خبر أين مضى التلون -هآرتس

الساعة 08:56 ص|15 سبتمبر 2010

أين مضى التلون -هآرتس

بقلم: عميرة هاس

(المضمون: في حين يحتج كثير من الاسرائيليين على تجميد البناء في المستوطنات يتناسون او يتجاهلون أن البناء في المناطق الفلسطينية مجمد منذ أربعة عقود - المصدر).

        في نهاية السبعينيات أو بدء الثمانينيات تحدث آسا كشير في مؤتمر ما جماعي عن الفرق بين حكومات العمل والليكود. كانت حكومات العمل متلونة وفي التلون شيء ما ايجابي، قال كشير. فالمتلون يعلم على الأقل أنه يوجد نظام قيم ملزم وأنه لا يعمل بحسبه وعلى ذلك يغطي على أفعاله. فهم من كلامه أن حكومات العمل علمت أن السيطرة على شعب آخر بخلاف رغبته عمل مرفوض. أما الليكود، كما قال كشير آنذاك، بترجمة حرة تسمح بها الذاكرة بعد ثلاثين سنة، فلا يشعر البتة بأنه يلتزم تلك القيم.

        بحسب هذا الفرق، أصبح بنيامين نتنياهو من رجال المباي، يشارك في لعبة المتلونين أما افيغدور ليبرمان فهو الليكودي من طراز 2010. ذاك الذي يقول بصراحة ما يغطي عليه رئيس الحكومة ويخفيه، كي يسهل على الحلفاء في أمريكا تزييف التقدم في حين نسير مكاننا.

        يعلم ليبرمان غير المتلون ما الذي يتحدث عنه عندما يقول إنه لن يوقع اتفاق سلام أيضا بعد سنوات جيل. ليست اتفاق السلام عقد عمل. فهو يحتاج الى تغيير قيم لا يوجد البتة في معجم الدولة اليهودية – الديمقراطية. وهو غير قادر على تخيل نفسه يفارق الامتيازات التي تثمرها هذه الطريق. ومن يهمه أن يكون الجانب الثاني من الامتيازات هو الظلم وقمع الحريات وخطر الانفجار الاقليمي.

        أول من أمس، في برنامج صباحي في اذاعة الجيش الاسرائيلي، أجري لقاء مع الوزير دانيال هيرشكوفيتس من "البيت اليهودي" وشكى من أنه لا يمكن الاستمرار على تجميد البناء في المستوطنات في حين يبني الفلسطينيون ويبنون. لا يحل أن نتوقع من مجري لقاء في اذاعة الجيش أو صوت اسرائيل أن يفاجىء وأن يسأل مثلا، على أساس مبدأ المساواة الذي أصبح مهما جدا فجأة لجماعة ضغط المستوطنات، لماذا لا ينشىء سكان نابلس وشرقي القدس حيا في حيفا ويسكنون عسقلان والجليل، اذا كان يحل لسكان حيفا وزريع أن يبنوا ويرسخوا في بساغوت ونابلس وسلوان؟ لكن مجري اللقاء لم يصحح حتى التضليل بالحقائق، ولم يذكر السامعين بأن الفلسطينيين لا يبنون على نحو حر. ففي 62 في المائة من مساحة الضفة الغربية ("المنطقة ج")، تحرص اسرائيل على تجميد البناء الفلسطيني منذ أربعة عقود. من المعقول افتراض ان مجري اللقاء، برغم وفرة التقارير، غير عالم بتجميد البناء في كل مكان يتجاوز منطقة السكن التي خصصت للفلسطينيين. فالزيادة الطبيعية لا تتصل إلا بحقوق اليهود. والمدارس ورياض الاطفال والمياه في المنطقة ج لليهود فقط. وآبار مكوروت في غور الاردن تزود المستوطنات وحقولها المغروسة بالماء الوفير. ينبع الماء من باطن الأراضي الفلسطينية، والأنابيب المحاطة فيها. تخرب الاراضي لأنه لا يحل للفلسطينيين الاتصال بمائهم، فوق الحصة التي لا تلائم احتياجات الانسان. في الدولة اليهودية – الديمقراطية، في حدودها الوهمية هذا أمر طبيعي كالشمس في مدارها.

        لو أراد الشريك الأمريكي لطلب البدء باخلاء المستوطنات وعدم مجرد تجميد البناء. لكن المساحات التي سلبها جدار الفصل، اريئيل وجفعات زئيف ومعاليه أدوميم وافرات المعوجة بأدب انجلو – ساكسوني، والقدس الشرقية مجمع عليها كلها. اجماع من؟ اجماع اليهود الديمقراطيين والمسيحيين الانجليين بطبيعة الامر.

        لا يفكر أحد في السؤال عن اجماع سكان المدن والقرى الفلسطينية التي تقع المستوطنات على أراضيهم. فملايين الفلسطينيين لا يعدون عندنا البتة. ولا يشعر مئات آلاف اشياع ليبرمان إن لم نقل أكثر من ذلك بالحاجة الى أن يكونوا متلونين.