خبر الحريري يُلاقي نصر الله: إذا رفضت « إسرائيل » التحقيق معها تكون مدانة

الساعة 06:32 ص|12 أغسطس 2010

الحريري يُلاقي نصر الله: إذا رفضت "إسرائيل" التحقيق معها تكون مدانة

 فلسطين اليوم-السفير اللبنانية

تلقف المدعي العام الدولي القاضي دانيال بيلمار أمس مضمون المؤتمر الصحافي الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وطلب إيداعه ما تضمنه من قرائن ومعطيات، متلمساً بذلك بداية الطريق نحو أفق جديد للتحقيق، لا يمكن الحكم على مدى الجدية في مقاربته، إلا تبعاً للخطوات اللاحقة التي سيُقدم عليها بيلمار.

وإذا كان موقف بيلمار قد أثار ارتياحا لدى العديد من الأوساط الداخلية، إلا أن ذلك لم يمنع البعض من إبداء خشيته من إمكانية أن تكون إيجابية المدعي العام الدولي «شكلية» و«تمويهية « للتغطية لاحقا على القرار الظني المرتقب وتجميله، تماما كما كانت وظيفة إطلاق سراح الضباط الأربعة.

وفي انتظار اختبار مصداقية بيلمار مجددا واتضاح المدى الذي سيصل إليه في المسار الجديد الذي فُتح أمامه، علمت «السفير» ان رئيس الحكومة سعد الحريري أجرى بعد المؤتمر الصحافي للسيد نصر الله مجموعة من الاتصالات الخارجية العاجلة لمواكبة ما قاله الأمين العام لحزب الله والبناء عليه، بما يفيد في تعزيز التماسك الداخلي وخدمة العدالة في آن واحد. وفي هذا السياق، ذكرت بعض المعلومات أن الحريري التقى الملك السعودي عبد الله في الرياض التي وصلها أمس، بعدما كان قد التقى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس الأول.

وحسب المعلومات، فإن الحريري أبلغ المقربين منه أن كلام نصر الله شديد الاهمية والحساسية، وأنه يدعم بقوة إعطاء كل الوقت والجهد المطلوبين كي يأخذ المسار الجديد في التحقيق فرصته ويمضي حتى النهاية. وقال الحريري إن على المحكمة الدولية ان تنظر بجدية الى ما طرحه نصر الله وأن تخضعه للتمحيص، مشيرا الى ان كلام نصر الله يعكس وجهة نظر الكثير من اللبنانيين وهو يتضمن معلومات ووثائق لا يمكن تجاوزها، وأي تجاهل لها سيسبب مشكلة، «وأنا شخصيا أدعم البحث فيها لأنه يهمني ان أعرف الحقيقة كرئيس للحكومة وكولي للدم».

وأكد الحريري انه إذا تبين ان القرائن والمعطيات التي قدمها نصر الله تتطلب الاستماع الى إسرائيليين ورفضت إسرائيل التجاوب، فهي ستتحول بالنسبة إليّ من متهمة إلى مدانة.

في هذه الأثناء، استأثر البيان الصادر عن مكتب بيلمار أمس بالمتابعة والاهتمام لما ينطوي عليه من دلالات يمكن تعدادها كالآتي:

ـ اعتمد بيلمار مصطلحي «قرائن» و«معطيات» في معرض تناوله مضمون المؤتمر الصحافي للسيد نصر الله، وهذا ينطوي على إشارة لافتة للانتباه.

ـ إن طلب بيلمار الحصول على القرائن والمعطيات التي قدمها نصر الله هو إقرار بأنها مهمة وجديرة بالتمحيص، ما يعني انه فتح الباب امام إمكانية تحويلها الى أدلة، ووجه لكمة قاسية الى اولئك الذين تسرعوا في تسخيف ما طرحه نصر الله والتقليل من قيمته، في حين ان المدعي العام الدولي وجد في مضمون المؤتمر الصحافي ما يستحق النظر فيه.

ـ ان بيان بيلمار ليس نهاية المطاف بل بدايته، فهو أصبح ملزما بأن يدقق في القرائن والمعطيات المقدمة حتى النهاية، وأن يثبت أنه تعاطى معها بشكل مهنى وحرفي.

ـ ان مجرد استعداد المدعي العام الدولي للنظر في ما قدمه نصر الله يعني أن «الفرضية الإسرائيلية» دخلت الى مفكرته، بعدما كانت مستبعدة كليا، وهذا في حد ذاته تطور نوعي بمعزل عن النتائج التي سيخلص اليها.

ـ يؤشر بيان بيلمار الى فتح كوة في جدار الازمة الاخيرة التي نشبت بعد التداول بقرب صدور قرار ظني يتهم حزب الله، ما يدفع إلى التساؤل عما إذا كانت خطوة المدعي العام الدولي تعبر عن شيء ما يُعمل عليه خلف الكواليس، أم هي منفصلة عن المساعي الإقليمية والدولية التي بذلت مؤخرا لتنفيس الأزمة.

ـ إذا أراد بيلمار سلوك الطريق المهنية في مقاربة الوقائع المستجدة، فهي يُفترض أن تقوده حُكما الى طلب الاستماع الى مسؤولين وضباط إسرائيليين، لا سيما أن التحقيق الدولي كان قد استدعى في السابق ضباطا سوريين الى فيينا للاستماع إليهم بناء على إفادات شهود زور، فكيف الحال بالنسبة الى القرائن المقدمة من نصر الله، والتي تستوجب تلقائيا سؤال المعنيين في كيان العدو عن تفسيرهم لمدلولات الصور التي عرضها الأمين العام لحزب الله ، ولماذا التقطت وما هي اسباب التركيز على نقاط جغرافية معينة، وماذا كان يفعل العميل غسان الجد في مسرح الجريمة في 13 شباط. ولكن هل سيملك بيلمار جرأة طلب الاستماع الى إفادات اسرائيليين أم ان هذا الامر هو خط أحمر؟

ـ ان اسرائيل لن تتجاوب على الارجح مع أي طلب من هذا القبيل، خصوصا أنها كانت قد رفضت في الماضي توقيع اتفاقية تعاون مع المحكمة الدولية وكأنها كانت تتحسب لمثل اللحظة الحالية. وفي مثل هذه الحال، فإن الخطوة التالية لبيلمار ستكون موضع رصد، علما ان بإمكانه اللجوء الى مجلس الامن، الذي منحه التفويض، حتى يبنى على الشيء مقتضاه.

- بات بيلمار ملزما في أي تقرير أو قرار ظني مقبل أن يشرح ماذا فعل بالقرائن والمعطيات التي عرضها نصر الله وأن يوضح كيف تعامل معها وتفحص محتواها، ولماذا أهملها او اعتمدها.

ـ ان المسار الجديد الذي سيخوضه بيلمار يعني انه يحتاج الى أشهر عدة من أجل الانتهاء منه إذا اراد ان يكون نزيها في عمله، ما يفضي تلقائيا الى توقع تأجيل القرار الظني.

ـ كان لافتا للانتباه في بيان بيلمار دعوته السيد نصر الله إلى «ممارسة سلطته لتسهيل عملية التحقيق التي يقوم بها مكتب المدعي العام». وقد تساءل المراقبون عن مغزى هذه العبارة، وهل المقصود بها ان يستخدم نصر الله سلطته في الحزب وعليه لاستكمال التعاون مع المحققين والتجاوب مع طلبات الاستماع الى مزيد من الشهود بعد عيد الفطر، أم ان المقصود هو القول ان ما عرضه نصر الله في مؤتمره الصحافي أظهر ان لديه سلطة استخبارية وعملانية مهمة يريد المدعي العام الاستفادة منها للحصول على المزيد من القرائن والمعطيات التي لم يُكشف عنها؟

بيان بيلمار

وكان مكتب المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بيلمار قد أصدر أمس بيانا جاء فيه: «بعيدا عن الأضواء، يتابع مكتب المدعي العام تحقيقه وفقا لأرقى معايير العدالة الدولية وبطريقة حيادية وموضوعية. ويهتدي مكتب المدعي العام بالأدلة من دون سواها. ففي 9 آب/ أغسطس 2010، قدم الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، في مؤتمر صحافي، «قرائن» و«معطيات» للمساعدة في التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

فقد منح مكتب المدعي العام التفويض لتحديد هوية المسؤولين عن الاعتداء ومقاضاتهم. وله وحده المسؤولية عن التحقيق ويعمل باستقلال تام. كما لا يمكن أحدا التأثير على وجهة التحقيق. ولذلك على مكتب المدعي العام أن يبحث عن جميع القرائن المحتملة. وقد صرح المدعي العام في هذا الخصوص بما يلي: «أدعو كل من لديه معلومات ذات صلة بالموضوع إلى تقديمها إلى مكتبي. وأؤكد أنني أرحب بأي معلومات قد تقربنا من الحقيقة. كما أنني أؤكد للذين يقدمون هذه المعلومات أنها سوف تقوم تقويما دقيقا».

اضاف البيان: «وبموجب التفويض الممنوح له، طلب مكتب المدعي العام من السلطات اللبنانية تزويده كل المعلومات الموجودة لدى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله. ويشمل هذا الطلب أشرطة الفيديو التي عرضت على شاشة التلفزيون أثناء المؤتمر الصحافي، بالإضافة إلى أي مواد أخرى من شأنها أن تساعد مكتب المدعي العام في كشف الحقيقة. كما يدعو مكتب المدعي العام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله إلى ممارسة سلطته لتسهيل عملية التحقيق التي يقوم بها مكتب المدعي العام».

وأوضح النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ان المقصود من عبارة «السلطات اللبنانية» الواردة في بيان القاضي دانيال بلمار، «النائب العام التمييزي»، مشيرا الى ان القاضي بيلمار وجه اليه كتابا يطلب منه فيه الطلب الى الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله تسليمه المستندات والوثائق التي أعلن عنها في مؤتمره الصحافي.