خبر زمن فك الارتباط- هآرتس

الساعة 04:54 م|12 سبتمبر 2010

زمن فك الارتباط- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

بعد النجاح (المحدود) لفك الارتباط من غزة، حان الان الآوان لفك ارتباط آخر: ذاك الذي سيحرر اسرائيل من قيود التأثير السيء والمفسد للاثرياء اليهود. أحد الاستنتاجات التي تنشأ عن التحقيق المثير والشامل لـ غيدي فايس عن مارتن شلاف وأفعاله في اسرائيل، والذي نشر في "هآرتس" عشية رأس السنة، هو أن ضرر أغنياء الطائفة اليهودية في العالم الذين ينبشون في اسرائيل يفوق أحيانا منفعتهم. شلاف ليس الاخطبوط اليهودي الأول ولا الأخير الذي يرسل الينا أذرعه الطويلة: فقد شكلت اسرائيل منذ بدايتها ملعبا للاثرياء اليهود، الذين لم يفكر معظمهم بأن يعيشوا فيها، بل أن يفعلوا فيها عن بعد، من خلال أموالهم.

صحيح أن إقامة الدولة أتيحت، ضمن أمور أخرى، بفضل المال اليهودي الذي تدفق الى هنا منذ عهد "السخي الشهير" فلاحقا، ولكن الدولة القوية والراسخة كاسرائيل يجب أن تعرف كيف تفك ارتباطها عن هذا العناق المالي. لشخصيات مثل شلاف، رون لاودر، ادغر برونفمان، شيلدون أدلسون، اريفينغ موسوكوفيتش، ميشولام ريكلس، أري غينغر وأمثالهم معروف تأثيرهم شديد جدا. بعضهم ينبش هنا كي يزيدوا مالهم، في ظل استغلال الامتيازات التي تغدقها عليهم اسرائيل، آخرون يستثمرون هنا لدوافع صهيونية مشروعة. ولكن غير قليل منهم يفعلون ذلك كي يتسلوا بألعاب القوة، في دولة تسمح لهم بذلك. يبدو أنه لا توجد دولة غربية ينبش فيها مواطنون أجانب بهذا القدر؛ ولا توجد دولة أخرى أبواب زعمائها مفتوحة على مصراعيها أمامهم بهذا الشكل، فقط بفضل أموالهم. مثل هذا الأمر لا يوجد إلا في دول العالم الثالث، التي تدعي اسرائيل انها لا تنتمي اليها.

كما أن لرقصة التانغو الفاسدة هذه هناك حاجة الى شريكين. الى جانب الاثرياء اليهود الذين أرادوا النبش، كان السياسيون الاسرائيليون الذين استجابوا بحماسة لا تطاق لمغازلاتهم. فخلف كل سياسي اسرائيلي ناجح تقريبا يقف ثري يهودي، ولا سيما منذ انتهاج الانتخابات التمهيدية في الأحزاب؛ وخلف كل ثري يقف سياسي مدلل له. انبطاح بعض من السياسيين امام هؤلاء الاثرياء هو مشهد مخجل. مكاتبهم مجندة للتزلف للثري. الحجيج اليهم والى دلال الحياة التي يعرضونها على السياسي المرعي خاصتهم لا يطاق. تأثيرهم من شأنه أن يكون فاسدا ومفسدا، حتى لو لم يكن لذلك مظاهر جنائية. تحقيق فايتس يصب غير قليل من الضوء علينا وعلى حياة نخبنا أكثر مما يصبه على شلاف، بطل تقريره.

واقرأوا كيف تجندت المنظومة من أجل اقامة كازينو في أريحا: فجأة يمكن التعاون مع الفلسطينيين، ولكن فقط من أجل اثراء صندوق الثري وبعض من رعاياه المحليين.

أدلسون يصدر صحيفة، موسكوفيتش يبني مستوطنات، لاودر تفاوض باسم رئيس وزراء اسرائيل، ريكلس ساعد على شراء مزرعة وغينغر ساعد على تمويل محاكمة ضد التشهير. مؤيدون لليمين جميعهم، ولكن كان لليسار ايضا أثرياؤهم الخاصون، وان كان عددهم وتأثيرهم أقل بكثير. عندما يمول موسكوفيتش مستوطنات يدفع ثمنها الاسرائيليون، وليس هو، فانه ينبغي ابعاده عن هنا.

بالضبط مثلما هي المنفعة الناشئة لاسرائيل عن النشاط الساحق وذي نزعة القوة للوبي اليهودي في الولايات المتحدة مشكوك فيها جدا، لدرجة أنه منذ زمن بعيد يبدو أنه كان من الأفضل لاسرائيل لو أنه اختفى، هكذا ايضا يجب الان طرح السؤال عن المال اليهودي الذي يتدفق الى اسرائيل من اولئك الذين يختارون ألا يعيشوا فيها: هل يفعل الخير لطريقها، أم ربما يشكل مدخلا لتعفن هدام. تحقيق "هآرتس" عن شلاف أثبت كم هو مفسد يمكن أن يكون سبيل الثري اليهودي في لقائه مع السياسي الاسرائيلي.

وعليه فقد حان الوقت للشروع في فك الارتباط. الباب للمستثمرين الاجانب ولمساهماتهم يجب بالطبع أن يبقى مفتوحا على مصراعيه، ولكن على اسرائيل ان تقول لاخوانها اليهود: من حقكم ان تحاولوا التأثير ولكن لا أن تشتروا السياسيين. يكفينا المال – السلطة من انتاج البلاد، ولا حاجة لنا أيضا بعلاقات مال (يهودي) – سلطة (اسرائيلية). انبشوا في بلدانكم، ايها الاثرياء، ارفعوا ايديكم عن سياسينا: انفصلوا، أيها السياسيون الاسرائيليون عن الاغراءات المفسدة للاثرياء. زمن فك الارتباط حان.