خبر السلطة.. والتبرير الذي صار مملاً!! ..ياسر الزعاترة

الساعة 03:14 م|16 أغسطس 2010

السلطة.. والتبرير الذي صار مملاً!! ..ياسر الزعاترة

 

كتبنا من قبل مقالاً بعنوان "هذا الفيلم شاهدناه من قبل" في سياق الحديث عن مسلسل التمنع ووضع الشروط من أجل العودة إلى المفاوضات، ثم التراجع التدريجي وتوفير المرجعية العربية ومرجعية منظمة التحرير من أجل تبرير العودة الفعلية، واليوم نقول إن تكرار الحكاية، ومعها التدليس على الجماهير فيما يتصل بالمسار السياسي، وتبريره عبر حكاية الضغوط "التي تنوء بحملها الجبال" صار مملاً، ولم يعد ينطوي على أي قدر من الإبهار، فضلاً عن الإقناع.

 

كم من مرة قلنا لهم: يا سادة إذا كنتم جادين في الضغط على نتنياهو، فتفضلوا على شعبكم، نعم تفضلوا بوقف التنسيق الأمني. هل هذا الطلب بالغ الصعوبة إلى هذا الحد؟، يوم الجمعة كان مراسل "هآرتس" الإسرائيلية يتحدث بالكثير من الدهشة عن أن كلمة احتلال لم تعد تذكر في رام الله، هو الذي كان يرافق "قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي آفي مزراحي، قائد فرقة المناطق، العميد نيتسان آلون وقائد الإدارة المدنية في الضفة، العميد يوآف مردخاي"، كان يرافقهم في أحد لقاءات التنسيق التي عقدوها مع نظرائهم في السلطة، وهذه المرة في مبنى المقاطعة. طبعاً سيخرج عليك أحدهم ليقول إن المصدر هو الصحافة الإسرائيلية، لكأن خبراً بهذا التفصيل يمكن تأليفه من قبل صحيفة تحترم نفسها، أو لكأن سادة السلطة لا يعرفون الصحف ووكالات الأنباء حتى ينفوا الخبر لو كان مختلقاً بالفعل، أو لكأن التنسيق الأمني سر من الأسرار.

 

ولكن دعونا نقدر الموقف بعض الشيء. وقف التنسيق الأمني أمر بالغ الصعوبة، لأن معناه أن تتوقف بطاقات الفي آي بي عن العمل، وربما يُحشر الرئيس في المقاطعة كما وقع مع سلفه.

 

الأسوأ أن للضغوط التي "تنوء بحملها الجبال" وجه آخر يتمثل في المعونات التي لا تتدفق إلا برضا السيد الأمريكي وحبيبه الإسرائيلي، والرواتب والمشاريع قد تتعطل في حال توقفها، والخلاصة أن على من يريدون أن يقولوا (لا) أن يكونوا جاهزين للحصار والسجون، وربما الصواريخ أيضاً، وهؤلاء القوم ليسوا جاهزين ولا مستعدين لشيء من ذلك.

 

لقد دخلوا الجبّ بإرادتهم وبكامل وعيهم، وهم يعرفون شروطه بسائر تفاصيلها. ألم يطرحوا على الناس تفاصيل مشروعهم في وضح النهار قبل سبع سنوات حين قالوا إن انتفاضة الأقصى دمرتنا، وإن المقاومة المسلحة عبث في عبث، وإن الحل الوحيد هو التفاوض، وما لا يُحل بالتفاوض يُحل بمزيد من التفاوض، وبإحراج الخصم الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي.

 

ألم يفاوضوا أولمرت ثلاث سنوات بينما كانت جرافاته تبتلع الأرض في الضفة وتهوّد القدس، من دون أن يشترطوا عليه وقف الاستيطان والتهويد من أجل استئناف المفاوضات؟ هذا الصراخ من الضغوط لا يقنع عاقلاً بحال، لأنهم يدركون أن الحل النهائي الذي لم يتحقق مع باراك وأولمرت وليفني لن يتحقق مع نتنياهو، والقصة كلها معروفة، وخلاصتها شبه دولة ضمن حدود الجدار تعيش تحت رحمة الاحتلال، من دون الحاجة إلى القول إنهم تنازلوا عن قضايا الحل النهائي. وهذا التنسيق الأمني المحموم هو من أجل تكريس هذه المعادلة: معادلة الأمن للاحتلال مقابل نقل الصلاحيات الأمنية للسلطة وأجهزتها، ولكي يصل الأمر حدود 28 أيلول عام 2000 قبل أن يتمدد نحو حدود الجدار.

 

كل هذا التدليس هو فقط من أجل منح الغطاء للاستمرار في هذه اللعبة حتى النهاية تحت ستار من القول إن المفاوضات مستمرة، وإنهم متمسكون بالثوابت وعلى رأسها القدس، ولا بأس من التذكير بأن حماس قد قبلت بما قبلوا به، وإذا لزم الأمر فيمكنهم التذكير بحكاية أحمد يوسف، ودائماً في سياق من تبرير البؤس الذي يسير نحو الدولة المؤقتة بخطىً ثابتة.

 

صحيفة الدستور الأردنية