الدولة التي تتميز بمزج حقيقي بين خريجي الدول والثقافات المختلفة، اعتماداً على استطلاع ربما رآه وربما سمع عنه، ليس جديا على نحو ظاهر. كيف يصوت في رأيه ابن والد أتى من المغرب وأم ولدت في روسيا؟ ما مبلغ تأييد المسيرة السياسية عند جندي هاجر والداه من لويزيانا في الولايات المتحدة واستوطنا السامرة؟ لا سبب يدعو الى الرد ايضا على تهمه لمحارب الحرية نتان شيرانسكي بأنه رافض للسلام، حينما لا توجه الى رئيس ايران محمود احمدي نجاد والى حسن نصرالله زعيم حزب الله.

        ليست هذه أول مرة يستبدل فيها كلينتون قبعة المحلل السياسي الاسرائيلي بقبعة الرئيس فقد اعتاد فعل ذلك من آن لآخر ايضا في فترة حكومة رابين عندما دخل خبايا السياسة الاسرائيلية لتحليل الضغوط الائتلافية من قبل شاس، او المفدال او تسومت. لكن ذلك كان يرمي في تلك الايام الى التخفيف عن رئيس حكومة اسرائيل لا العكس. قد تبدو الأمور هذه المرة اعداداً للخلفية لاتهام اسرائيل والمندوبين المنتخبين عن أجزاء من السكان الذين سماهم "الشبان المتشددين في الحي"، باخفاق ممكن للتفاوض مع الفلسطينيين.

        كان يمكن أن نقول ذلك على نحو مختلف. كان يجب على كلينتون، صديق اسحاق وصديقنا ان يستغل المؤتمر الذي رأسه ليقود حركة عالمية للاعتراف بأن اسرائيل دولة الشعب اليهودي. قد يكون هذا هو الانجاز الوجيد الذي يستطيع هؤلاء المهاجرون تسجيله في حقهم عندما يطلب اليهم تنازلات مؤلمة عن أراض من الوطن وأماكن مقدسة لديانتهم وثقافتهم، من أجل السلام. الترتيبات الامنية مهمة لكنها بمنزلة ترتيبات تقنية. والاعتراف بطابع اسرائيل اليهودي مهم ليكون علامة على انهاء الصراع كي نمنع بعد عقد مطالب جديدة للتنازل من قبل عرب اسرائيل في الطريق الى تحقيق الطموح الاسلامي الى اقامة دولة فلسطينية الى جانبها دولة ثنائية القومية حتى لو  تم الاحتفاظ باسمها، اسرائيل.

        ليس من الموضة التعبير على هذا النحو، في العصر الذي أصبحت فيه ظاهرة سلب الشرعية أداة ضرب معتادة في مواجهتنا في العالم العربي وفي اوروبا وظاهرة تتغلغل في الولايات المتحدة أيضا. قد يكون على حق اولئك الذين يزعمون أن جواب هذه الظاهرة لن يوجد في الدعاية فقط بل في تغيير الواقع الى أحسن وفي تفكير استراتيجي. لكنهم يخطئون خطأ ذريعا عندما يستخفون بمبلغ الضرر الذي يسببه سلب الشرعية في الداخل، ومبلغ تأثير ذلك في مؤيدين وأصدقاء مثل كلينتون وفي يهود الجاليات الذين يهاجمون أكثر فأكثر لمشايعتهم اسرائيل، والقيم والحضارة اليهودية.

        ليس بيل كلينتون ضحية فقط لهذه الحملة الدعائية على اسرائيل والشعب اليهودي. فقد أصبح بكلامه مؤججا للهب.