خبر كفيف فلسطيني يشتغل كالمبصرين

الساعة 11:00 م|06 سبتمبر 2010

كفيف فلسطيني يشتغل كالمبصرين

فلسطين اليوم- وكالات

اجتمعت قوة الإرادة وصلابة المراس مع ظروف الحياة القاسية لتصنع من الكفيف الفلسطيني أبو فلاح السويطي رجلا منتجا، آثر الاعتماد على نفسه وعدم جعل نفسه رهينة لشفقة الآخرين.

 

وبدأت معاناة السويطي (75 عاما) في سن الطفولة حيث فقد والدته في سن السابعة، وفقد النظر بعد خمس سنوات، خلال عمله الشاق بالزراعة في أجواء الصيف الحار بقريته غرب الخليل، جنوب الضفة الغربية.

 

وواجه في البداية مشاكل جمة، إلا أنه قرر التغلب عليها وممارسة حياته بشكل طبيعي ما استطاع، وفعلا تحول من شخص معاق إلى آخر منتج يصنع المكانس ويحفر الآبار ويبني السلاسل الزراعية.

 

بداية قاسية

ويقول السويطي إن طفولته كانت قاسية رغم إبصاره، فكان يعمل في الفلاحة أسوة بالكبار، ونظرا لانعدام الرعاية الصحية وندرة الأطباء في قريته -بيت عوا- وبعد المسافة عن المدينة، بدأ نظره ينحسر تدريجيا إلى أن فقده بالكامل.

 

وأضاف أن والده نقله في حينه إلى مدرسة المكفوفين في مدينة رام الله ومكث هناك أربعة أعوام، ثم عاد إلى قريته، لكن المجتمع كان أقل رحمة بذوي الاحتياجات الخاصة، وأكثر إجحافا بحقوقهم.

 

وأوضح أنه قرر أن يعتمد على نفسه وتدبير أمور حياته دون الحاجة لمحيطه الاجتماعي، مشيرا إلى أنه بدأ يشتغل في حفر آبار المياه لتجميع أمطار الشتاء في القرية، وبناء الجدران الاستنادية في أراضي المزارعين.

 

أما المهنة التي رافقت السويطي حتى اليوم فهي صناعة المكانس من قش الذرة، موضحا أنه تعلمها في مدرسة المكفوفين في الصغر، ثم قام بتطوير أدواتها بنفسه إلى أن اعتمد عليها بشكل أساسي منذ شبابه وحتى الآن.

 

وأضاف أنه كان ينتج مئات آلاف المكانس سنويا، لكن ذلك تراجع في السنوات الأخيرة نتيجة تقدم السن والمرض وقلة المواد الخام، وقال إن إنتاجه تراجع إلى نحو ست مكانس يوميا.

 

وأشار السويطي إلى أنه يبيع كل مكنسة حالية بحوالي ثلاثة دولارات، يذهب أكثر من نصفها للتكلفة، والبقية يشتري به احتياجات عائلته، موضحا أنه يشتغل أيضا بالزراعة المنزلية وتربية الأغنام.

 

وقال إنه رغم فقده للنظر اشتغل بالتجارة وفتح محلا تجاريا حقق منه كثيرا من الربح، كما يجيد أشغاله أفضل من كثير من المبصرين، معربا عن استغرابه لشكوى كثير من المبصرين من البطالة وقلة العمل.

 

كفاءات أخرى

ورغم توقف السويطي عن الدراسة في سن الثالثة عشرة، بعد فقدان النظر، ظل مع ذلك مرجعا للطلبة يعلمهم ما تعلم ويشرح لهم الدروس، وإذا كان الدرس جديدا فكان يطلب من الطلبة قراءة الدرس ثم يقوم بشرحه.

 

وتزوج السويطي أربع مرات، انتهت اثنتان منها بالطلاق، الأولى بعد شهرين والثالثة بعد أربعة أعوام، فيما توفيت الثانية بعد عشرين عاما تاركة أربع بنات وولدا، ويعيش حاليا مع الرابعة ولديها منه ولدان.

 

ويوضح أيمن عودة رئيس مجلس قروي خربة سلامة -التي يقطنها السويطي حاليا- أن مهارات السويطي لا تتوقف عند الاعتماد على النفس وصناعة المكانس، بل يخطب الجمعة ويلقي المواعظ الدينية ويقرأ القرآن ويصلي بالناس.

 

وأضاف أن مهاراته وقدراته وصلت إلى حد قيامه بتفقد بعض المشاريع التي ينفذها المجلس القروي ومنها استصلاح الأراضي، حيث كان يعاين بكفيه الجدران الاستنادية وينتقد أي خلل فيها ويوجه العمال إلى الصواب.

 

لكنه أضاف أن تراجع الإقبال على المكانس المحلية المصنوعة من قش الذرة، وتقدم سن السويطي أدى إلى تراجع مهنته، وبالتالي ازدياد تكاليف وأعباء الحياة عليه.