خبر سيوجه ويقرر..هآرتس

الساعة 10:25 ص|01 سبتمبر 2010

بقلم: رؤوبين بدهتسور

ليس لحكومة اسرائيل سياسة، وليس لوزرائها علم بما سيقول رئيس الحكومة لمحادثيه الفلسطينيين في واشنطن. إن عبارة "سياسة حكومة اسرائيل" وهم. السياسة الوحيدة الموجودة هي سياسة رئيس الحكومة. فبنيامين نتنياهو هو الذي سيقرر وحده في واشنطن البعيدة مستقبل الدولة، وسيعلم وزراء حكومته مثلنا جميعا بالتفصيلات بعد أن يبسط نظريته السياسية فقط أمام أبي مازن ورجاله.

        يبدو أنه لا مثيل في العالم الديمقراطي للقوة المركزة في يدي رئيس الحكومة في  اسرائيل. ففي حين يحدث الجدل الاعلامي في مستقبل الائتلاف انطباع ان الحديث عن رئيس حكومة ضعيف يخضع لضغوط من اليمين واليسار، يتمتع في واقع الامر باستقلال تام في مسار القرار على القضايا الاستراتيجية المهمة حقا.

        ما الذي كان في جدول عمل الحكومة عشية شخوص نتنياهو الى واشنطن؟ ادماج أمهات في سوق العمل وتعيين قنصل في بوسطن. لم يحاول الوزراء قط تبين كيف تبدو الخريطة التي يأخذها رئيس الحكومة معه الى واشنطن، وما هي صورة الاتفاق الذي يريد احرازه. وقد قرر رئيس الحكومة في الآن نفسه ان يلغي في يوم الاثنين جلسة وزراء السباعة التي كان يفترض ان يبحث فيها الوزراء سفره الى واشنطن. وبين أنه لا داعي الى اجراء النقاش لأن الحديث أصلا عن نقاش مراسمي غير ذي موضوع.

        وهكذا يحدث أن وزراء كبارا يفترض أن يؤثرا أو ان يكونوا شركاء على الاقل في صوغ سياسة اسرائيل، يحاولون تخمين نيات نتنياهو. يؤمل بنيامين بن اليعيزر أن ينوي نتنياهو التوصل الى تسوية فيها تنازلات. ويقول إنه "يؤمن" بأنه يعلم ما الذي يفكر نتنياهو. ويقول الوزير سيلفان شالوم إن على رئيس الحكومة أن يبلغ الوزراء الاجراءات السياسية وأن يجري في ذلك نقاشا منظما. ليس يوجد لكليهما، مثل زملائهما عند مائدة الحكومة، أي علم كيف ستبدو حدود دولة اسرائيل على حسب رؤيا نتنياهو.

ليست المشكلة انه لا يوجد لوزراء الحكومة علم فقط بنيات رئيس الحكومة بل انهم يسلمون لذلك راغبين. وعندما يطلب الوزير افيشاي برافرمان اعلانا واضحا بموقف العمل المتعلق بالاتصالات السياسية قبل اقلاع نتنياهو الى واشنطن لمحاولة التأثير في مواقفها، يقول بن اليعيزر "ليس هذا الزمن الصحيح لتهديد نتنياهو بترك الائتلاف، بل هو الزمن لتعزيزه زمن التفاوض". أجل ان تعزيز رئيس الحكومة عمل حسن مهم، لكن بشرط أن يعلم المعززون ما الذي يعززنه بالضبط.

لم يبتدع نتنياهو هذا الاجراء المختلف. فقد تمتع رؤساء الحكومة الاخرون ايضا بالقوة الكامنة في الاستقلال الذي يمنحهم اياه وزراء حكومتهم. منهم من استغل ذلك لاتخاذ قرارات مصيرية وحدهم، والاتيان بها بعد ذلك ليجيزها الوزراء. هكذا قرر ايهود باراك الانسحاب من لبنان وهكذا قرر اريئيل شارون الخروج من قطاع غزة. وفي الحالتين علم الوزراء بالسياسة الجديدة بعد أن كانت مصوغة وعندما أوتوا بها ليجيزوها.

الحديث بلا شك عن اختلال شديد في  مسار تقرير السياسة في القضايا التي تؤثر في مستقبلنا. مع ذلك، القوة التي لم يسبق لها مثيل التي يعطاها رئيس الحكومة تمكنه ايضا اذا شاء من أن يكون مصلحا، وممهدا لطريق وقاطعا بضربة واحدة للعقدة الوثيقة التي تربط اسرائيل بالفلسطينيين.