خبر أربعة انطلقوا الى المفاوضات..نغمة واحدة

الساعة 09:51 ص|13 سبتمبر 2010

بقلم: يرون لندن

وحدهم الخبراء وذوو الذاكرة الاستثنائية في حدتها قادرون على أن يقارنوا بين ما قيل في وثائق السلام التي صيغت منذ اتفاقات اوسلو في 1993. الاساس نحن نتذكره: السلام مع الجيران مقابل اقامة دولة فلسطينية في الحدود التي سبقت احتلال 1967. ولا تزال مغروسة في ذاكرتنا الخلافات حول السيطرة على "الحوض المقدس" في القدس وحول عودة اللاجئين، التي يرى فيها الفلسطينيون "حقا" لهم الى الابد.

        لا نذكر من بين زعمائنا مسؤول عن هذه الصيغة أو تلك. حتى لو جهدنا في عقولنا، وتذكرنا سنجد صعوبة في أن نقرر بشأن الفارق بين صيغ ايهود باراك، ايهود اولمرت، تسيبي لفني وبنيامين نتنياهو. هم، المفاوضين باسمنا، يدفعوننا الى الاعتقاد بان هوة توجد بين اقتراحاتهم وبين الاقتراحات التي قدمها زملاؤهم، ولكن واضح للجميع بانهم يفعلون هذا كي يميزوا انفسهم عن غيرهم.

        نتنياهو درج على أن يتباهى بمبدأ "اذا اعطوا – سيأخذون، واذا لم يعطوا – فلن يأخذوا"، اما باراك فاعتمد على اختبار "العرض السخي والنهائي"، ولكن هذين التكتيكين، الواحد شكاك واستفزازي والاخر ذو نزعة قوة وفروسية، يأتيان كي يؤديا بنا الى اماكن مشابهة.

        الحقيقة هي أن كل السياسيين الذين تولوا المسؤولية العليا، توصلوا الى استنتاجات مشابهة: لا مفر من تقسيم البلاد، لا توجد امكانية للتملص من الموافقة على دولة فلسطينية، ينبغي التخلي عن السيطرة على اجزاء واسعة من عاصمتنا ويجب ايجاد جواب لمطالب المسلمين في الحرم. كلهم واحد واحد يصرون على تجريد الدولة الفلسطينية وعلى ضمانات صلبة اخرى لامن اسرائيل.

        الفوارق الطفيفة هي تحصيل حاصل لمزاج الزعماء، تجربتهم والظروف المتغيرة، ولكن مفاجأة حقيقة أنه يجب الكد الكثير كي يربط المرء الاقتراحات لمقترحيها. هل يمكن لمؤرخ يأتي الينا من المستقبل أن يخمن من هو المتحدث الاسرائيلي الذي سجلت اقواله في هذه المحاضر او تلك؟ لماذا وصل ايهود باراك، ابن الكيبوتس ورجل حزب العمل الى استنتاجات تاريخية مشابهة لتلك التي توصل اليها الثلاثة الذين تربوا في المعسكر السياسي الخصم وعلى مدى معظم سنواتهم اقسموا لضفتي الاردن؟ كيف يحتمل أن معتقداتهم المختلفة – رجلا قانون، مهندس واستراتيجي تربى في العمليات – لم تؤثر على اهدافهم الاستراتيجية وعلى التكتيك الذي من خلاله تباحثوا مع خصومنا؟

        واضح أن التفسير يكمن في أن الاضطرارات تفرض نفسها على الاماني. قادتنا يوجهون سفينتنا مراعين المناخ السياسي السائد في العالم ومراعين المعطيات الديمغرافية والجغرافية. ومع ذلك، فاني اعتقد بان اراءهم تجتمع تتقلص لان أربعتهم يشبه الواحد الاخر اكثر مما يختلف عنه. اربعتهم ولدوا في السنوات المحيطة باقامة الدولة، لاهالي اشكناز، علمانيين واصحاب مال اجتماعي واضح. منذ بداية الثلاثينيات وحتى "التحول" ساد فارق عميق بين المعسكرين، ولكن كليهما قادهما اناس ذوو صورة اجتماعية مشابهة. فوارق مصادر التجنيد للمعسكرين الخصمين اتضحت في فترة لاحقة، عندما فقد اليسار معناه الاجتماعي وأصبح الممثل الواضح للطبقة الوسطى الليبرالية، بينما اليمين أصبح ممثل لابرز معتمري القبعات الدينية المحبوكة المسيحانيين والتقليديين الشرقيين.

        باراك، بانماط تفكيره ومعيشته، يتناسب والمسار الذي تحركت فيه حركة العمل في عشرات السنوات الماضية، ولكن نتنياهو، اولمرت ولفني ينتمون الى مجموعة اقلية في أوساط سليلي حزب الام الذي تربوا فيه – حركة حيروت. الحركة الام هي فايغلانية في روحها، اما هم فينتمون الى النخبة الاجتماعية، العلمانية والاشكنازية، التي اخذت قوتهم الديمغرافية في التقلص. التقارب الطبقي والثقافي السائد بينهم وبين باراك اهم بكثير من أي ايديولوجيا. يجدر بالفلسطينيين أن ينتبهوا الى ذلك لانه لن تمر سنوات عديدة الى أن تنهي هذه العصبة دورها السياسي والميول الديمغرافية في المجتمع الاسرائيلي لن تسمح بأي اتفاق.