خبر اليونان – هل بديل استراتيجي لتركيا؟

الساعة 11:06 ص|23 أغسطس 2010

اليونان – هل بديل استراتيجي لتركيا؟

بقلم: عوديد عيران

(المضمون: الخيار الهيلني الجديد قد لا يوفر بديلا وجوابا كاملا على الذخائر الاستراتيجية التي ضاعت مع تصفية الخيار العثماني الجديد، ولكن توجد فيه طاقة كامنة مثيرة للاهتمام تستحق الاستثمار - المصدر).

في ظل أقل من شهر استكمل رئيسا وزراء اسرائيل واليونان زيارتين رسميتين متبادلتين. كل واحدة من هاتين الزيارتين كانت هي الاولى من نوعها. من الصعب ايجاد سابقات في تاريخ الدبلوماسية الاسرائيلية لاقتراب مثل هاتين الزيارتين زمنيا.

حتى وقت أخير مضى كان يتناسب منسوب العلاقات المتبادلة المنخفض مع مصالح الدولتين. وفي ظهوره أمام المنتدى الاقتصادي العربي في لبنان في 20 آيار من هذا العام، أشار جورج باباندريو الى صداقة أبيه، رئيس الوزراء في حينه، اندرياس باباندريو مع قسم كبير من الزعماء العرب وأشار الى تضامن الشعب اليوناني مع شعوب العالم العربي. وكلف نفسه عناء الإشارة الى أن "الجميع، بما في ذلك اسرائيل، يجب ان ينفذوا قرارات مجلس  الامن وبالطبع يجب العمل على دفع مبادرة السلام العربية. يجب تنفيذ التعهدات حسب خريطة الطريق للتقدم في المسائل  الجوهرية، على أساس حل الدولتين وعلى أساس خطوط 1967.

ينبغي الافتراض بأن هذه الكلمات في موضوع خطوط 1967 لم تكن خافية عن ناظر الفريق السياسي الاسرائيلي الذي أعد زيارة رئيس الوزراء اليوناني الى اسرائيل في الاسبوع الاخير من شهر تموز وزيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي الى اليونان هذا الاسبوع. ولكن ينبغي ايضا الافتراض بأن أمام ناظرينا وقف هدف استراتيجي لا يقل اهمية وهو محاولة تقليص اضرار التراجع في علاقات تركيا – اسرائيل. الانعطافة في السياسة الخارجية التركية، والتي وجدت تعبيرها في التقرب من ايران، سوريا، حماس وحزب الله بلغت حد التغيير الجوهري في الميزان الاستراتيجي وليس فقط لاسرائيل. ايضا في القاهرة، عمان، بيروت ورام الله يرون الانعطافة بقلق وان كان يحتمل ان يكون بخطورة أقل. من شبه المؤكد ان اثينا ايضا تنظر بقلق للانعطافة التركية وآثار هذه الانعطافة وآثار المسيرة الداخلية في تركيا.

اليونان لا يمكنه ان يوازن وأن يلغي تماما الضرر الذي لحق في أعقاب التحول في العلاقات التركية الاسرائيلية. استعداده لاقرار تدريبات لسلاح الجو الاسرائيلي فوق اراضيه هو فعل هام وجدير بالاشارة وهو يوازن بقدر كبير فقدان القدرة على التدرب في تركيا. من جهة أخرى، في المجال الاستخباري سيكون من الصعب ايجاد بديل عن التعاون مع تركيا. فضلا عن ذلك، حتى الان لم يتدرج أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية – التركية ضمن اهدافها الاستخبارية. وستتوجب التغييرات في تركيا تغييرات في الموقف  الاسرائيلي منها.

حجم تركيا ومكانها الجغرافي السياسي جعلاها في السنوات السابقة مستهلكا كبيرة للصناعات الامنية الاسرائيلية. اما اليونان فلن يستطيع ولن يرغب في أن يكون بديلا واسرائيل ستجد صعوبة في اقتحام السوق اليونانية في هذا المجال والتي تسيطر عليها الصناعات الامريكية والاوروبية.

تعاون استراتيجي ممكن وجدير بالفحص يوجد في مجال الطاقة. اكتشاف كميات كبيرة من الغاز الطبيعي في البحر بين قبرص واسرائيل سيجعل الدولتين موردتين محتملتين للغاز الى اوروبا. لاسرائيل ولقبرص ايضا توجد الان اليوم مصلحة في تجاوز تركيا وتقليص المسافة بين حقول الغاز والمستهلك في اوروبا. اما اليونان، سواء بسبب علاقاته الخاصة مع قبرص ام بسبب مكانه فيصبح حلقة حيوية في مسار نقل الغاز الطبيعي. في مثل هذا الوضع يحتمل ايضا انضمام مصر بل والفلسطينيين، على فرض ان أمام شواطىء غزة ايضا توجد مخزونات من الغاز الطبيعي.

المصلحة الاسرائيلية في البحث عن بديل حتى وان لم يكن كاملا للشريك التركي الذي خيب الامال، واضحة وطبيعية. وهي تثبت بالتأكيد مرة اخرى ما قاله رئيس الوزراء البريطاني بيل مرستون حين قال في 1948 في مجلس النواب: "ليس لنا حلفاء خالدون وليس لنا أعداء مخلدون. مصالحنا هي الخالدة والمخلدة ومن واجبنا ان نتبع هذه المصالح".

في كلمته في القدس في 22 تموز الى جانب رئيس الوزراء نتنياهو، قال باباندريو "سئلت، سيدي رئيس الوزراء، من كثيرين هنا في القدس لماذا انا اليوم في اسرائيل" في رده أشار باباندريو الى الجيرة القريبة، الى الحاجة الى السلام وأضاف بأنه جعل هدفا له الخروج في مبادرات. فباباندريو هو زعيم ذو قامة تتجاوز، في المشهد الاوروبي، حدود اليونان. التحالف الهزيل في هذه المرحلة، للدول القلقة من التهديد التركي يمكنه ان يوفر له ساحة عمل.

ولا ننسى السياحة – زيادة مداخيل ببضع عشرات ملايين الدولارات من السياحة الاسرائيلية التي هجرت شواطىء انطاليا في تركيا وتتجه في معظمها ان لم تكن في كلها نحو اليونان وجزرها، هي ايضا علاوة متواضعة لاقتصاد مؤخرا فقط كان ينبغي القاء حبل النجاة المالي له.

الخيار الهيلني الجديد قد لا يوفر بديلا وجوابا كاملا على الذخائر الاستراتيجية التي ضاعت مع تصفية الخيار العثماني الجديد، ولكن توجد فيه طاقة كامنة مثيرة للاهتمام تستحق الاستثمار.