خبر على ماذا تجري المفاوضات حقا- إسرائيل اليوم

الساعة 09:24 ص|27 سبتمبر 2010

على ماذا تجري المفاوضات حقا- إسرائيل اليوم

بقلم: يعقوب عمدرور

(المضمون: على الحدود أن تأخذ بالحسبان خمسة عناصر: الجذور التاريخية والأماكن المقدسة التي بسببها ندعي الملكية عن البلاد، احتياجات الأمن الضرورية، خريطة الاستيطان اليهودي، الرغبة في التقليص قدر الأمكان من عدد الفلسطينيين الذين سيندرجون في الاراضي الاسرائيلية، والى جانب كل هذا خلق كيان فلسطيني ذي تواصل وامكانية لاداء وظائفه - المصدر).

        نحن نعيش في جدال. هناك من يدعي بأن ليس لأحد حق التنازل عن أي شبر في بلاد اسرائيل. إذ أنها كلها وطننا المقدس وأن الانسحاب سيمس شديد المساس بأمن اسرائيل. مقابلهم، هناك من يدعون بأنه يجب اعطاء الفلسطينيين كل ما يطلبون، وذلك لأن الحق الاخلاقي الى جانبهم، وكذا لأن وضع الاحتلال دون اتفاق يضر باسرائيل وبمستقبلها أكثر من أي حل آخر، مهما كان سيئا.

        حكومة اسرائيل اختارت طريقا وسطا: أن تجري مفاوضات، انطلاقا من فهم بأن تتمكن هذه من أن تؤدي الى انسحاب من أجزاء كبيرة من بلاد اسرائيل – ولكن القيام بذلك في ظل الحفاظ على مصالح حيوية، وعلى أساس الفهم بأنه اذا لم تتم بعض الشروط الأساس فمن الأفضل البقاء دون اتفاق.

        خمسة مواضيع تشكل معا لب المفاوضات، وعليه فان الاتفاق يجب أن يعنى بها. غير أنه في حقيقة الأمر، الرموز والكلمات التي تعنى بالشرعية، هامة للغاية لأنها تصمم وعي الطرفين ويمكنها أن تقرر اذا كان النزاع سينتهي ام سيحتدم، حتى من زاوية نظر عرب اسرائيل.

1. المسألة الحرجة هي هل الطرف الآخر يعترف بحق وجود دولة اسرائيل كدولة يهودية. اليهود يعلنون بأننا عدنا الى الديار وبلاد اسرائيل هي وطننا. العرب يدعون بأننا غزاة أجانب.

الاتفاق يجب أن يسوي هذا الجدال على الأقل من ناحية تصريحية. اذا لم يوافق قادة الفلسطينيين على الاعتراف بهذا الحق، مضمون أن يشتد النزاع المرة تلو الاخرى ويتسع ليشمل الناصرة ويافا ايضا.

في هذا السياق واضح لماذا هي مسألة القدس حساسة بهذا القدر. فاذا كنا عدنا الى وطننا واضح ان المحور المركزي لهذا الوطن هو القدس وجبل البيت (الحرم) في مركزها. هذا هو الجذر الذي يرغب الفلسطينيون في اقتلاعه. صحيح أن الفلسطينيين أيضا يدعون مركزية المكان بالنسبة لهم، ولكن واضح أن حجتنا ليست أضعف من حجتهم.

الفهم بأن الحديث يدور ليس فقط عن ترتيبات فنية بل عن شيء عميق يتعلق بالحق، السيادة والشرعية لوجود دولة يهودية – هو قلب النزاع، وعليه فيجب أن يكون قلب الاتفاق. صحيح أن كل تصريح يمكن خرقه وكل قرار يمكن الغاؤه، ولكن اذا كان هذا بسيطاً بهذا القدر فلماذا يصر الفلسطينيون ألا يوقعوا على ذلك؟

2.مسألة اللاجئين. الموضوع يثقل بشكل عملي على مستقبل دولة اسرائيل كدولة يهودية. وعليه فمحظور على اسرائيل بأي حال ان تسمح بأن تعيد حتى ولو لاجىء واحد الى اراضيها. في 1948 استوعبت اسرائيل مئات آلاف اللاجئين من الدول الاسلامية وعلى هذه الدول والدولة الفلسطينية ان تستوعب اللاجئين الفلسطينيين. كل حل آخر، حتى لو كان رمزيا من ناحية عددية، سيضعضع التعريف إن دولة اسرائيل هي دولة يهودية.

3.مسألة الأمن. يجب أن نضمن، وبالاتفاق، بأنه اذا ما فشلت النية الطيبة ومن الطرف الآخر من الحدود تكون ارادة للمس باسرائيل – فستقيد  قدرته. يجب أن نخلق آليات تقلل الخطر في أن تتحول يهودا والسامرة الى صيغة أخرى من غزة او من لبنان.

اسرائيل تأخذ مخاطرة هائلة بالانسحاب. لا أحد يمكنه ان يضمن أن في المنطقة لا تقوم مرة أخرى أجهزة قتل من النوع الذي قامت فيه بعد اتفاقات أوسلو، ولا أحد يمكنه أن يضمن ألا تصعد حماس الى الحكم وتفرض مذهبها الكفاحي. هذان خطران كل من يوصي باتفاق ملزم بأن يعترف بهما. الشرطة الفلسطينية، التي دربها الامريكيون، ناجعة حين يكون الجيش الاسرائيلي مسيطر في المنطقة، ولكنها لن تكون ذات صلة بعد الانسحاب.

يمكن تقليص هذا الخطر من خلال استخدام ثلاث وسائل:

سيطرة اسرائيلية في غور الاردن وفي المداخل من البحر والجو الى الكيان الفلسطيني، لمنع تهريب الصواريخ ووسائل القتال المتطورة، خبراء الارهاب والمتدربين العائدين بعد أن اكتسبوا المعرفة في الخارج.

سيادة اسرائيلية في مناطق حيوية. من أجل منع السيطرة بالنار المباشرة ومن مسافة قصيرة على مناطق حساسة مثل المطار الدولي في اللد ومحيط القدس، والتي محظور ابقاؤها معلقة بحبل ضيق واحد بقلب دولة اسرائيل، على طول المحور الذي تسيطر عليه عن كثب الأراضي الفلسطينية.

ترتيبات متشددة تسمح بالعثور على ومنع كل محاولة لخرق تجريد المنطقة من الأسلحة الثقيلة والضمان ألا يسمح للفلسطينيين بأن يدخلوا جيشا أجنبيا الى دولتهم.

يجب التشديد على أن هذه المطالب ليست الحد الأقصى المطلوب لحماية اسرائيل (بحث لضباط امريكيون قضى بأن الخط المثالي لحماية اسرائيل هو ظهر الجبل، بين جنين والخليل). يقترح هنا الحد الأدنى اللازم، الذي بدونه يصبح الكيان الفلسطيني منتجا للأرهاب الذي لا تستطيع اسرائيل التصدي له وعند الحرب لا يمكنها أن تدافع عن نفسها.

في هذا السياق يجب التشديد بأن على اسرائيل أن تصر على أن يكون بوسعها الدفاع عن نفسها بنفسها. لا توجد حالة واحدة في التاريخ دافعت فيها قوة دولية عن دولة تتعرض للعدوان من جارتها، ولا يوجد أي سبب للتفكير بأن ما لا تفعله اليونيفيل في لبنان ستفعله قوة أخرى من الأمم المتحدة في يهودا والسامرة.

كما أن هذا هو استنتاج بحث للناتو نشر في آذار 2010، بالنسبة لاستخدام قوات الناتو كقوة دولية في يهودا والسامرة. في هامش الأمور من المهم التذكر بأن وقف التحريض سيساهم أيضا في الأمن، بحيث أنه لا يخلق جواء بدايته الأقوال ونهايته الارهاب.

4 – 5 الأراضي الاقليمية والسكان (الديموغرافيا). هاتان هما مسألتان ترتبطان الواحدة بالاخرى. صحيح أن عناصر اليسار والاكاديميا أخطأوا وضللوا بالنسبة لعدد الفلسطينيين الذين يعيشون في يهودا والسامرة وغزة، ويتبين ان عددهم أقل بكثير من ذاك الذي أحدث القلق الديموغرافي غير المبرر.

        غير أنه حتى لو كان في يهودا والسامرة يعيش فقط مليون عربي – يكاد لا يكون هناك من يرغب في السيطرة عليهم وبالتأكيد ليس في ادخالهم تحت جناحي دولة اسرائيل كمواطنين متساوي الحقوق. فضلا عن المسألة الاخلاقية للسيطرة على شعب آخر، توجد هنا رغبة في عدم المس بالطابع اليهودي للدولي – دون الايضاح لانفسنا ما هو هذا الطابع عمليا. في نفس الوقت لا يمكن تجاهل مئات آلاف اليهود الذين يتواجدون لسنوات طويلة في يهودا والسامرة.

        وعليه فان على الحدود، التي ستقسم بلاد اسرائيل بين دولة اسرائيل والفلسطينيين، أن تأخذ بالحسبان خمسة عناصر: الجذور التاريخية والأماكن المقدسة التي بسببها ندعي الملكية عن البلاد، احتياجات الأمن الضرورية، خريطة الاستيطان اليهودي، الرغبة في التقليص قدر الأمكان من عدد الفلسطينيين الذين سيندرجون في الاراضي الاسرائيلية، والى جانب كل هذا خلق كيان فلسطيني ذي تواصل وامكانية لاداء وظائفه.