خبر من وراء الأولاد -هآرتس

الساعة 08:29 ص|11 أغسطس 2010

من وراء الأولاد -هآرتس

بقلم: أبيرما غولان

 (المضمون: يعجز اليسار الاسرائيلي الذي يدعي لنفسه الليبرالية عن معالجة مشكلة العمال الأجانب المهاجرين معالجة جوهرية أساسية - المصدر).

        للحكومة الحالية أسلوب مدهش: فهي لا تبادر الى شيء، وعندما تطرح المشكلات على بابها تسيء علاجها اساءة تولد مشكلات جديدة أكثر تعقيدا من سابقاتها. ربما لأنه لا توجد سياسة ولم توجد ها هنا، بل اطفاء حرائق هستيري يسبب اشتعالها من جديد.

        ورثت هذه الحكومة عن سابقتها في الحقيقة أكثر الحرائق لكنها نجحت في جعلها نارا في حقل هشيم. لنضرب مثلا قضية أولاد العمال الاجانب. إنها ميراث عن حكومات سابقة أيضا لكن علاجاً سيئاً كهذا مليئا بالتلون والنيات السيئة لا يميز سوى هذه الحكومة. ومع ذلك يجب أن نقول الحقيقة غير اللذيذة – وهي أن حملة العلاقات العامة حول هؤلاء الاولاد مشكلة، وأن حصر العناية في الاولاد (الابرياء الذين يمزقون القلب بطبيعة الأمر) يصرف النقاش عن الأمر الجوهري.

        أجل، في المجتمع الذي يقدس العائلة ويسجد للأولاد لا يوجد أسهل من اجراء نضال يكون الاولاد في  مركزه. لكن هذا الاختيار أنشأ معسكرين وهميين: في أحدهما – الباحثون عن حقوق الانسان الرحماء، الذين يفتحون قلوبهم لأمم العالم ويتنهدون الصعداء ازاء كل بنت بائسة، وفي الثاني – طاردو الاولاد العنصريون القساة.

        ليس هذا نقاشا جديا، ومن قبل من يعرفون أنفسهم أنهم من اليسار أو من الليبراليين على الأقل، ليس هو نزيها. إن حقيقة أن لهذه الحكومة ولكل سابقاتها لا توجد سياسة هجرة لا تسوغ اسلام النقاش في مهاجري العمل، والعمل والمواطنة في اسرائيل. إن البنت البائسة ليست حلقة واحدة في سلسلة فقط. إن من يتجاهل هذا يكذب نفسه ويضلل الآخرين.

        "العمال الاجانب" في اسرائيل ينقسمون كما تعلمون في ثلاث مجموعات: "القانونيين" الذين توزع الحكومة رخصا لجلبهم كي يعملوا في الزراعة والخدمة والبناء؛ و "غير  القانونيين" وبعضهم "من القانونيين السابقين" وبعضهم تسللوا (وهؤلاء ايضا ينقسمون بين من أتوا للعمل فترة قصيرة ومن يحاولون الاندماج هنا)، واللاجئين. إن حكومة اليمين وشاس تعامل الأولين معاملة الأشرار وتريد أجر الأخيار: فهي توزع قدرا أكبر من الرخص، وفي مقابلة ذلك تطارد عشرات آلاف المستغلين الذين نزلوا تحت الأرض.

        ينكل وزير الداخلية ايلي يشاي تنكيلا خاصا بأرباب العائلات ومن أصبحوا آباء زمن المكث هنا، بعلة أنهم يعرضون الوجود اليهودي للخطر. بيد أن يشاي يدرك أيضا أن جمهور العمال الأضعف يهدده في الحقيقة المهاجرون الذين يعرضون على حسابه عملا رخيصا بلا شرط، وهذا التهديد خاصة لا يؤثر في قلب اليسار الليبرالي الذي يهب للتنديد بالفقراء "العنصريين".

        يخطىء اليسار بتجاهله أن اقتصاد السوق الحرة مكننا جميعا من شراء سلعة صينية رخيصة، لكنه حطم العمل المنظم وقضى على أمن العمل. ساعدنا على ذلك في الماضي العبيد من المناطق الذين أتوا مع الفجر واختفوا مع حلول الظلام. وعلى أثر الانتفاضة نجحت الحكومات في معاقبة الفلسطينيين والاستمرار على تزويد الجمهور الاسرائيلي بالحياة الطيبة ولم يحتج اليسار على ذلك.

        كسب الاثرياء، لكن لم يخسر  الفقراء فحسب بل المجتمع الاسرائيلي كله الذي أصبح أقل اخلاقية وأكثر استقطابا اقتصاديا، وأصبح فظا على العمال الضعفاء. بخلاف دول أخرى في الغرب، قوانين التجنس ها هنا مشكلة وتحتاج الى تحديث ليبرالي عام، لكن الزيادة الطبيعية العالية وكثافة السكان تلغي الحاجة الى الهجرة. لكنها مع ذلك تحدث. يأتي مهاجرون غير يهود، مهاجرو عمل ولاجئون، ويندمج أكثرهم ها هنا بنجاح. سيكون لهذا المسار وجه أخلاقي ومنطق فقط عندما يكف عن استيراد العمال الرخيصين برخصة، ويرفع الحد الأدنى للأجور وتحفظ الظروف الاجتماعية للعمال، ويدمج العرب الاسرائيليون والفلسطينيون في العمل ويكف عن التخويف الآثم من اختلال الاكثرية اليهودية. كل هذا يجب ان يطالب به يسار ذو مسؤولية بدل أن يتخفى وراء الظهر الصغير للأولاد.