خبر الانسحاب من العراق وتأثير ذلك في « اسرائيل » .. اسرائيل اليوم

الساعة 11:39 ص|09 أغسطس 2010

بقلم: زلمان شوفال

الخطبة الباهرة التي أعلن فيها الرئيس اوباما قبل اسبوع اجلاء أكثر جنود الولايات المتحدة عن العراق لم توجه الى آذان عراقية، بل ألى آذان أبناء بلده الامريكيين. إن المستشارين السياسيين للرئيس – وهم دائما المستشارون السياسيون لا المستشارون الفنيون، قرروا أنه ينبغي عمل عمل قبل انتخابات مجلس النواب وتمكين الرئيس من أن يبدو بأنه يعد باعادة الشبان الى البيت من العراق حتى نهاية آب وأنه يفي بذلك!

ليست الولايات المتحدة كما تعلمون هي الدولة الوحيدة التي تتغلب فيها تقديرات السياسة الداخلية أحيانا على مصالح أخرى وفيها مصالح استراتيجية، وندخل نحن الصورة هنا. لا شك في أنه ستكون لقرار الاجلاء تأثيرات بعيدة الأمد في اسرائيل. وفي العراق نفسها ستزداد الفوضى والعنف بين الطوائف وبين الاديان، وتتغلب توجهات التحطيم الداخلي: فالشيعة ضد الشيعة، والشيعة ضد أهل السنة وأهل السنة ضد أهل السنة، وجميعهم ضد الاكراد والعكس.

سيكون الخمسون ألف جندي أمريكي الذين سيبقون الان في العراق أكثر تعرضا للهجمات الارهابية، وعلى كل حال، قد تتضرر مكانة الولايات المتحدة في المنطقة بعامة. وكما قال دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى سابق، "القاعدة وطالبان أيضا قرأتا خطبة الرئيس"، وتفسيرهما لها أن قرار أوباما هذا دلالة أخرى على الضعف الامريكي. وبهذا يشبه وضع الولايات المتحدة وضع اسرائيل بعد الجلاء العاجل عن جنوب لبنان وعلى أثر الانفصال عن غزة.

كما زعم حزب الله انه "طرد" الجيش الاسرائيلي عن لبنان، وادعت حماس أنها "طردت" اسرائيل عن غزة، ستزعم الجهات الارهابية في العراق أنها طردت الامريكيين. وفي هذه القضايا ليست الحقائق هي المهمة بل التصورات. وطهران بطبيعة الأمر هي التي تفرك يديها مستمتعة في هذه الايام.

إن ايران تعمل بواسطة الأكثرية الشيعية في العراق على جعل الدولة منطقة تأثير ايراني واضح. وبرغم ان الشيعة العراقيين ليسوا بمنزلة تابع آلي لايران، يشكلون بيقين قاعدة واسعة سهلة لتغلغل ايران وتمكنها. وفي مقابلتهم يهب السعوديون وامارات الخليج التي تخاف ازدياد التأثير الايراني الشيعي لا في جارتها العراقية فحسب بل عندها في الداخل. وان ما تراه انطواء امريكيا هو دلالة تنذر بالسوء.

والرسالة واضحة تثير التفكير عند اسرائيل أيضا. فـ "الجبهة الشرقية"، التي كان هنالك من ظنوا خطأ أن حرب الخليج لبوش الأب وحرب بوش الأبن قد صرفتها عن العالم الى الأبد، قد  تصبح في المستقبل أشد تهديدا مما كانت حتى في فترة صدام حسين.

سيقتضي هذا الاستنتاج استعدادا أمنيا مختلفا عن الموجود اليوم وربما عن ذلك الذي كان معقولا في السنين الاخيرة. إن العمق الاستراتيجي الأدنى لاسرائيل كما تعلمون هو أرض المملكة الاردنية (وعندها من الاسباب ما يجعلها تقلق)، ويكاد غور الاردن يكون آخر خط يمكن عنده وقف تغلغل مادي لغاز محتمل أو تسلل عناصر ارهابية.

إن هذا الواقع حتى وان لم توجد أسباب أخرى سيوجب على اسرائيل في كل تفاوض في تسوية في المستقبل مع الفلسطينيين أن تصر بشدة على ابقاء غور الاردن في يديها. يتلهى الفلسطينيون، وعدد من الاسرائيليين أيضا بفكرة إقامة قوات من حلف شمال الاطلسي هناك ("بشرط ألا تشتمل على يهود") أو قوات دولية أخرى (والولايات المتحدة غير متحمسة في هذه المرحلة).

لكن تجربتنا مع اليونيفيل كافية كي نشك شكا جديا في هذا المقترح.