خبر ليس ما يفعله البنك العقاري المصري العربي عيباً فحسب، وإنما حرام أيضاً

الساعة 06:09 م|06 سبتمبر 2010

 

ليس ما يفعله البنك العقاري المصري العربي عيباً فحسب، وإنما حرام أيضاً

بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان

كاتب وأكاديمي فلسطيني – جامعة الأزهر بغزة

على واحدة من إعلانات الدعاية الصادرة عن البنك العقاري المصري العربي، نقرأ وبالخط اللافت العريض

" قرض الخير: احصل على راتبين فوراً بمناسبة الشهر الفضيل"، كما نقرأ على الجانب الآخر من إعلان الدعاية ذاته: "قرض الخير لشهر الخير: احصل على مبلغ يعادل راتبين فوراً ومهما بلغ بمناسبة الشهر الفضيل"....

على الرغم من أن وجودي في البنك لم يكن للاقتراض، لكن العرض أعجبني. قلّبت الأمر في عقلي، فوجدت من الخير في رمضان أن أعجّل في تيسير أمور مهمة يحسن إنهاؤها اليوم قبل الغد. على الفور، ذهبت للموظف المختص. وجدته رجلاً مهذباً مؤدباً مهندماً حسن الطلعة. كان في كلامه حسناً كحسن طلعته. لم أكمل سؤالي حتى عاجلني سائلاً: "قرض الخير؟" قلت له: "نعم"، فرحّب بي على النحو الذي أحببت واحترمت، ثم أعطى تعليماته للمتدربة الجامعية المهذبة "مروة" التي انتقلت بي إلى مكتبها حيث استوضحت مني واستكتبتني في كل ما أرادت من معلومات إلى أن مهرْتُ الأوراق اللازمة بما طلبَت من إمضاءات ثم قالت لي: "راجعنا خلال أسبوع". هنا كانت المفاجأة، فقلت: لقد حمل إعلانكم كلمة "فوراً"، ولم تذكروا فيه كلمة "أسبوع" على الإطلاق، بل ذكرتم كلمة "فوراً" مرتين كتبت إحداهما بخط لافت وعريض ونافر وكبير!!!

حاورت الموظف المختص الذي وصفته بالمهذب المؤدب المهندم حسن الطلعة، والذي استدركت فيما بعد أنه مساعد مدير فرع العقاري في غزة. سألته عما إذا كانت كلمة "فوراً" تعني شيئاً آخر غير الذي فهمته أنا وغير الذي يفهمه أي امرئ من ذوي الطبائع السليمة. سلّم الرجل بأن كلمة "فوراً" تعني فوراً، ولا تعني شيئاً آخر"!!!

لم يكن وجودي في البنك يومها من أجل القرض، فذلك لم يكن - البتة - في ذهني، لكن إعلان " قرض الخير لشهر الخير/ "احصل على راتبين فوراً" لفت انتباهي إلى أنه أصبح في مكنتي أن أعاجل في حل أمور هي من الخير بدلاً من تأجيلها. قلت في داخلي: جميل أن أخرج من البنك خلال ربع ساعة مثلاً ومعي المبلغ الذي لن يتبقى معظمه في جيبي، حيث لكل جزء فيه جهة أو زاوية يذهب إليها.

كانت المفاجأة كبيرة من حيث الفارق بين فهمي كرجل طبيعي يفهم كيف يفهم كلمة "فوراً" وبين مقصد إدارة البنك التي جانبها الذكاء وتنكرت للصدق والمصداقية في صياغة إعلانها الدعائي، وفي تفسيرها المخل له ومحاولتها ليّ عنقه. استطاع الموظف المختص - بأدبه ولياقته ولباقته - أن يمتص انفعالي مع اعترافه بأن كلمة "فوراً" ليس لها إلا معنى واحد وهو "فوراً". تظاهرت بقبول كلامه المهدئ لأنني لم أكن أملك إزاء أدبه الجم غير ذلك. كنت مضطراً لاستيعاب أن معنى كلمة "فوراً" هو "الانتظار لمدة أسبوع"!!! قبلت ذلك، فما كان لي غير القبول. وبناءً عليه، فقد وعدت فلاناً وفلاناً و... بكذا وكذا...

راجعت البنك صباح هذا اليوم الاثنين 6/9/2010 الذي تكتمل فيه "مدة الأسبوع" التي باتت تفسيـراً (مختلفاً ومدمراً!!!) لكلمة "فوراً" التي تنطلق من الخداع والابتزاز والمخادعة. لدى مراجعتي، أجاب الموظف المهذب: "والله ما أجانا إشي".، وهنا كانت المفاجأة.... المُرَكَّبَة!!! إفك وابتزاز ومخادعة!!!

أما آخر الكلام، فإن كان شهر رمضان هو شهر الخير وهو بالفعل كذلك، فإن القرض الذي يعلن البنك العقاري المصري العربي أنه "قرض الخير" ليس في الحقيقة كذلك، بل إنه قرض الإفك والابتزاز والمخادعة، حيث يمارسُ الكذبُ فيه مرتين: أما الأولى، فشاهدها كلمة "فوراً" وتفسيراتها وما ارتبط بها، وأما الثانية، فشاهدهـا "راجعنا خلال أسبوع". وكلتاهما لم يكن لهما – كما ترون – من الصدق أيّ نصيب. وعليه، فإن ما يفعله البنك العقاري المصري العربي أقل ما يقال فيه أنه ليس عيباً فحسب، وإنما حرام أيضاً.