خبر في ذكرى المجزرة.. الحرم الإبراهيمي عتبات حزينة وأذان مخنوق بالغطرسة

الساعة 09:56 م|25 أغسطس 2010

في ذكرى المجزرة.. الحرم الإبراهيمي عتبات حزينة وأذان مخنوق بالغطرسة

فلسطين اليوم- وكالات

 في ساعات الصباح الأولى، قبل ستة عشر عاماً، استيقظ أهالي الخليل على نداءات واستغاثات، أطلقت عبر مكبرات الصوت في المساجد في كافة أرجاء المدينة تنادي بالتبرع بالدماء وإغاثة الجرحى الذين ينزفون في بيت إبراهيم الخليل عليه السلام.

 

وفي مثل هذا اليوم، تجسدت صورة لواحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت في تاريخ الإنسانية جمعاء.. طبيب أطفال من احد غلاة المستوطنين وأكثرهم تطرفا يدعى باروخ غولد شتاين، يفتح النار عبر بندقيته الأوتوماتيكية صوب المصلين وهم سجدا في صلاة الفجر، فقتل أكثر من 29 مواطناً وأصاب العشرات بجراح .

 

تطل علينا هذه الذكرى المؤلمة، والحرم الإبراهيمي الشريف ما زال يرزح تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، مكبلا ومقيداً بالبوابات الحديدية والالكترونية، بدواعي أمنية عارية عن الصحة، وكاميرات المراقبة تملأ المكان، وجنود منتشرون كالغربان.. وأكثر من ذلك، إجراءات وأوامر عسكرية تخنق الآذان وتمنعه من الانطلاق.. إنهم يجبرون بيت إبراهيم على الصمت ويسلبون إرادته، ويحاصرون قبور الأنبياء داخله!!

 

الحاج صلاح بيوض الموظف المتقاعد أحد الذين سخروا جل حياتهم لخدمة الحرم، شبه الحرم كالرجل الكبير الطاعن في السن الذي له مكانته واحترامه في ديرته، إلا أن جور الزمان جعل حثالة الصبيان يلعبون ويلهون به وهو مقطوع اللسان.

 

ويناشد الحاج بيوض الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الدكتور سلام فياض بعمل شيء من اجل الحرم الإبراهيمي الشريف، وتوفير رحلات ميدانية دائمة إليه من جميع أنحاء فلسطين لإعادة الروحانية والهيبة إليه، قائلاً لي كما قال الشاعر محمود درويش 'يا ولدي، إن البيوت تموت إذا غاب سكانها'

 

الحرم بعد المجزرة

 

'يتغنى العالم أجمع بالحرية وحقوق الإنسان دون أن يفعل شيئا لبيت من بيوت الله يداس ببساطير العسكر ويدنس ببطش المحتلين' هذا ما قاله الحاج راغب جابر لـ'وفا' والألم يعتصره، ويضيف 'نحن نعيش مأساة مستمرة، تزداد يوماً بعد يوم، فمنذ حدثت المجزرة على يد الإرهابي غولد شتاين، والحرم يتآكل شيئاً فشيئا بفعل الاحتلال والهمجية الإسرائيلية.

 

ويتابع: عقب المذبحة تم تقسيم الحرم إلى قسمين، قسم للمسلمين وآخر لليهود، وركبت البوابات الحديدية والالكترونية وكاميرات التصوير في داخل الحرم وخارجه، كل ذلك تم تنفيذه ولا يترك للناس حرية المرور والحركة حتى عبر البوابات التي ركبت، فيتواجد وباستمرار جنود الاحتلال لمراقبة هذه البوابات ومن يريد الدخول إلى الحرم عليه أن ينزع حزامه وسباطه وأي شيء يحمله ويجب أن يضعه على الكراسي الجانبية بحجة التفتيش زيادتاً في البطش والقهر.. كما يتم صلب الشباب على الجدران القريبة من الحرم الشريف في ساعات الظهيرة وتحت أشعة الشمس الحارقة لإبعادهم عن مسجدهم ودفعهم إلى عدم العودة مره أخرى إلى هذا المكان.

 

ويضيف جابر إذا أردت الصلاة في الحرم يوم الجمعة، ينبغي عليك التواجد والسعي لذلك من الساعة الثامنة صباحا، كي تستطيع تخطي كل الحواجز التي وضعها الاحتلال بعد المجزرة، فنحن نعيش قي سجن كبير، والمضايقات مستمرة بفعل الممارسات العسكرية.

 

منع الترميم:

 

وقال رئيس لجنة إعمار الخليل الدكتور علي القواسمي: نحن بدورنا نقوم بإعادة إعمار وترميم الحرم الشريف، بدأنا بسطحه وكسونا قبابه بألواح الرصاص، وقمنا بترميم الإسحاقية واليعقوبية والجاولية والحضرة الإبراهيمية، لكن نحن الآن موقوفون عن العمل في القسم المغتصب من الحرم الشريف، وهو القسم الذي احكم الاحتلال الإسرائيلي سيطرته عليه، ويسعى الاحتلال أيضا إلى اغتصاب بقية أجزائه.

 

وأشار رئيس لجنة الإعمار إلى أن الاحتلال منعهم من إكمال ترميم الجدران الخارجية للحرم، والجدار الجنوبي، وتبليط الساحات، وتم منعهم من بناء طبقة ثانية للتكية الإبراهيمية، التي تقوم بتوزيع الطعام على فقراء المحافظة وعابري السبيل.

 

ويضيف القواسمي 'نحن بدأنا العمل في داخل الحرم عام 1998 وسنستمر في ذلك رغم المنغصات والمعيقات التي يضعها الاحتلال، ونطالب العالم اجمع أن يقف إلى جانبنا لحماية هذا المسجد، وفتح الشوارع المحيطة به والأسواق والمحال التجارية المغلقة المجاورة له، مؤكدا أن لجنة اعمار الخليل قامت برفع عدة قضايا ضد الاحتلال الإسرائيلي لإزالة الاعتداءات عن الحرم الإبراهيمي الشريف والبلدة القديمة ولجمها.

 

منع رفع الآذان:

 

جمال مرقه التاجر الذي ما زال مرابطا في البلدة القديمة بجانب الحرم يقول، على المواطن الفلسطيني تحمل ما يفعله الاحتلال، وعدم هجر الحرم والبلدة القديمة والبعد عنهما طوال العام، كي لا نسمح للاحتلال السيطرة عليهما، فالحرم بحاجة لنا طوال العام ليس في رمضان فقط .

 

ويؤكد مرقه  أنه تم الطلب من سفراء الدول العربية والأوروبية ومندوبيها الذين زاروا البلدة القديمة والحرم، رفع هذا الظلم عن الحرم والبلدة القديمة ومساعدة أهلها على العيش بكرامة، وإزالة البوابات الحديدية والالكترونية وفتح شارع الشهداء، لكن لا حياة لمن تنادي.

 

وأكد رئيس سدنة الحرم الإبراهيمي الشريف الحاج حجازي أبو سنينه أن الإقبال على الحرم في رمضان جيد جداً ويتمنى أن يستمر هذا طوال العام، فالاحتلال الإسرائيلي يحاول إحكام سيطرته على الحرم يومياً، وآخر هذه الاعتداءات هي منع رفع الأذان والسيطرة التامة على غرفة المؤذن.

 

وبين رئيس السدنة أن لجنة شمغار الإسرائيلية، التي شكلت على اثر المجزرة التي حدثت بتاريخ 15رمضان عام 1994 قررت بتوصياتها تقسيم الحرم إلى جزئين احدهما للمسلمين والآخر لليهود، وأوصت بإعطاء الحرم كامل للمسلمين (10)أيام في السنة فقط، منها (6) أيام في رمضان، وهي (4) جمع وليلة القدر ويوم عيد الفطر، و(4) أيام تعطى خلال العام، كما قررت مقابل ذلك إعطاء الحرم كاملا لليهود (10)أيام أيضا.

 

وقال رئيس السدنة إن الحرم في صلاة التراويح يعج بالنساء والرجال والصبية، وتزداد أعداد المصلين في رمضان لتفوق الآلاف، ويظهر الحرم في هذه الأيام غاية في الروعة والبهاء، فيتزين بأبنائه وأهله كما كان قبل الاحتلال، فعلينا التمسك به والصلاة فيه طوال العام.

 

غطرسة إسرائيلية وقلة في الموظفين:

 

وأكد مدير أوقاف الخليل زيد الجعبري أن السلطات الإسرائيلية منذ اليوم الأول لاحتلال الخليل، في 7 حزيران 1967 وضعت نصب عينيها الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة، وعملت على تنفيذ المجزرة في رمضان لإبعاد المصلين عن الحرم بالرعب والتخويف.

 

وأضاف أن عدد الموظفين في الحرم قبل حدوث المجزرة بلغ (85) موظفاً ما بين حارس ومؤذن وخادم وإمام ورئيس سدنه، وكان العمل على مدار 24ساعة، بينما تقلص العدد اليوم إلى (40) موظفاً.

 

كما طالب ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية بزيادة عدد الموظفين في الحرم الإبراهيمي الشريف، وناشد العالمين العربي والإسلامي لنصرته وكف يد الاحتلال عنه بإزالة الاعتداءات وإيقافها والتي كان آخرها منع رفع الأذان داخله 87 مرة خلال شهر واحد.