خبر البحر يصبح صالحا للزراعة

الساعة 03:48 م|03 سبتمبر 2010

البحر يصبح صالحا للزراعة

فلسطين اليوم – وكالات

أدى تزايد العواصف الشديدة إلى جعل البحر أكثر تقلبا، كما تراجعت أسماكه، مما جعل الصياد الفلبيني أندرياس كاسيبونج يتحول إلى الزراعة، ولكنه ظل مع ذلك وفيا للبحر حيث اتخذ مزرعته من مياه البحر المقابلة لجزيرة مولوكابوك التي تبعد عدة كيلومترات شمال جزيرة نيجروس الفلبينية.

 

أقام كاسيبونج/61 عاما/ في هذه المياه مزرعة لطحالب البحر بمساحة نصف هكتار. قام الفلبيني بتثبيت شباكه التي تنمو عليها الطحالب بقوائم في قاع البحر.

 

و أكد كاسيبونج أن هذه الـ"حديقة" أفضل بكثير من الصيد. ويضع الفلبيني محصول الطحالب على مساحات من البوص ليجف.

 

وعن تجربته في زراعة الطحالب في البحر قال كاسيبونج:؟الطحالب تنمو دائما، أستطيع أن أثق في ذلك، كما أن عائدها لا يقل عن عشرة آلاف بيسو شهريا "170 يورو" أي أكثر من موظف مجلس البلدية".

 

تستخدم هذه الطحالب في صناعة الأواني البلاستيكية مثل الدلو وحشو حفاظات الأطفال وكذلك كمادة ملزجة تستخدم في صناعة الصلصة وحلويات الألبان.

 

قال كاسيبونج إن الصيد أصبح صعبا بشكل متزايد وإن الصيد التجاري القادم من خارج الفلبين ومن داخلها أدى إلى نضوب الأسماك في المياه، سواء كان هذا الصيد بالشباك أو بالديناميت أو بالسموم، فكل ذلك لا يجد رادعا في الفلبين بدون أي اعتبار للخسائر.

 

هذا هو الوضع في معظم جزر الفلبين التي يصل عددها إلى سبعة آلاف جزيرة، فمن الصعب مراقبة الساحل الفلبيني الذي يمتد 36 ألف كيلومتر. مما يؤدي إلى نتائج كارثية.

 

تعالت نواقيس الخطر. وهناك انفجار سكاني في الفلبين ذات الأغلبية الكاثوليكية وذلك لأن الكنيسة تحظر استخدام وسائل منع الحمل مما جعل معظم الأسر الفلبينية تتكون من خمسة أو ستة أفراد فأكثر، خاصة في المناطق الريفية.

 

ويعيش أكثر من 80% من سكان الفلبين البالغ عددهم نحو 100 مليون نسمة على البحر أو من البحر. وتعتبر الأسماك وثمار البحر هي الغذاء الرئيسي في كل مكان تقريبا، فكيف يمكن إشباع هؤلاء السكان من البحر مع التراجع المستمر لثروات البحر.

 

لن يصبح ذلك ممكنا بدون بحر خالي من الأمراض سليم من العيوب. لذا فإن الحكومة الفلبينية أقامت مناطق حماية طبيعية داخل البحر و تسعى لحث السكان على ركوب المراكب والنزول بها للبحر للاعتناء به وحراسته بنفسها.

 

ويعتبر مشروع محمية "ساجاي مارين ريسيرف" حول جزيرة مولوكابوك أحد المشروعات الرائدة في هذا الاتجاه والتي تبلغ مساحتها نحو 32 ألف هكتار.

 

ويبشر النجاح الذي تحقق في هذا المشروع بخير كثير.

 

وعن ذلك قال عالم الأحياء الفلبيني ترينس داكليس:؟ساهم أجدادنا في الإساءة للبيئة، علينا أن ندفع ثمن أخطاء أجدادنا، علينا أن نقدم التضحيات الآن، ليس من أجلنا بل من أجل أولادنا".

 

ويعمل الباحث الفلبيني لدى مؤسسة "جي تي زد" الألمانية للتعاون التنموي والتي تدعم الفلبينيين في إدارة المناطق الساحلية بشكل يحقق عنصر الاستدامة الحيوية فيها.

 

من الصعب بمكان إقناع الصيادين بأن ما كان يعود عليهم بدخل وفير في الماضي أصبح محظورا الآن.

 

و اعترف اتيفونسو تابوتابو، أحد سكان جزيرة مولوكابوك البالغ من العمر 39 عاما بأن الكثير من الصيادين في الجزيرة كانوا يستخدمون الديناميت في الصيد لأنه كان مربحا للصيادين. ولكن هذه الطريقة كارثية للطبيعة حيث يتم خلالها إلقاء زجاجات مليئة بالمتفجرات على أسراب الأسماك التي تطفو نافقة على سطح الماء ليجمعها الصيادون.

 

ويتم خلال ذلك تفجير الشعاب المرجانية وتسميم المياه وقتل جميع الأسماك الصغيرة الموجودة في المنطقة.

 

ولكن معظم سكان جزيرة ساجاي أصبحوا الآن مشاركين في المسئولية عن منع هذه الكوارث وأصبحوا يدافعون عن محمياتهم البحرية ضد مواطنيهم الذين لا يريدون الاستجابة لصوت العقل وضد المتسللين من خارج الجزر. وأصبح هناك أبراج مراقبة في البحر ودوريات بالقوارب التي يتجول بها سكان المنطقة من الصيادين للتأكد من الالتزام باللوائح الصارمة لمنع الصيد الجائر.

 

وأوضح تابوتابو أنه أصبح يعي جيدا أنه من الأفضل للسكان أن تنتعش الثروة السمكية مرة أخرى "ولكن الحياة لم تصبح أبسط بهذه اللوائح".

 

ومن بين الصيادين الذين غيروا نشاطهم بسبب أزمة الأسماك أسوة بمواطنه كاسيبونج الصياد ديونيسيو أبونج/56 عاما/ والذي يعيش في جزيرة مولوكابوك والذي أكد أنه لم ير بديلا عن الاتجاه لزراعة البحر مضيفا:؟كانت الدنيا هنا وكأنها جنة ثم أصبح الأمر أصعب من أن يستطيع الصيادون تدبير عيشهم بالصيد.

 

ولكن الجنة لا تزال موجودة في زرقة البحر وصفاء مائه وأشجار المانجروف وفي أسراب الأسماك الصغيرة المتفرقة هنا وهناك.

 

أصبح أبونج الآن يجمع الأصداف مع زوجته. تكدست هذه الأصداف بالأكوام أمام كوخ أبونج الذي عكف على فصلها حسب الحجم ليصنع منها مظلات للمصابيح وزينة للجدران وزينة للمحلات في جزيرة سيبو السياحية المجاورة التي تعج بالأجانب.

 

وتدلت بعض هذه النماذج في كوخ أبونج الذي أكد أنه يربح جيدا من وراء هذا العمل. وتلألأت هذه الأصداف في أشعة الشمس.

 

غادر أبناء أبونج الثلاثة المنزل، أحدهم بحار والثاني بائع والثالث محاسب. وعبر أبونج عن سعادته بأن أولاده "لم يضطروا لحياة الصيادين الصعبة".

 

تعمل السيدة ما لين لاكسون لدى السلطات المحلية و وظيفتها إيجاد مصادر دخل بديلة للسكان. وساعدت لاكسون بعض النساء في إنشاء مشروع لتربية الخنازير وساعدت آخرين في فتح محلات.

 

وعن طبيعة عملها قالت لاكسون:؟يعيش في جزيرة مولوكابوك نحو خمسة آلاف إنسان يحتاجون لمصدر دخل".

 

وتنصح السلطات السكان بزراعة أشجار المانجروف قبالة الساحل ليس فقط كحماية ضد العواصف "ففي هذه الأشجار يعيش سرطان البحر والأصداف المختلفة التي يمكن أن يصطادها السكان" حسبما أوضح باحث الأحياء الفلبيني ترينس داكليس.

 

كما تعيش في هذه الأشجار الكلاب الطائرة الشبيهة بالخفافيش والتي تساهم في تلقيح أشجار الفاكهة الموجودة على الساحل.

 

ويحاول الباحثون تربية الرخويات البحرية بالقرب من هذه الأشجار لإحيائها في المنطقة بعد أن كادت تنقرض. ولكن ليس كل هذه المحاولات يحالفه النجاح لأن المنطقة ليست البيئة الأصلية لهذه الرخويات.

 

وعن هذه التجربة قالت لاكسون:؟أنشأنا شعابا صناعية لجذب أسماك الحبار ولكن العواصف الشديد هدمتها".

 

وتدعم هيئة جي تي زد الألمانية مشروعا لتربية السرطان حيث تعتبر إناثه من الأطعمة المميزة خاصة عندما تحمل بيضا لأنها تكون عندئذ سمينة.

 

وأوضحت لاكسون أن موظفي السلطات المحلية يسعون لإقناع الصيادين بترك أنثى السرطان في صناديق خاصة إلى أن تضع بيضها الذي يمكن أن يخرج من خلال قطبان الصناديق وينمو بشكل مستقل ثم يستطيع الصيادون تناول الأنثى بعد أن تضع بيضها.

 

ويربي بعض الصيادين سمك الحليب في أقفاص خاصة. وتعيش هذه الأسماك على الطحالب. ويرى مؤيدو هذا المشروع أنه الأسماك إذا تغذت بشكل طبيعي فربما كان ذلك إيذانا بفتح أسواق جديدة.

 

ويبدو أن سمك الحليب يفضل أوراق شجر المورينجا ولكن إذا تخلى المربون عن استخدام المبيدات الحشرية التي أصبحوا يلجئون إليها كثيرا في مواجهة الرخويات.

 

وزار بعض الموظفين المحليين ألمانيا لتعلم كيفية اعتماد شهادات التميز في التربية الحيوية.

 

وأشار داكليس إلى أن الأسماك الحيوية التي يربيها صيادو جزيرة نيجرو لا تزال محدودة الشهرة والانتشار "ولكنها ستصبح يوما ما تجارة هامة للسكان".

 

وبدأت الفلبين في إعداد الجيل التالي من حماة البحر، فها هي التلميذة سيلين البالغة من العمر 12 عاما تقول أثناء زيارتها لمتحف الأطفال إنها بدأت من الآن الانتباه إلى قضية النفايات التي تلقى في البحر.

 

وبينت سيلين التي تطوعت وهي وعدد من نظيراتها لإرشاد للتلاميذ أثناء زيارتهم للمتحف أن عبوات المشروبات تحتاج مئتي عام قبل أن تتحلل في البحار في حين أن حفاظات الأطفال تحتاج إلى 500 عام.

 

وقالت ليلبيث كوردوفا لا او مديرة المتحف إن سيلين وبقية التلميذات استقبلن منذ عام 2006 أكثر من 40 ألف زائر للمتحف. ويعود هذا الإقبال الواسع على المتحف إلى الكثير من مقتنياته التي تعجب الأطفال الذين يسمح لهم بالاقتراب من هذه المقتنيات ولمسها.

 

وأوضحت مديرة المتحف أن التلاميذ يشاركون يوم السبت من كل أسبوع في تنظيف الشاطئ وأن أولياء أمور التلاميذ أصبحوا يرافقوهم في حملة نظافة الشواطئ.

 

وبدأ الصيادون يجنون ثمار صبرهم وامتناعهم عن الصيد الجائر حيث زادت أعداد الأسماك بشكل واضح حسبما أكدت السلطات المحلية. بل إن بعض الأماكن شهدت زيادة أكثر من ضعف ما كانت عليه.