خبر المفاوضات وغياب الثوابت.../ خالد خليل

الساعة 03:28 م|22 أغسطس 2010

المفاوضات وغياب الثوابت. خالد خليل

منذ ان اصبح النظام الرسمي السياسي الفلسطيني يعتاش بالكامل على المساعدات الامريكية والغربية، فقد عمليا حرية الاختيار، او الحديث، حتى نظريا، عن خيارات بديلة لخيار المفاوضات، الا تلك الخيارات في اطار التسوية الامريكية .

الاعتماد الكلي على مساعدات البيت الابيض والاتحاد الاوروبي يضع الثوابت المبدئية جانبا ليستعاض عنها بالجزئيات المتعلقة بالخطوات التفاوضية .

 

هل هي مفاوضات مباشرة ام غير مباشرة، تجميد استيطان معلن او غير معلن، لمدة ستة اشهر او عشرة اشهر .. وهكذا.

 

الثوابت المبدئية مثل القدس وملف اللاجئين تصبح في هذه الحالة في طي النسيان . الاستراتيجية الامريكية والاسرائيلية سارت في الاونة الاخيرة باتجاهيين :

 

الاول مواصلة تحجيم المقاومة والدول الداعمة لها في المنطقة ومحاولة تفكيك التحالف السوري الايراني والتاثير على تركيا للابتعاد عن هذا التحالف وتخفيف لهجتها ضد اسرائيل .

 

وهذا الاتجاه يتم من خلال تكثيف المؤامرات وتاجيج الفتن الداخلية من خلال استثمار ثروات هائلة لتشويه صورة المقاومة كما حصل في لبنان باعتراف جهات رسمية امريكية . وكما حصل في ايران بعد الانتخابات والركوب على موجة المعارضة الداخلية وتقديم دعم ومساعدات غير محدودة للمعادين للنظام الايراني . والامر ذاته حصل مع المعارضة السورية الموجودة خارج البلد والتي لا تخفي ولاءها لامريكا واسرائيل !!

 

والاتجاه الثاني توظيف ما يسمى بالمحور المعتدل والمتمثل بالنظام العربي الرسمي من اجل تخريب التحالف المذكور، ومنع نشوء حالة شعبية منظمة موالية له، من خلال بث اليأس والإحباط في نفوس الناس وشدهم الى صراعات مفتعلة، اما مذهبية وطائفية او عرقية .

 

منذ اسبوعين أمرت أمريكا لجنة المتابعة العربية بالتخلي عن موقفها الرافض للمفاوضات المباشرة ، والقت الطابة في ملعب ابو مازن تاركة له اتخاذ القرار .

 

اوباما من جهته اصدر تعليماته لابو مازن بالموافقة على المفاوضات المباشرة بدون شروط مسبقة بالضبط كما يريد نتنياهو .

 

النقاش المطروح الآن على الساحة السياسية يدور حول جزئيات متعلقة بهذه المفاوضات بعد ان صدر قرار الموافقة الفلسطيني ، ما ينذر بجولة طويلة من المماطلة التي قد لا تسفر عن شيئ مثل سابقاتها .

 

المؤكد ان المسار التفاوضي سيقود حتما الى مساعدة اسرائيل في تخفيف حدة النقد على الساحة الدولية، والى احباط المحاولات التي انطلقت في اعقاب تقرير غولدستون لمحاكمة اسرائيل وقياداتها السياسية والعسكرية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة .

 

حيث ان المفاوضات المباشرة اذا ما انطلقت قريبا ستجبر السلطة الفلسطينية على لعب دور الكابح لمؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الانسان لان تواصل نشاطها ضد اسرائيل على الساحة الدولية .

 

ما يدعو الى الاطمئنان حتى الآن أن الإستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية لا تسير كما هو مخطط لها . فالمقاومة اللبنانية افشلت المؤامرة المدبرة لها في قضية المحكمة الدولية وحولتها الى اتهام ضد إسرائيل، وشنت حربا نفسية قاسية في قضية اختراق بث طائرات التجسس الاسرائيلي وعملية انصارية .

 

على صعيد آخر ما زالت العلاقات السورية الايرانية في تطور مستمر وتقترب اكثر فاكثر من تركيا رغم تحذيرات امريكا الاخيرة .

 

الوضع الحالي بالنسبة لامريكا واسرائيل فيه خسارة نقاط، خاصة بعد الاعلان عن قرب افتتاح مفاعل نووي في ايلول القادم في بوشهر.

 

ما يثير القلق ان خسارة النقاط في عرف السياسة الامريكية والاسرائيلية تؤدي وفق العادة الى خطوات اكثر خطورة على السلم الاقليمي.