خبر « القدس العربي » في افتتاحيتها: ضربة موجعة للسلطة وإسرائيل معا

الساعة 06:41 ص|01 سبتمبر 2010

"القدس العربي" في افتتاحيتها: ضربة موجعة للسلطة وإسرائيل معا

فلسطين اليوم-القدس العربي

قالت صحيفة القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها اليوم إن الهجوم الذي استهدف مستوطنة كريات اربع في منطقة الخليل، وأدى الى مقتل أربعة مستوطنين، يكشف مدى خطورة الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وهشاشة حالة الهدوء التي سادت الضفة الغربية على مدى السنوات الأربع الماضية.

تضيف الصحيفة: توقيت هذا الهجوم على درجة عالية من الاهمية، فالجهات التي نفذته، او تقف خلف منفذيه تعارض العملية السلمية في صورتها الحالية، وتريد افشال مفاوضات السلام المباشرة التي من المقرر ان تبدأ اليوم رسمياً بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، برعاية الرئيس الامريكي باراك اوباما ومباركة الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني.

قليلون هم الذين تنبأوا بنجاح هذه المفاوضات، سواء في الجانب الفلسطيني او الاسرائيلي، بسبب الفجوة الواسعة في مواقف الاطراف المعنية، وغياب النوايا الجدية، خاصة لدى نتنياهو لانجاح هذه المفاوضات-أكدت القدس العربي.

وأشارت الصحيفة إلى أن الطرف الفلسطيني ذهب الى هذه المفاوضات مكرها، واستجابة لضغوط امريكية ترافقت مع تهديدات بوقف المساعدات المالية، اما نظيره الاسرائيلي فقد أرادها، اي المفاوضات، حملة علاقات عامة لكسر العزلة الدولية، ومحاولة تحسين صورة نتنياهو وتقديمه الى العالم كرجل سلام، بعد ان وصلت صورته الى الحضيض بعد مجزرة سفن الحرية التي ارتكبتها وحدات تابعة للبحرية الاسرائيلية في عرض المياه الدولية قبالة السواحل الفلسطينية.

وتمضي: نتنياهو حرص على استفزاز 'شركائه' الفلسطينيين ومضيفيهم الامريكيين، وضيفي الشرف العربيين (الرئيس المصري والعاهل الاردني) عندما اعلن عن عزمه على استئناف الاستيطان، وعدم تمديد فترة التجميد التي تنتهي في الثلث الاخير من الشهر المقبل، وتمسك بشرطه بضرورة اعتراف الفلسطينيين باسرائيل كدولة يهودية.

ولم تعلن اي جهة، وحتى كتابة هذه السطور مسؤوليتها عن الهجوم على المستوطنين الاسرائيليين، ولكن من الواضح ان هناك اطرافا فلسطينية عديدة، اسلامية ويسارية، ترفض استئناف المفاوضات وفق الشروط الاسرائيلية التعجيزية وتريد ان تعبر عن رفضها هذا بعملية فدائية على هذه الدرجة من الخطورة من حيث حجم الخسائر، والاتقان في التنفيذ.

وحسب الصحيفة، فإن الرسالة التي يريد ايصالها من نفذوا هذه العملية واضحة المضمون، وتفيد بان الاجراءات الامنية الشرسة التي طبقتها قوات امن السلطة باشراف الاجهزة الامنية الاسرائيلية ودعمها، لا يمكن ان تحقق الامن للمستوطنين، وتحفظ أرواحهم.

وتقول: لا بد ان صدمة الرئيس محمود عباس من جراء سماع انباء هذه العملية، وحجم ضحاياها، وقبل ساعات من استئناف العملية التفاوضية اكبر بكثير من صدمة نتنياهو، لانه كان يريد ان يتحمل الاخير مسؤولية فشل المفاوضات بسبب شروطه التعجيزية، واصراره على استئناف الاستيطان. فالرئيس عباس كان يتباهى دائماً بالانجازات الامنية لسلطته في منع اي هجمات ضد المستوطنين، وتوفير الامان لهم، والقضاء بالكامل على الحركات الاسلامية وعناصرها في الضفة الغربية، الخاضعة لحكم سلطته وأجهزتها الامنية.

ولا بد ان الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء في السلطة برام الله قد شعر بصدمة اكبر من صدمة رئيسه، خاصة انه عقد بالامس مؤتمراً صحافياً اعلن فيه انطلاق المرحلة الثانية والاخيرة من بناء البنى التحتية للدولة الفلسطينية التي يعتزم اعلان قيامها في صيف العام المقبل. فمثل هذا الهجوم يشكل ضربة قوية للسلام الاقتصادي الذي يعكف على تثبيت اركانه في الضفة الغربية بمساعدة اموال الدول المانحة.

وحسب الصحيفة، فإن خطورة هذا الهجوم تأتي من كون الجهات التي تقف خلفه، وغير المعترف بها من قبل السلطة او اسرائيل او رعاة العملية السلمية، قادرة في اي وقت على تعكير المياه، وخلط الاوراق، وتفجير اعمال المقاومة ضد الاحتلال بالطرق والوسائل التي تراها مناسبة.

والمفارقة التي قد تغيب تداعياتها عن الكثيرين في واشنطن ورام الله وتل ابيب معاً، ان هذا الهجوم المزلزل وقع في مناطق السلطة مما يؤكد فشلها في ضبط الامن، بينما نجحت حركة 'حماس' المرفوضة امريكياً والمحاربة بشراسة من قبل السلطة واسرائيل في السيطرة على الاوضاع في المناطق التي تسيطر عليها في قطاع غزة.

وختمت القدس العربي بأنه اذا كانت حركة حماس هي التي تقف خلف هذا الهجوم الكبير، ويبدو انها كذلك من خلال مسارعتها بالاشادة به وبمنفذيه، والقول بانه جاء رداً طبيعياً على ممارسات الاحتلال، فانها تكون قد سجلت اكثر من هدف في اكثر من مرمى، من حيث اظهار قدرتها، وامتلاكها الامكانيات على استئناف العمليات العسكرية عشية استئناف المفاوضات، ومن مناطق يسيطر عليها خصومها، وليس من المناطق التي تسيطر عليها (اي قطاع غزة) التي تتمتع بالهدوء الكامل. وهذا يعتبر قمة التحدي، واحد ابرز علامات القوة واختراق جبهات الخصوم والاعداء في الوقت نفسه.