خبر الجيش الإسرائيلي يرفض التحقيق في حالات قتل الفلسطينيين

الساعة 02:47 م|14 سبتمبر 2010

الجيش الإسرائيلي يرفض التحقيق في حالات قتل الفلسطينيين

فلسطين اليوم: القدس المحتلة

بيّن تقرير أعدته منظمة "بتسيليم" بعنوان "المسؤولية: سياسة الجيش هي عدم التحقيق في قتل فلسطينيين على يد الجنود"، أن جنود الاحتلال الذين يقتلون مواطنين فلسطينيين لا يتم تقديمهم إلى المحاكمة في الغالبية الساحقة من الحالات، حتى لو كانت ظروف عملية القتل تثير الشبهات بأنهم "تصرفوا بشكل جنائي".

 

ويشير التقرير، الذي يستند إلى تحليل سياسة النيابة العسكرية العامة في السنوات الأربع الأخيرة، إلى أن السبب الرئيس لهذا الوضع هو امتناع الجيش عن إجراء تحقيقات بواسطة الشرطة العسكرية في حالات قتل مواطنين من قبل جنود الاحتلال.

 

وتناول التقرير عدة حالات قتل فيها مدنيون فلسطينيون لم يكن لهم أي دور قتالي في السنوات 2006 – 2009، ولا يشمل ذلك ضحايا الحرب العدوانية على قطاع غزة في نهاية العام 2008. وخلال هذه الفترة توجهت المنظمة إلى النيابة العامة بطلب التحقيق في 148 حالة/جريمة قتل فيها 288 مدنيا فلسطينيا، علما أنه خلال هذه الفترة قتلت قوات الاحتلال، بحسب التقرير، 1,510 فلسطينيين بينهم 617 لم يشاركوا في أي قتال.

 

ويشير التقرير إلى أنه لم يتم التحقيق سوى في 22 عملية قتل، أي أقل من 15%، وقررت النيابة عدم التحقيق في 29 حالة، في حين لم تقرر بعد بشأن باقي حالات القتل، علما أن 16 منها وقعت في العام 2006. كما تبين أنه من بين 22 حالة تم التحقيق فيها، قررت النيابة إغلاق ملفين منها بدون تقديم الجنود للمحاكمة، وفي 3 منها لم ينته التحقيق بعد، وفي 4 أخرى أعيد الملف لاستكمال التحقيق، و في 13 حالة لم تقرر النيابة بعد ما إذا كانت ستقدم لوائح اتهام فيها.

 

وتبين أنه في بعض الحالات التي تقرر عدم إجراء تحقيق فيها، كانت هناك حالات تشير إلى شبهات جدية بخرق القانون. كما تبين أن النيابة تستند إلى التحقيقات العملانية وأقوال جنود الاحتلال بدون الاستماع إلى شهود عيان أو الاهتمام بأدلة أخرى تناقض أقوال الجنود.

 

وبحسب التقرير فإن سياسة عدم إجراء تحقيقات تستند إلى القرار الجارف الذي وضع منذ بداية انتفاضة القدس والأقصى في تشرين الأول/ أكتوبر 2000، والذي بموجبه تعتبر مناطق السلطة مناطق "صراع مسلح"، كما تستند إلى تفسيرات مضللة من قبل الجيش للقانون الدولي والتي تتنصل من إجراء التحقيقات الملقاة على عاتق الجيش حتى في حالات صراع من هذا النوع.

 

وبالنتيجة فإن ذلك يؤدي، بحسب التقرير، إلى الاستهانة بواجب الجيش في اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لتقليص المسّ بالمدنيين، ويسمح للجنود بالعمل خلافا للقانون، ويسهل عملية إطلاق النار والاستخفاف بحياة البشر.

 

ويقدم التقرير توصية بإلغاء المصطلح "صراع مسلح" الذي أدى إلى انخفاض ملموس في عدد الملفات التي تحقق فيها الشرطة العسكرية في حالات قتل مدنيين فلسطينيين. كما يوصي التقرير بتبني تعليمات المستشار القضائي للحكومة بشأن توقيت معالجة الملفات والتوجهات.

ورغم أن ماتسمى بالمحكمة العليا قررت في العام 2005 إطارا زمنيا مقلصا للتحقيق في مثل هذه الحالات/ جرائم القتل، إلا أنها لم تحدد إطارا زمنيا لاتخاذ قرار بشأن فتح ملف تحقيق أو التقديم إلى المحاكمة، وعليه فإن هذه القرارات تتأجل لشهور ولسنوات.

 

وينتقد التقرير موقف النيابة التي ترى ضرورة في إجراء تحقيق فقط في الحالات التي تبين أنها تنطوي على نوايا بهدف المس بالمدنيين، علما أن هذا الموقف ليس له أي أساس في القانون الدولي أو حتى الإسرائيلي، حيث أن واجب الجيش لا يتلخص في عدم المس بشكل متعمد بالمدنيين والذي يعتبر جريمة حرب، وإنما التأكيد على أن الجنود يلتزمون بالقوانين والتعليمات التي لا تمنع إطلاق النار بهدف القتل فقط، وإنما تمنع سلسلة أخرى من الممارسات، بما في ذلك التسبب بالموت عن طريق الإهمال.

 

تجدر الإشارة إلى أن منظمة "بتسيليم" و"الجمعية لحقوق المواطن" قدمتا في العام 2003 التماسا إلى المحكمة العليا ضد سياسة النيابة العسكرية العامة، إلا أنه لم يصدر قرار بهذا الشأن حتى اليوم رغم أن المداولة الأخيرة بهذا الاستئناف كان في أيار/ مايو 2006. وكانت الدولة قد ادعت في حينه أن إصابة مدني فلسطيني خلال الحرب ليس بالضرورة إثبات على أن جريمة حرب قد وقعت أو أن الجنود تصرفوا بشكل جنائي.

 

ويتناول التقرير عدة حالات قتل فيها مدنيون فلسطينيون، من بينها استشهاد باسم أبو رحمة في بلعين، وذلك بعد إصابته بشكل مباشر بقنبلة غاز. وقررت الشرطة العسكرية فتح تحقيق في ظروف استشهاده فقط قبل شهرين، علما أنه استشهد قبل 3 سنوات.

 

ويشير التقرير أيضا إلى الشهيد ياسر الطميزي (30 عاما) من قرية إذنا، قرب الخليل، والذي استشهد في 13 كانون الثاني/ يناير 2009. وكان الطميزي ومعه ابنه (7 سنوات) يمتطي حماره في طريقه إلى أرضه. ونقل عن راعي أغنام في المنطقة أنه شاهد الطميزي يتحدث مع 4 جنود في أرضه.

 

وبحسب شهود العيان فقد شاهدوا أحد الجنود يقوم بدفع الطميزي في صدره، وعندها رد عليه الأخير بالمثل، فوق الجندي أرضا. وعندها هجم الجنود عليه وطرحوه أرضا وقاموا بتكبيله. في هذه الأثناء طلب الجنود من الابن مغادرة المكان، إلا أنه رفض. ويقول إنه غادر المكان بعد أن طلب منه والده ذلك. وعندما وصل الابن إلى منزله روى لوالدته ما حصل.

 

وفي شهادته لمنظمة "بتسليم" قال أحد الرعاة إنه شاهد الجنود وهم يضربون الطميزي ويوجهون إليه السلاح. وبحسبه فقد أجلسوه أرضا وقاموا بتعصيب عينين. وبعد نصف ساعة وصل جيب عسكري إلى المكان وحملوا الطميزي وغادروا المكان باتجاه حاجز ترقومية. وتلقت العائلة لاحقا نبأ استشهاده.

 

ولدى إجراء تحقيق داخلي، بمشاركة قائد الكتيبة المسماة "أيوش"، نوعام تيفون، ادعى الجنود أن الطميزي، الذي لم يكن مسلحا ولم يهددا حياة أحد، تمكن من حل وثاقه ولمس سلاح أحد الجنود فأطلق عليه النار.

 

كما يشير التقرير إلى محاولة المستعربين اغتيال أحد "المطلوبين" في سوق الخضار، بتاريخ 04/01/2007، وعند انكشاف أمرهم بدأ الشبان برشقهم بالحجارة والعصي والزجاجات، وعندها تدخلت قوة من جيش الاحتلال مؤلفة من جيبات عسكرية وجرافات ومروحيتين، وبدأوا بإطلاق النار.

 

وقد أدت العملية إلى استشهاد 4 فلسطينيين لم يكونوا مسلحين، ولم يشارك 3 منهم في المواجهات في حين أن الرابع كان يبلغ من العمر 16 عاما، كما أصيب نحو 40 فلسطينيا بجروح، وصفت حالة 10 منهم بالخطيرة، ووقع دمار هائل في المكان حيث دمرت عشرات المركبات والمحال التجارية.

 

وبعد 15 شهرا من تقديم "بتسليم" طلبا إلى المدعي العسكري بفتح تحقيق، رد المدعي العسكري بأن حياة جنود الاحتلال تعرضت للخطر، وأن نتائج التحقيق التي أجراها الجيش لا تشير إلى ارتكاب أية مخالفات.

 

وفي حالة أخرى تناول التقرير استشهاد محمد خليل صالح (35 عاما) من قرية دير صالح في منطقة بيت لحم. وهو شرطي يعمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وبتاريخ 05/12/2007 وصلت مركبة تجارية إلى حاجز أقامته الشرطة الفلسطينية. وطلب صالح من السائق التوقف على بعد 5 أمتار. وعندها أطلقت النار من المركبة فأصيب الشرطي في صدره، وهرب الشرطي الثاني من المكان. وبحسب شهود عيان فقد كانت المركبة التجارية تقل 4 ملثمين مسلحين أطلقوا النار مرة أخرى على الشرطي صالح ما أدى إلى استشهاده. تبين لاحقا أن الملثمين هم من المستعربين، وقد خشوا افتضاح أمرهم فأطلقوا النار باتجاه الشرطي.

وبعد أسبوعين طلبت منظمة "بتسيليم" من المدعي العسكري معرفة ما إذا تم فتح تحقيق في العملية، إلا أن المنظمة لم تتلق أي رد حتى اليوم.

 

ولفت التقرير إلى استشهاد عبد شاكر محمد الوزير (69 عاما) في نابلس بتاريخ 16/10/2007، حيث استشهد بنيران جنود الاحتلال خلال تنفيذ حملة اعتقالية. ورفض المدعي العسكري فتح تحقيق في ظروف استشهاده بادعاء أنه حصل خطأ في التشخيص.