خبر الارض مقابل المظلة -هآرتس

الساعة 08:13 ص|06 سبتمبر 2010

 

الارض مقابل المظلة -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: ستكون الادارة الامريكية مستعدة لمنح اسرائيل مظلة ذرية اذا كانت هذه مستعدة لمنح الفلسطينيين المناطق المحتلة - المصدر).

في 13 أيلول 1993 اختنقت حنجرتي بالدموع لرؤية اسحاق رابين يصافح ياسر عرفات فوق أعشاب البيت الابيض، والرئيس كلينتون يلفهما بنظرة متفائلة. عندما يذل أبنائي الصغار من تل ابيب من مواليد ايلول 1993 على الحواجز أبناء السابعة عشرة من الفلسطينيين الذين لم يعرفوا اوسلو، فلا عجب ألا يكون لهذه المراسم احتمال أن تقترب من نسبة مشاهدة "نجم مولود". عرفنا أن المصافحات يمكن أن تتحول على نحو سهل الى ضغط على الزناد. وعلمنا يقينا أن تصريحات السلام الجديدة لا تدل بالضرورة على تصورات جديدة.

        يجب على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يقطع مسافة بعيدة نحو الفلسطينيين للوصول الى نقطة وصلها ايهود اولمرت في المحادثات مع محمود عباس. وسيضطر رئيس السلطة الى ازالة القفازات ازاء الخصوم في الداخل، كي يفطم الرأي العام الذي أدمن مخدر "لا شريك". ويجب على رئيس الولايات المتحدة براك اوباما أن يبذل ما بقي من المال السياسي، كي تستطيع وزيرة الخارجية كلينتون أن تضع امام نتنياهو وعباس وثيقة تشبه المخطط الذي قدمه الرئيس كلينتون قبل عشر سنين الى ايهود باراك وياسر عرفات.

        يبدو أننا سنستطيع فقط "بعد أعيادنا" وبعد أن يتنبه الامريكيون من المشتريات لعيد الميلاد، تقدير هل قربت المبادرة الجديدة انهاء الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين. لكن يمكن أن نقول الان إن تجديد التفاوض عمق النزاع بين القيادة الايرانية وجهات مركزية في القيادة العربية. إن الضربات الكلامية التي تتبادلها طهران وحلفاؤها في بيروت وغزة مع القاهرة ورام الله، ستؤكد الصلة الوثيقة بين مسيرة السلام والساحة الايرانية.

        تثبت عمليات حماس الارهابية الاخيرة الذعر الذي ألم بجبهة الرفض ازاء "خطر" أن نتنياهو ليس ما يظنون. هذه فرصته لادخال ايران في معادلته وهي المناطق عوض الأمن. يعلم نتنياهو نفسه صباح مساء بأن ايران هي تهديد اسرائيل الوجودي. اذا كان بيبي مستعدا حقا للنزول عن أراض من الوطن والتعرض للتوبيخ من أبيه بن تسيون، فلماذا لا يقامر على الصندوق كله؟ لماذا يكتفي بترتيبات أمنية مع دولة فلسطينية منزوعة السلاح وليدة، في حين يمكن تقديم الحساب بالعملة الايرانية؟

        برغم تبجح الساسة وحماسة أفراد العسكر، ليس يوجد لاسرائيل خيار حقيقي لأن تقف بنفسها برنامج ايران الذري. يتوقع أن يكلفنا الهجوم على ايران (اذا كان ممكنا أصلا من الناحية العملياتية) آلاف الضحايا ومواجهة اقليمية في ظل أزمة ثقة مع الولايات المتحدة. السبيل الصحيح لمواجهة التهديد الايراني هو التأليف بين تعزيز دائرة السلام في المنطقة، وضمان مظلة ذرية أمريكية وتطوير الردع الاسرائيلي.

        أثار باراك لأول مرة فكرة معاهدة دفاعية متبادلة، تمنح اسرائيل ضمانات أمنية في مواجهة ايران، في حديث مع الرئيس كلينتون في أثناء قمة كامب ديفيد سنة 2000. كتب بروس ريدل، الذي كان من كبار مسؤولي مجلس الامن القومي في البيت الابيض وحضر ذلك الحديث، كتب في مقالة نشرها أخيرا في مجلة "ذا نشنال انترست" ان كلينتون رد بالموافقة على فكرة المظلة الذرية، لكنها دفنت عندما دفعت مسيرة السلام الى طريق مسدود. وفي أثناء القمة اقترح باراك ايضا أن تزود الولايات المتحدة اسرائيل بطائرات هجومية متقدمة من طراز اف 22، تحسن قدرة الجيش الاسرائيلي على الضربة الثانية. وتلاشت هذه الفكرة ايضا مع التفاوض.

        يقترح ريدل ان تفحص الادارة الامريكية من جديد عن هذه المبادرات، بل أن تزن امكان تزويد اسرائيل بتقنية صواريخ بحرية وغواصات ذرية. من أجل ذلك يحتاج الى تقدم حقيقي نحو تسوية مع الفلسطينيين، ويرغب ايضا في أن يكون ذلك نحو سلام اقليمي على حسب مبادىء مبادرة السلام العربية. يمكث اليوم في البيت الابيض رئيس يتمنى انجازا. كي ينجح براك اوباما في المكان الذي زل فيه كلينتون سيكون مستعدا للدفع بسخاء، لكنه لا يوزع المظلات بالمجان ايضا. إما المناطق وإما المظلة – هذه هي المعادلة.