خبر أسئلة مقلقة للجيش الاسرائيلي..هآرتس

الساعة 09:01 ص|12 أغسطس 2010

بقلم: أري شفيت

حقيقة مقلقة هي أن كل انسان متعلق يقرأ التقرير السري للواء غيورا آيلاند في شأن القافلة البحرية سيزعزع ثلاث مرات. فمرة سيزعزع القارىء لتبين سلسلة الاخفاقات الشديدة للجيش الاسرائيلي في قضية القافلة البحرية. ومرة ثانية سيزعزع القارىء لتبين أنه لا توجد أي صلة بين مضمون تقرير آيلاند واستنتاجاته. ومرة ثالثة سيزعزع القارىء لتبين الفرق بين مضمون التقرير وبين صورة عرضه في وسائل الاعلام الاسرائيلية. وسيخلص القارىء المتعقل الى استنتاج أن شيئا ما مختل في الجيش الاسرائيلي لكن للجيش الاسرائيلي قدرة مذهلة على اخفاء اختلالاته عن الجمهور.

        وحقيقة مقلقة ثانية هي أن الجيش الاسرائيلي لم ينقل تقرير آيلاند الى المستوى السياسي نقلا منظما موضوعيا بعد اتمامه من الفور. فقد صعب على رئيس الحكومة ووزير الدفاع مدة أيام طويلة الحصول على التحقيق العميق عن الجيش الذي يتوليان قيادته. مضى الجنرال الامريكي ستانلي ماك كريستال الى بيته لأقل من ذلك في المدة الأخيرة. إن الديمقراطية التي لا يستبخل فيها المستوى العسكري حقيقة أنه يخضع للمستوى السياسي هي ديمقراطية معوقة. وحقيقة مقلقة ثالثة هي أنه في صباح الـ 31 من آيار 2010 كان واضحا ان الجيش الاسرائيلي اخفق في شأن القافلة البحرية. فلم يكن رئيس هيئة الاركان في موقع القيادة، ولم يستعمل قائد سلاح البحرية تقديرا معقولا، ولم تكن معلومات استخبارية مقبولة، وأعدت القوات للمهمة على نحو لا تطمئن له النفس. وكانت النتيجة غير محتملة وهي ان ثلاثة محاربين أسروا، وحقرت وحدات ممتارة وقتل مدنيون أجانب.

        ومع كل ذلك، وبرغم ان الحقائق كانت معلومة لم يتحمل الجيش الاسرائيلي المسؤولية. ففي البدء بادر الى حيلة دعائية محكمة للشعب مع الوحدة البحرية. وبعد ذلك قامت بحروب اعلامية مختلفة وعجيبة. استعمل الجيش الاسرائيلي مدافعه القوية لاحداث ساتر تدخاني كثيف يغطي الحقيقة عن الجمهور.

        لم تكن حادثة القافلة البحرية حادثة استراتيجية. فلم تكن حربا ولا عملية عسكرية واسعة النطاق، ولا مهاجمة مفاعل ذري في بلد عدو. لكن أهمية القافلة البحرية بأنها كانت شبه تنقيب عيني في العمق، كشف عن طبقات تحت الأرض هي في الأكثر خفية على الناظر. وهكذا كشفت القافلة البحرية عن عمى رئيس الحكومة، وعن هوادة وزير الدفاع وعن سطحية السباعية. وكشفت عن تفكير استراتيجي فاسد وعن اسلوك اعلامي غير معقول.

        لكن القافلة البحرية كشفت أكثر من كل شيء عن الحقائق الثلاث المقلقة المتعلقة بالجيش الاسرائيلي والتي تشهد بأن الجيش الاسرائيلي ليس ما يفترض أن يكون.

        لا يجب قطع الاعناق بسبب القافلة البحرية. ولا يجب اغراق متخذي القرارات بأسطول لجان وتقارير وتحقيقات. لكن المواطن الاسرائيلي العقلاني يجب ان يقلقه فشل الأجهزة العام الذي كشف النقاب عنه ايضا في القافلة البحرية وفي مواجهة نتائجها. وعليه أن يكون قلقا على نحو خاص من سلوك الجهاز العسكري في الاشهر الاخيرة. فالجيش الذي لا يعرف قول الحقيقة ومواجهة الحقيقة ليس سببا للقلق فقط انه سبب للخوف.

        في سنة 2007 تلقى الفريق غابي اشكنازي جيشا مضروبا جريحا. قام اشكنازي بعمل مقدس في اعادة بناء الجيش. وفي مقابلة ذلك ايضا قام متحدث الجيش الاسرائيلي آفي بنياهو بعمل ممتاز لاعادة بناء ثقة الجمهور بالجيش. كان الانجاز مناسبا حتى نقطة ما. فالجيش الاسرائيلي وقائده ومتحدثه يستحقون التأييد والتقدير والتربيت القوي على الكتف. لكن نجاح اشكنازي – بنياهو اصبح خطرا من نقطة ما. فقد جعل الجيش منيعا في مواجهة الانتقاد وحساسا من الانتقاد. جعل الجيش الاسرائيلي الطفل القومي وجعل اشكنازي الأم الرؤوم القومية. يجب أن يتغير هذا الوضع. حتى بعد حضور رئيس هيئة الاركان أمام لجنة تيركل بقيت صورة الحقيقة غامضة شاحبة. وبهذا فان الدرس الرئيس من حادثة القافلة البحرية، هو أن النقاش في الجيش الاسرائيلي، ومن اجل الجيش الاسرائيلي يجب ان يكون أشد موضوعية وانتقادا وصوابا. ويجب ان يسأل سؤال ما الذي يحدث حقا في جيش الدفاع الاسرائيلي.