خبر طريق لا عودة عنها- هآرتس

الساعة 08:51 ص|16 سبتمبر 2010

طريق  لا عودة عنها- هآرتس

بقلم: اسرائيل هرئيل

طور أكثر صاغة الرأي العام في العالم وفي اسرائيل أيضا معارضة شخصية لبنيامين نتنياهو. وهذا الأمر يمنعهم من أن يحللوا في صدق فكري وبغير جانب عاطفي التحول العقائدي العظيم الذي طرأ عليه ويجره الى الوجهة التي يريدونها كثيرا. ان نتنياهو في واقع الأمر هو الوحيد في اسرائيل القادر – والذي ينوي – أن يقود اسرائيل الى تنازلات مفرطة في يهودا والسامرة وانشاء دولة فلسطينية.

            يزعم أنصار الانسحابات والاقتلاعات أن ليس باطنه كظاهره؛ وأنه يحتال ويتلاعب، ويوجه للفلسطينيين مطالب غير معقولة؟ (اذا كان يجب على اسرائيل أن تنسحب للحفاظ على الاكثرية اليهودية في الدولة، فلماذا طلبوا الاعتراف باسرائيل على أنها الوطن القومي للشعب اليهودي غير معقول؟)، أو ما لا يستطاع الوفاء بها، مثل التخلي عن حق العودة (اذا كان مطلب الانسحاب معللا بالرغبة في الحفاظ على الاكثرية اليهودية، فلماذا لا يوجه مطلب التخلي عن حق العودة، وهو الوسيلة الفلسطينية لمنع هذه الاكثرية، على أن يكون طلبا أوحد؟).

            عندما يستعمل رئيس الليكود تعبير "دولتين للشعبين"، او يسمي يهودا والسامرة "الضفة الغربية" – فهذا تعبير عن تحول عقائدي. ويشتق من ذلك تحول استراتيجي. فليس رئيس الليكود يحتال على الفلسطينيين او على الامريكيين بل على رفاقه في الحزب؛ على المعسكر الكبير الذي رأسه، في قصد الى أن يدير كما أعلن ووعد، سياسة قطبية لحكومتي كديما والعمل.

            تحول نتنياهو الحاد مستخف به – في احسن الحالات، وغير مفهوم فهما عميقا – لان كثيرين من منتقديه لم يتمسكوا قط مثله بايمان عميق ملزم ولا يدركون أي عواصف داخلية تهب على زعيم يتخلى عن الاعتقادات التي رضعها مع حليب أمه.

            إنهم غرباء عن المعاني التاريخية التي نسبها نتنياهو، في كتبه وخطبه، الى الأراضي التي هم متحمسون جدا لتسليمها الى سيادة غير منعكسة لشعب آخر. لهذا لا يستطيعون تقدير حقيقة أن نتنياهو في تصريحاته سار في طريق لا عودة عنها.

            لأنه ما هو الاقتلاع من غزة، الذي أخرب 25 مستوطنة قياسا بذاك الذي أخذ يقترب في يهودا والسامرة، والذي سيجري على المستوطنات والسكان التي ستقتلع من قلب الأرض التي اصبحنا فيها شعبا وطورنا فيها هويتنا وثقافتنا، والتي عدنا لاحيائها بثمن باهظ من الدماء. اذا كانوا قد حافظوا على اريئيل شارون وكأنه واسطة عقد فعليهم أن يحافظوا على نتنياهو وكأنه واسطة الواسطة.

            لو تمسك نتنياهو بموقف الليكود المبدئي لاستطاع أن يعرض استعداده للتنازلات على أنه ضغط امريكي – ولا سيما أن اسرائيل تواجه خطرا وجوديا. وكان أصغر رجال الدين يفتي بأنه عندما يكون الحديث عن "خطر على حياة الأمة" – القنبلة الايرانية – فان الحفاظ على النفس يسبق يهودا والسامرة. لكن لا يسير شخص مثل نتنياهو، وهو رجل الجلالة والكرامة في طريق الخداع. كان فمه يواطىء قلبه في الماضي وكذلك هو الان.

            يستطيع نتنياهو أن يجد مضمونا في دعوة "نذري كله"، لانه ربما يسهل عليه مواجهة النشوز المعرفي، الذي هو نتاج التحول الحاد الذي حدث في شخصيته السياسية. إن جوهر هذه الصلاة هو اعلان الانسان بأنه نادم على النذور والمحظورات من الماضي أيضا. ويعلن المصلي أن هذه "باطلة لاغية، ليس لها حكم ولا بقاء". ويعيدوننا بأن الله يقبل ويفهم ويغفر. واذا كانت الحال كذلك في السماء فكيف تكون في الليكود وفي المجلس الوزاري المصغر والسباعية.