خبر زهور من البلاستيك- هآرتس

الساعة 08:52 ص|16 سبتمبر 2010

زهور من البلاستيك- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

اصيص كبير يقف على خشبة نافذتنا، وفيه أزهار كثيرة من البلاستيك. ألوانها متعددة وصارخة. لكن الويل لمن يقترب اذ يتبين له أن الزهور صناعية. ليست لها جذور ولا حياة، وهي متشابهة على نحو مخيف بغير شيء قليل من الحسن. وهي تخفي عنا المنظر الحقيقي.

يقع نظر كل من يدخل بيتنا من الفور على المجموعة البلاستيكية هذه على نافذتنا، التي تجعل البيت قبيحا حتى يكاد لا يعرف، عندما يسأل: لماذا هذه الأزهار البلاستيكية في حين يوجد الكثير من الازهار الحقيقية التي هي أجمل كثيرا. لكننا لا نلتفت لذلك: فليقولوا ما قالوا، فنحن نصر على بقائها هناك. نحن نقاتل منذ عشرات السنين من أجل أن نزيد على هذه المجموعة أزهارا صناعية أخرى، ونحيطها بأسلام شائكة، لئلا يحاول شخص ما اقتلاعها وانقاذنا من لعنة قبحها.

            أجل، ليست المستوطنات أكثر من أزهار بلاستيكية. إنها مغروسة في أرض ليست لها، ولم تنبت شيئا سوى قبحها. وهي صناعية غير منتمية ولم تستطع أيضا أن تنبت شيئا سوى أضرارها. على هوامش قضية المسرح في اريئيل، لم نتنبه الى الأمر الجوهري وهو أنه مر نحو من 40 سنة منذ بدء المشروع، وما تزال المستوطنات محتاجة الى استيراد كل فن من اسرائيل ذات السيادة. فهي لن تنجح في أن تنبت شيئا من تلقاء نفسها. لا مسرحا ولا متحفا ولا موسيقى ولا رقصا، والقليل جدا من الأدب ولا يوجد أي عمل ابداعي ذو قيمة. أنجمد أم لا، أنبني أم نخلي، الصراع كله على كتلة كبيرة من ضواحي نوم بالمعنى العميق للكلمة.

            مدن سبات، ولا تنشأ ايضا اي صناعة متقدمة ذات شأن فيها سوى مصنع كعك واحد وعدة مشاغل أتي بها الى هناك في الأكثر من المركز، برغم جميع التسهيلات والافضالات التي صبت عليها. قرى مهاجرين، كذلك لم تكد تنشأ زراعة هناك سوى شيء من الفطر وأعشاب التتبيل. مدن أشباح في ساعات النهار، فأكثر المستوطنين يعملون في مكان آخر زيادة على من لا يحصون من العاملين بالأجرة. يمكن أن نتفهم طموحهم الى عدم الوجود فيها: وهلم لا نكثر الكلام على عمارة المستوطنات.

            ستقولون هكذا الحال في الضواحي. وهذا غير صحيح. لانه يوجد غير قليل من بلدات الضواحي التي نشأ فيها ابداع مدهش مهم لكن لا في المستوطنات التي هي أغنى بميزانيتها من كل مدينة أخرى. في حولون متحف، وفي بات يام وبيتح تكفا واسدود وهرتسيليا ورمات غان. وفي بئر السبع مسرح وفي عكا والمطلة وصفد مهرجان، وفي سديروت دار سينما. ونشأت في الكريوت موسيقى رائعة، ولم ينشأ في الكيبوتسات الزراعة والصناعة المدهشتان فحسب بل الابداع الفني الحقيقي أيضا.

            أنشأت لنا الضواحي أيضا فرقا رياضية ذات انجاز لكن هذا لم ينشأ حتى في مستوطنة واحدة. أيوجد هبوعيل في اريئيل؟ أو بيتار في معاليه ادوميم؟ أضحكتمونا. صحيح يوجد هناك مركز جامعي واحد لكنه أمر صناعي أيضا فان فريقا كبيرا من محاضريه وطلابه يأتون من مركز البلاد. وتوجد منتديات كثيرة، ومدارس دينية ومعاهد دينية لكن ما الذي ينشأ فيها بالضبط سوى الدراسات الدينية والى جانبها تدريس القومانية والكراهية.

            "مبارك الرجل" و "نظرية الملك" من ثمرات مجد أدب المستوطنين. وشخصياتهم المحتذاة محتالون يؤمنون بالقوة عرفوا كيف يخيفون الحكومات، او رجال دين لا يعد أحد منهم مقتلعا للجبال، وبعضهم متطرف بل أهوج، ولم تنشأ حتى مدرسة دينية مهمة واحدة هناك. يتلخص اسهامهم في المجتمع في السنين الاخيرة بتزويده بقدر يزداد من الجنود المقاتلين في الجيش الاسرائيلي، ويهدد فريق منهم برفض الأوامر العسكرية.

            انها مكتظة بالسكان لكنها فارغة، وكان يجب ان يكون هذا البرهان الخالد على عدم قدرتها على البقاء؛ كان يجب أن يسقط من تلقاء نفسه مشروع فارغ لا قيمة له كهذا. بيد أن الزهور البلاستيكية وإن لم تكن تعيش حياة حقيقية فانها لا تذوي من تلقاء أنفسها. فمن أجل ابعادها يجب اقتلاعها.

            نحن نحارب عن هذا المشروع، وندفع عن هذا التدبير. نحن جميعا. لهذا يحل لنا أن نسأل. ما الذي نحارب عنه؟ ما الذي أسهمه هذا المشروع للدولة وللمجتمع؟ وفوق كل شيء، لماذا نصر كثيرا على عدم ابعاد مجموعة الزهور البلاستيكية القبيحة هذه عن نافذة بيتنا؟