خبر فرنسا تقترح مؤتمر باريس 2 للهيئات المانحة « للدولة الفلسطينية »

الساعة 06:38 ص|22 أغسطس 2010

فرنسا تقترح مؤتمر باريس 2 للهيئات المانحة "للدولة الفلسطينية"

فلسطين اليوم-وكالات

لم تكتف الرئاسة الفرنسية بالتعبير عن ترحيبها بالإعلان عن استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في 2 سبتمبر (أيلول) المقبل في واشنطن، بل أعلن الرئيس نيكولا ساركوزي في بيان رسمي أن فرنسا - والاتحاد الأوروبي - «تود متابعة دعمها لمسار السلام وتقترح، في إطار تحقيق تقدم في المفاوضات، تنظيم مؤتمر جديد للمانحين بغرض دعم إنشاء الدولة الفلسطينية العتيدة». وحث ساركوزي الطرفين على التعجيل في التوصل لاتفاق «لأن عامل الزمن يضغط على الشعبين وكل المنطقة والعالم.. ولأن معالم الاتفاق معروفة منذ زمن بعيد».

وعزف ساركوزي على وتر الإشادة بالشجاعة التي تحلى بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ودعوتهما لـ«تحمل مسؤولياتهما» واقتناص الفرصة الجديدة المتاحة للتوصل إلى اتفاق.

أما وزير الخارجية برنار كوشنير، الذي سيزور المنطقة في أغسطس (آب) الحالي، مع نظيريه الإيطالي والإسباني في جولة تشمل غزة ورام الله والقدس وربما القاهرة وعمان، فقد حرص على تأكيد أن المفاوضات القادمة يجب أن تتناول «جميع قضايا الحل النهائي، وعلى قاعدة توافقات الأسرة الدولية» وأن يكون هدفها إقامة دولة فلسطينية. وفي إشارة غير مباشرة إلى الاستيطان الإسرائيلي، أعلن كوشنير أن فرنسا تدعو مجددا الطرفين «للامتناع عن كل عمل من شأنه نسف التقدم الذي حصل».

وقالت مصادر فرنسية رسمية لصحيفة «الشرق الأوسط» إن باريس «تتوقع أن تستمر إسرائيل في تجميد الاستيطان» الذي ينتهي في 26 سبتمبر المقبل. وأفادت المصادر «لم يحدد تاريخ حتى الآن لمؤتمر باريس 2 الذي تريد فرنسا أن تدعو إليه قبل نهاية العام الحالي. وسبق لفرنسا أن دعت واستضافت المؤتمر الأول في ديسمبر (كانون الأول) 2007. والحال أن الالتزامات التي خرج بها المؤتمر تتدرج على ثلاث سنوات، تنتهي بنهاية العام الحالي. لذا، فإن الاتصالات التي بدأتها باريس تدفع في اتجاه التئام المؤتمر في ديسمبر (كانون الأول) بحيث «لا تكون هناك انقطاعة» في التزام الأسرة الدولية في دعم قيام الدولة الفلسطينية وتوفير الوسائل المادية لقيامها.

غير أن البيان الرئاسي يربط بين حصول تقدم في المفاوضات وانعقاد المؤتمر، وبحسب المصادر الفرنسية، فإن هذا الربط «ليس وسيلة ضغط بل حافز للأطراف المعنية» على التعاطي بإيجابية، والإسراع في إحراز تقدم حقيقي.

وفي أي حال، سيتناول الرئيس ساركوزي مجددا في 25 سبتمبر، موضوع المفاوضات ومجمل الوضع في الشرق الأوسط، في إطار الكلمة التي سيلقيها أمام السفراء الفرنسيين في العالم، بمناسبة مؤتمرهم السنوي التقليدي. وستكون كلمة ساركوزي عامة وشاملة، بحيث تشكل «خريطة طريق» للدبلوماسية الفرنسية، إذ سيركز فيها على أولويات السياسة الخارجية. وجديد هذا العام أن ساركوزي سيترأس ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل مجموعة العشرين الاقتصادية، وكذلك تعود رئاسة مجموعة الدول الثمانية، الأكثر تصنيعا لفرنسا، مع نهاية العام الحالي. وسبق للرئيس الفرنسي أن أعلن عن اجتماعين مهمين لهاتين المجموعتين في الربيع المقبل في مدينة نيس المتوسطية. ولا تكتفي باريس بالدعوة لمؤتمر الهيئات المانحة، بل إنها تطمح في لعب دور في ملف المفاوضات السورية - الإسرائيلية. وسبق لساركوزي أن انتدب السفير جان كلود كوسران لمهمة البحث عن وسائل تتيح معاودة المفاوضات غير المباشرة بين دمشق وتل أبيب. وترغب باريس في لعب دور الوسيط الذي قامت به تركيا عام 2008.

وقالت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن عودة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية «سيسهل على سورية التفاوض مجددا مع إسرائيل، وبالتالي ستكون دمشق بحاجة إلى وسيط، وباريس الأكثر تأهيلا للعب هذا الدور بعد خروج تركيا من المعادلة» بسبب توتر علاقاتها مع تل أبيب. وأكدت المصادر نفسها أن واشنطن تدعم المبادرة الفرنسية، ولا ترى فيها منافسة لها.

غير أن المصادر الفرنسية تعتبر أن المشكلة الكأداء في المسار السوري ليس الوسيط، بل مضمون المفاوضات، لأن الرئيس السوري بشار الأسد «سيكون بحاجة إلى ضمانات» مما يعني قبولا إسرائيليا بالانسحاب من الجولان، وهو غير متوافر في التحالف الحاكم في إسرائيل.

وتعتبر فرنسا أن فتح المسار السوري «ستكون له فوائد وانعكاسات إيجابية» على الملف الفلسطيني، ولذا تقدر أن التوجه صوب دمشق يمكن أن يسهم في التهدئة، على أكثر من ملف شرق أوسطي، في إشارة إلى الملفات اللبنانية والفلسطينية والعراقية.

ويتهيأ السفير كوسران، الذي يعرف منطقة الشرق الأوسط ومشكلاتها معرفة جيدة للقيام بأول جولة له، بعد أن انكب في الأسابيع الثلاثة الأخيرة على الملف المعهود إليه، بحيث شكل فريق عمل، وانكب على دراسات الفرص المتاحة مع إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية ومع مساعدي الرئيس ساركوزي في قصر الإليزيه.

وتبدو من باريس أن العقبة الحقيقية موجودة في إسرائيل ونتنياهو بالذات، الذي يرفض حتى الآن النظر في إمكانية معاودة التفاوض مع سورية. ولذا فإن مهمة الدبلوماسية الفرنسية لا تبدو سهلة. غير أن باريس تعول على «الطفرة الدبلوماسية» في الأسابيع المقبلة التي تتمثل، إلى جانب عودة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تحفل بلقاءات ومشاورات دبلوماسية على مستوى رؤساء الدول، وعلى قمة الاتحاد المتوسطي التي يفترض أن تنعقد في مدينة برشلونة في نوفمبر المقبل، برئاسة فرنسية - مصرية. وتبدو باريس متفائلة هذه المرة بعد زوال عقبة أساسية وهي جمود جهود السلام.