خبر فقاعة" تجميد الاستيطان مرة أخرى ..عوني صادق

الساعة 10:52 ص|24 سبتمبر 2010

فقاعة" تجميد الاستيطان مرة أخرى ..عوني صادق

في مثل هذا الوقت من العام الماضي انفجرت "فقاعة" الاستيطان للمرة الأولى، بعد ستة عشر عاماً من توقيع اتفاق أوسلو سيئ الذكر. القصة معروفة، وما زلنا نتذكر كيف أجلس الرئيس الأمريكي أوباما الرئيس عباس على قمة الشجرة، وكيف أنزله عنها بما سموه "المفاوضات غير المباشرة".

 

وبعودة للذاكرة أو للأرشيف، نجد أن السلطة الفلسطينية كانت تتمسك بشرط وقف كل الأنشطة الاستيطانية قبل التحول إلى "المفاوضات المباشرة"، بينما كان بنيامين نتنياهو يتمسك باعتراف السلطة بيهودية دولته. بعد ذلك عقدت قمة واشنطن التي حددت موعداً للبدء في "المفاوضات المباشرة" في شرم الشيخ في 14 سبتمبر/أيلول الجاري، مقابل زعم بوقف تلك الأنشطة جزئياً حتى 26 منه، زعم كذبته معظم المصادر "الإسرائيلية".

 

بعد جلستين في شرم الشيخ، وثالثة في القدس المحتلة، رعتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، تبين أن المواقف المعلنة للجانبين ما زالت كما كانت قبل عام، إذ أعلن جورج ميتشل أن جولة القدس انتهت "بإحراز تقدم في ملف الاستيطان". أما كلينتون فقالت: عباس ونتنياهو يناقشان "القضايا الجوهرية" وهما جديان في التوصل إلى حل الدولتين. ما هو "التقدم" الذي تم إحرازه في ملف الاستيطان، لا أحد غير "المعنيين" يعرف ذلك، بعد أن تقرر أن تكون المحادثات سرية. ولأن "التوصل إلى حل الدولتين" لا يزال هدفاً بعيد المنال، يمكن أن نتوقف عند قضية الاستيطان لنرى كيف تعمل الولايات المتحدة جاهدة على إعادة نفخ هذه "الفقاعة" مرة أخرى لتمرير مؤامرة لا توصف بأقل من تصفوية؟

 

قبل الانتقال إلى القدس المحتلة والجلسة الثالثة، ذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت - 15/9/2010)، أنه في حال عدم حدوث تقدم خلال جولة القدس سيدعو أوباما رئيس الوزراء "الإسرائيلي" إلى واشنطن للضغط عليه للموافقة على اقتراح سبق أن تقدمت به كلينتون واعتبر "حلاً وسطاً" ورفضه نتنياهو، يتعلق بموضوع ترسيم الحدود، وينص على "رسم الحدود على أساس حدود 1967 مع تعديلات تتمثل في تبادل أراض، على أن يتمكن الجانبان من تحديد المناطق التي ستكون تحت سيادته بعد التوصل إلى اتفاق سلام، وبذلك تحل مسألة البناء في المستوطنات". كيف ومتى سيتمكن الجانبان من ترسيم الحدود؟ مسألة لم يشرحها اقتراح كلينتون، والأهم أنه لم يتضمن جواباً معلناً عن سؤال بسيط مثل: ماذا سيحدث في الفترة التي ستفصل بين 26 سبتمبر/أيلول والاتفاق على ترسيم الحدود، هل يتوقف الاستيطان أم يستأنف؟ أم أن الحدود مرسومة ونحن لا نعرف؟ نسأل لأن أغلبية 62% من "الإسرائيليين" ترفض وقف الاستيطان، كما جاء في استطلاع "إسرائيلي"، ولأن نتنياهو يؤيد استئنافها، ولأن المفاوض نبيل شعث أعلن: "لا يمكن أن تكون هناك محادثات بشأن إنهاء الاحتلال بينما الاحتلال يتعمق" (السفير- 15/9/2010)، نرى أن اقتراح كلينتون يحاول أن "يتحايل" على "عقبة الاستيطان"، لكنه ليس كافياً لتذليلها، إلا بتواطؤ فلسطيني متعمد. فالمسألة بالنسبة لنتنياهو "خطيرة".

 

هيئة تحرير (هآرتس- 15/9/2010) رأت في تجميد الاستيطان اختباراً لزعامة نتنياهو، وتساءلت: "إذا لم يرغب نتنياهو أو لا يستطيع التصدي لشركائه في اختبار التجميد المؤقت والجزئي للبناء في المناطق، فكيف سيقف في وجه الضغوط حين تحين ساعة القرار بإخلاء عشرات المستوطنات وعشرات آلاف المستوطنين؟".

 

أما يوسي بيلين فرأى أن "نية نتنياهو هي البناء بأقل قدر ممكن من دون الإعلان عن التجميد"، وأضاف، "ولما كان محمود عباس غير معني بالتصريحات بل بوقف البناء، فمن المعقول الافتراض بأن تفكيراً إبداعياً يمكنه أن يجسر الثغرات. وطالما لم يصل الطرفان إلى القضايا الجوهرية، فإنهما كفيلان بإيجاد قواسم مشتركة، ولكن عندما يصلان إلى المسائل الجوهرية، فستفشل المفاوضات". ("إسرائيل" اليوم- 15/9/2010) ولا بد أن يكون "التفكير الإبداعي" الذي يقصده بيلين شيئاً شبيهاً باقتراح السيدة كلينتون، أسلوب مبتكر في الكذب والخداع، وإلا ما قيمة هذا "الإبداع" طالما سينتهي إلى الفشل؟

 

لكن نحميا شترسلر، كان أكثر صدقاً من يوسي بيلين، عندما قال في مقال نشرته صحيفة (هآرتس-14/9/2010): "ليس احتمال أن يتوصل نتنياهو إلى اتفاق احتمالاً كبيراً، لأنه من أجل إنهاء النزاع سيضطر للمخاطرة ب"أزمة صغيرة"، سيضطر لإزالة مستوطنات، والانسحاب من مناطق كثيرة، والمصالحة على القدس، لكن نتنياهو لن يفعل ذلك"، حتى لا يتعرض كرسيه للخطر.

 

الحقيقة أن النجاح الحقيقي الوحيد الذي أحرزته ولا تزال تحرزه الإدارات الأمريكية والحكومات "الإسرائيلية" المتعاقبة منذ توقيع اتفاق أوسلو يتمثل في كسب الوقت وجزرة "حل الدولتين" العفنة التي تلوح بها، بينما تحرق فيه كل الأوراق الفلسطينية الواحدة تلو الأخرى، حتى لم يبق في يد السلطة ما يسمح لها بأن تقنع الحلف الأمريكي- "الإسرائيلي" بضرورة السعي الجاد للتوصل إلى تسوية تعطي الفلسطينيين ولو الحد الأدنى من حقوقهم الوطنية. وقد كتب كيرن فيك، مراسل مجلة (تايم) الأمريكية في تل أبيب، مطلع الشهر يقول: "إن أغلبية "الإسرائيليين" لا تولي أهمية للتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، حتى إنهم وضعوا الصراع معهم في المرتبة الخامسة من أولوياتهم، بعد التعليم والجريمة والأمن القومي والفقر. لماذا؟ لأنه، وكما قال في مقابلة مع محطة "سي إن إن": إنه "من الواضح أن الحياة جيدة في "إسرائيل"، وعندما يكون الوضع الأمني جيداً، (لنتذكر أن ذلك بفضل أجهزة دايتون)، فالتوصل إلى تسوية ليس مستعجلاً.

 

صحيح... لماذا يستعجلون التسوية؟