خبر وجه الدولة- هآرتس

الساعة 09:54 ص|29 سبتمبر 2010

وجه الدولة- هآرتس

بقلم: يوسي فيرتر

(المضمون:  ما فعله ليبرمان بنتنياهو  أمس، بوعي وبعقل صاف، يفاقم فقط وضعه في نظر الامريكيين والاوروبيين، الذين يقولون لانفسهم على أي حال: اذا لم يكن رئيس الوزراء قادرا على أن يقول لوزير خارجيته، إما ان تمثل سياستي أو تسكت ببساطة – فما الذي يقدر عليه إذن؟- المصدر).

        في خطابه قبل نحو اسبوع في الجمعية العمومية للامم المتحدة قال الرئيس الامريكي براك اوباما: "لن نسمح للارهاب، للفوضى او للسياسة التافهة أن تقف في طريقنا". بعده بخمسة أيام صعد الى هذه المنصة وزير الخارجية الاسرائيلية وجسد لمن، ولماذا، قصد الرئيس في حديثه عن السياسة التافهة. الارهاب والفوضى موجودان لدى الفلسطينيين؛ اما السياسة التافهة – فهذه نحن. هذا اختراع مميز لنا. قد لا نكون نحن الذين اخترعناه، ولكننا طورناه بحيث لم يعد احد يعرفه.

        في اسرائيل، التي قيل عنها بان ليس لديها سياسة خارجية بل فقط سياسة داخلية، سبق أن كان وزراء خارجية من كل الانواع: ذوو صيت طيب، صيت سيء ومن سرعان ما نسيوا، دبلوماسيون اسطوريون ومتفرغون سياسيون متوسطون. لم يسبق أن كان لنا وزير خارجية استغل مكانته، من على المنصة الاكثر اعتبارا في العالم، كي يقرأ برنامج حزبه وكأنه يشارك في اجتماع انتخابي في فرع في العفولة. ولم يسبق أن كان لنا وزير خارجية اختار المعقل الدبلوماسي العالمي كي يسخر برئيس وزرائه، بالذات في الايام التي يحاول فيها الاخير انقاذ المسيرة السلمية أمام عالم شكاك ومتشكك. ولم يسبق أن كان لنا وزير خارجية اختار ان يرسم أمام ممثلي الاسرة الدولية مسارا للمسيرة السياسية يتعارض تعارضا متطرفا مع السياسة التي يقودها رئيس وزرائه. باختصار لم يسبق ان كان لنا وزير خارجية كافيغدور ليبرمان ومشكوك أن يكون.

        عندما يقدم ليبرمان المسرحية الغريبة خاصته في الامم المتحدة، لا يهمه ماذا يفكر عنه اوباما او السيدة كلينتون. فهما ليسا جمهوره المستهدف. جمهوره المستهدف هو ناخبوه، في اسرائيل. وهو يحتقر قواعد الدبلوماسية، الادارة السلمية المحترمة و "التنور". وهم، كما قال في مقابلات تلفزيونية بعد خطابه، "يسير مع حقيقته"، مثلما اعتاد المتنافسون في برنامج البقاء والاخ الاكبر تبرير سقوطهم، قبل أو بعد أن يغادروا القبيلة او الفيلا.

        منذ متى يأتي وزير خارجية الى الجمعية العمومية في الامم المتحدة كي يقول حقيقته؟  ومن منا سيصدق ليبرمان اذا قال ان هذا لم يكن ثأرا متأخرا – باردا كما يوصى بتقديمه – ببيبي، على لقاء الوزير فؤاد بن اليعيزر مع وزير الخارجية التركي قبل بضعة اشهر؟

        في دولة سوية العقل، مع رئيس وزراء واثق بنفسه، يحترم نفسه والدولة التي يقودها، كان ينبغي لهذا أن يكون مصير وزير خارجية يفعل كما فعل ليبرمان: التنحية الفورية بالفاكس، مباشرة الى الفندق في نيويورك.

        ليبرمان لا تهتز له شعرة من أن يكون المتضرر الاساس والفوري من تنكيله أمس في الجمعية العمومية هو نتنياهو. وذلك، لانه عندما يعبر وزير خارجية اسرائيل عن موقف معاكس لموقف رئيس الوزراء في الموضوع الاكثر اشتعالا وحساسية على جدول الاعمال السياسي، العالمي، فان من يعتبر ضعيفا او غير مصداق، او غير جدي، او كل هذه المزايا معا، هو رئيس الوزراء. ونتنياهو على أي حال يعاني من مشاكل انعدام المصداقية.  ما فعله به ليبرمان أمس، بوعي وبعقل صاف، يفاقم فقط وضعه في نظر الامريكيين والاوروبيين، الذين يقولون لانفسهم على أي حال: اذا لم يكن رئيس الوزراء قادرا على أن يقول لوزير خارجيته، إما ان تمثل سياستي أو تسكت ببساطة – فما الذي يقدر عليه إذن؟

دافيد بن غوريون قال ذات مرة عن الساحة الدولية: "أوم – شمو" (أمم متحدة قفراء). أمس بالتأكيد قالوا في الامم المتحدة عن حكومة اسرائيل: "مشلا شمملا" (حكومة وشو هلحكومة).