خبر بعد موت « الشيطان الديموغرافي » -هآرتس

الساعة 10:30 ص|28 سبتمبر 2010

بعد موت "الشيطان الديموغرافي" -هآرتس

بقلم: موشيه أرنس

(المضمون: يزعم الكاتب أنه لا خطر سكانيا من المواطنين العرب على طابع دولة اسرائيل اليهودي - المصدر).

        إن الاسرائيليين الذين يؤيدون "حل  الدولتين" ويلوحون بالخطر السكاني الذي يترصد اسرائيل قد يعانون الآن الأرق – بعد أن ينظروا في التقرير السكاني الأخير الذي نشره المكتب المركزي للأحصاء مساء رأس السنة. تبين كما يزعم الباحث يورام اتنغر في السنين الاخيرة، أن الشيطان السكاني ليس فظيعا جدا كما يزعمون. وأصبح هذا الأمر رسميا الآن.

        يبدو أن الديموغرافية تعمل في مصلحة السكان اليهود. لا يجب أن تكون خبيراً سكانياً أو احصائياً كي تدرك أنه عندما يصبح مستوى العيش أعلى، ويكون للنساء دراسة أفضل وتدخل نساء أخر سوق العمل – يصبح الاتجاه السكاني مختلفا عما كان في الماضي.

        لكن الرأي السائد في شأن نسبة الولادة العالية عند العرب، والذي يستعين بدعاية ناجعة، ينجح في اخافة كثيرين من المواطنين اليهود في اسرائيل. فهم على ثقة بأن السكان اليهود قد يصبحون أقلية بين السكان الذين يعيشون غربي الأردن وأن النجاة الوحيدة هي في حل الدولتين.

        إن "الشيطان السكاني" في الحقيقة ليس الدعوى الوحيدة بل ليس الأكثر اقناعا في تأييد اقامة دولة فلسطينية غربي الأردن. إن تقسيم المنطقة غربي الأردن بين اليهود والعرب، في محاولة لتسوية الصراع بينهم بمرة واحدة والى الابد، يبدو في النظرة الأولى الحل العادل والصحيح. وليس مهما ألا يلائم هذا حقا الشعار الغوغائي "دولتين للشعبين". بحسب وضع الأمور الحالي، ستنشأ ثلاث دول بل أربع للشعبين: فاللفلسطينيين دولة في الأردن، ودولة في يهودا والسامرة ودولة في قطاع غزة، ولليهود دولة في اسرائيل ذات أقلية فلسطينية كبيرة.

        إذا كان الأمر كذلك، فلماذا يدخل من يؤيدون حل الدولتين في الصورة أيضا "الشيطان السكاني"، زاعمين أن الحل حيوي لاستمرار وجود اسرائيل على أنها دولة يهودية ديمقراطية؟ أو بعبارة أخرى، أن يسبب استمرار سيطرة اسرائيل على يهودا والسامرة أن تكف اسرائيل عن كونها دولة يهودية أو تكف عن كونها ديمقراطية؟

        الجواب واضح: من أجل اخافة الاسرائيليين الذين يحجمون عن الانفصال عن قلب أرض اسرائيل كي يوافقوا على هذه المصالحة "المؤلمة". في هذه الدعوى التي تعبر بادي الرأي عن قلق على الصبغة الديمقراطية لدولة اسرائيل، ثمة تجاهل لمشاعر المواطنين العرب. إن من يؤيدون حل الدولتين يقولون في الواقع انه كلما كان عدد أقل من العرب في اسرائيل سيكون الأمر أفضل. قد تثير هذه الدعوى صدى عند عناصر هامشية في المجتمع لكنها ليست ديمقراطية ولن تلذ آذان مواطني اسرائيل العرب.

        الآن بعد أن دفن "الشيطان السكاني" نهائيا، ما هو مكان الديموغرافية في الدعاوى عن مستقبل اسرائيل؟ إن أكثر الاسرائيليين مصممون على ضمان الصبغة واللغة والثقافة اليهودية للدولة، وفي مقابلة ذلك على احترام ثقافة ولغة المواطنين العرب. ينبغي الاستمرار على المهمة التي نصبتها الدولة اليهودية لنفسها ألا وهي منح اليهود في العالم كله ملاذا اذا طلبوا ذلك. لا يحل أن يحدث مرة أخرى ما حدث زمن المحرقة.

        يحتاج من أجل ذلك إلى أكثرية يهودية كبيرة. ما مبلغ كبرها؟ هذا سؤال ينبغي أن يوزن جيداً. هل تكفي أكثرية 80 في المائة من اليهود كما يوجد اليوم؟ هل مضاءلتها الى أكثرية بنسبة 70 في المائة ستكون كارثة؟ وهل الأمر أمر الاعداد فقط أم أنه يتعلق بمبلغ اندماج الأقليات في المجتمع الاسرائيلي أيضا؟

        برغم أن هذه الاسئلة صعبة وغير مريحة – اذا أردنا الحديث على نحو حكيم عن المستقبل، فانه ينبغي أن نتناولها مع اعتبار تام لمشاعر المواطنين العرب. الآن بعد تكميم المشكلة، على نحو جزئي على الأقل، هلم نبحث ذلك.