خبر أنابولس 2..هآرتس

الساعة 08:52 ص|22 أغسطس 2010

بقلم: ألوف بن

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يبدأ المفاوضات على التسوية الدائمة مع الفلسطينيين من موقف تفوق بالقياس الى سلفيه، ايهود باراك وايهود اولمرت، اللذين وقفا على مسافة لمسة من اتفاق اصطدما برفض فلسطيني.

        نتنياهو شعبي بين الجمهور ويتمتع بقوة سياسية بلا منافس، ليس مثل باراك، الذي تفتت ائتلافه قبل سفره الى قمة كامب ديفيد، واولمرت الذي فقد صلاحيته الجماهيرية في حرب لبنان الثانية. كل  اتفاق يأتي به نتنياهو سيحظى بدعم جماهيري كثيف.

        نتنياهو يتمتع بتفوق آخر: التوقعات من المفاوضات المتجددة صفرية، والفلسطينيون لا يعنون معظم الجمهور الاسرائيلي، الذي يكتفي بالهدوء الأمني. القلائل الذين هم معنيون بالمسيرة السياسية، يعتقدون ان نتنياهو يخدع ويقصد كسب الوقت في محادثات عابثة. هذا الغفيان مريح للسياسي، الذي يريد أن يدير ظهر المجن لمواقفه السابقة دون أن يتلقى التنديد، النقد والصدمات في ائتلافه. هذا ما سمح لنتنياهو بأن يهيىء الرأي العام، "محفل السباعية" والساحة الدولية لانعطافة في نهجه في ادارة النزاع.

        نتنياهو يدخل المفاوضات مع مطلبين مركزيين: اعتراف فلسطيني باسرائيل كـ "دولة الشعب اليهودي"؛ ومرابطة الجيش الاسرائيلي في غور الاردن، في الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية المستقبلية، كحاجز في وجه تهريب الصواريخ وغيرها من الاسلحة الثقيلة كما انه يريد لمعاليه ادوميم، غوش عتصيون واريئل ايضا ان تبقى بيد اسرائيل، وهو ملتزم بوحدة القدس. هذه المبادىء لا تختلف عما اقترحه باراك واولمرت على الفلسطينيين في كامب ديفيد وفي انابوليس.

        من المجدي ان نلاحظ ما لم يفعله ولم يقله نتنياهو. منذ ان عاد الى الحكم، فان قدمه لم تطأ خارج "خريطة اولمرت" (خط الحدود الذي اقترحه اولمرت على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي يطابق تقريبا مسار جدار الفصل مع تبادل للاراضي). فقد زار نتنياهو فقط في الكتل الاستيطانية، والتي سعى اسلافه ايضا الى ضمها الى اسرائيل. والأهم من هذا، فان نتنياهو لم يقل ان المستوطنات هامة لأمن اسرائيل. من ناحيته، الترتيبات الامنية يجب ان تقوم على أساس انتشار قوات الجيش، وليس على أساس البلدات المدنية.     

        هذا لا يعني ان رئيس الوزراء قرر أو يميل، الى اخلاء المستوطنات التي خارج الكتل كي يسلم الارض الى الدولة الفلسطينية (سفيره في واشطن، مايكل اورن، قال لـ "واشنطن بوست" ان اخلاء 100 الف مستوطن متعذر). هذا يعني فقط ان المواقف الاولية لنتنياهو تترك مساحة لحل وسط مع الفلسطينيين، اذا ما كفوا عن اصرارهم على "إما كل شيء أو لا شيء" اذا ما سارعوا الى اقامة دولتهم على معظم الضفة الغربية، ووافقوا على أن يؤجل البحث في المناطق التي تبقى تحت الخلاف، في  القدس، في اللاجئين وفي الاعتراف باسرائيل الى المستقبل – بمعنى ان يوافقوا على فكرة "الدولة الفلسطينية في حدود مؤقتة" – فثمة ما يمكن الحديث فيه. اذا كان الرئيس الامريكي براك اوباما يعد أهمية لعنوان "دولة فلسطينية" أكثر مما للتفاصيل، فانه سيدعم نهج نتنياهو.

        ادارة اوباما قررت سنة للمفاوضات، مثل ادارة بوش في مؤتمر انابوليس، في الجولة السابقة، وخلافا للتوقعات المسبقة، كان الجدول الزمني واقعيا: فقد عرض اولمرت خطته للسلام على عباس بعد 10 اشهر. لا يوجد ما يدعو نتنياهو الى ان يحتاج لزمن اكثر. اولمرت عمل في ظل التخوف من انهيار ديموغرافي، يهدد مستقبل اسرائيل كدولة يهودية ("دولتان او ان تكون اسرائيل منتهية")؛ نتنياهو يعمل في ظل التخوف من نزع الشرعية وفقدان الدعم الدولي لاسرائيل. هذا دافع لا بأس به لزعيم يحاول الخروج من العزلة في العالم عبر محادثات مباشرة مع الفلسطينيين.

        ولكن الى ان تبحث الامور الكبرى، سيتعين على نتنياهو ان يجدد البناء في المستوطنات، مع نهاية التجميد في 26 أيلول. في الاعلان عن استئناف المفاوضات امتنعت الرباعية وادارة اوباما عن الدعوة الى تمديد التجميد التام، واكتفتا بطلب الامتناع عن خطوات تعرقل المحادثات. نتنياهو ملتزم باستئناف البناء "مثل الحكومات السابقة". ماذا يعني هذا؟ اريئيل شارون واولمرت بنيا في الكتل وجمداه خارج الجدار. نتنياهو سيسعى، بالاحرى، الى حل مشابه وفقا لاقتراح الوزيرين دان مريدور وميكي ايتان. الفلسطينيون سيحصلون على زيادة اراضي وصلاحيات في الضفة، كي يبتلعوا استئناف البناء في الكتل ولن يفجروا المفاوضات. على الأقل حتى الازمة التالية.