خبر أمراسلة للشؤون الفلسطينية؟..هآرتس

الساعة 08:10 م|08 أغسطس 2010

بقلم: عميرة هاس

يطاردني أصحاب الدين ولا مكان أختبىء فيه. يطاردونني بطرائق لطيفة، وبالبريد الالكتروني هنا ومكالمة هاتفية هناك او رسالة قصيرة. والدين هو عدة أطراف خيوط لجمع المعلومات أعطوني اياها – وقضاء الدين هو نبأ او تقرير في الصحيفة. لكل تأخر عن قضاء الدين سبب خاص. ماذا مثلا؟ أمر منع نشر في قضية ما، او الشابة التي قالت انها ذهبت للشكوى لشرطة القدس من مستوطن ضربها واعتقلت في المكان بتهمة العدوان. الأمر هنا اهمال مني، لم أتعقب في الوقت كي أفحص هل ينتج نبأ اخباري عن "القصة".

        يوجد أصحاب دين هم من ثمرات خيالي فقط. فنبأ غريب يثير الاستطلاع في موقع انترنت فلسطيني، أو ملحوظة عارضة للخضري أو الجار  وجولة انثروبولوجية في حانوت الحي. مثلا؟ أرغفة من دقيق الشعير. كتب على الملصقة التي تمتدح مزايا المنتوج: "له تأثير في تخفيف الاكتئاب". كنت أعددت طائفة ممن أجري معهم اللقاءات وأسئلة وفيها ما يلي: أتوجد طريقة للتحقق من الشعور بأن الكثرة الكبرى في المدينة تعاني اكتئابا؟ وفي الوقت نفسه، في رام الله نشيط في حلقة يوجا. يقولون إن جلسة أفعى الكوبرا ممتازة لمقاومة الاكتئاب. لو استمعت الي وزارة الصحة الفلسطينية، لاقترحت أن تعد مئات المعلمين لليوجا، وهو أمر يذكرني من الفور ايضا بالمعالج الياباني بالوخز – الذي لم تجدد وزارة الداخلية الاسرائيلية اذن دخوله بعد أن عالج بنجاح عشرات الفلسطينيين بل المئات ممن لا جواب عند الطب التقليدي عن أمراضهم. وصاحب دين متخيَل آخر هو رسائل البريد الالكتروني التي يوزعها حلف شمال الاطلسي. كم، في الاسبوع الاخيرة أبلغوا عن الزوار الذين ما زالوا يصلون موقع الصليب الاحمر في شرقي القدس. حيث وجد ملجأ هناك قبل نحو شهر المقدسيون الثلاثة – الوزير السابق في حكومة اسماعيل هنية ومنتخبان للمجلس التشريعي عن قائمة مشايعة لحماس حكمت عليهم وزارة الداخلية والشرطة بالطرد. بين الزوار رجال دين، ومسؤولون كبار من فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وقنصلا مصر والاردن. تدل مظاهرة الوحدة على أنه برغم أن هذا نضال للطرد لا يثير عناية الكثرة الكبرى من الاسرائيليين، ما يزال في العناوين الصحفية الفلسطينية. تشتبك في رأسي أطراف الخيوط في "زاوية الشؤون الفلسطينية" وفي "زاوية الشؤون الاسرائيلية". سيقوم على رأسها مثلا التعبير العامي المحلي في رام الله عن سكان شمالي الضفة – "تايلنديون". سمعت أنه صدر حظر رسمي لاستعمال هذا التعبير، الذي يعد مؤذيا كما يبدو لانه يقول الحقيقة وهي أن النماء الاقتصادي في رام الله – الذي يعرض عندنا على انه برهان على سخاء المحتل – متعلق أيضا بشروط تشغيل عمال فلسطينيين من المناطق الهامشية.

        ثمة من يعرفون عملي خطأ على أنني "مراسلة للشؤون الفلسطينية". لكن ما هو الفلسطيني بالضبط في أنباء عن هدم بيوت وخيم، ومصادرة أنابيب ماء وتخريب حقل، واعتقالات عبثية لاولاد وضربهم في الاعتقال، وأوامر طرد، واغلاقات بالحجارة لم تسمع أنه "لم تعد توجد حواجز في الضفة"؟. لو ملكت الزمن والمكان، لاستطاعت جميع أطراف هذه الخيوط أن تملأ كل يوم صحف الاسبوع الاخير فقط. والكل ها هنا من انتاج اسرائيل. لنأخذ مثلا المنطقة بين بيتونيا في الشمال، وجييب في الشرق وبيت اكسا في الجنوب وبيت سيرا في الغرب. قد يقولون: "لماذا لم تقولي لنا اذن – أتقصدين المنطقة بين راموت وجفعات زئيف والشارع 443؟" لك لان، انا لا أقصد المستوطنات الضخمة – التي هي غير قانونية حقا مثل البؤرة الاستيطانية "مغرون" – بل الاسرائيليين الكثيرين، الاذكياء المحكمين ذوي القدرة الممتازة على التخطيط الذين تشايعوا في السنين الاربعين الاخيرة من أجل يصادروا جميع هذه المنطقة من اصحابها وسكانها الفلسطينيين وجعلها بالتدريج منطقة شبه خالية من الفلسطينيين.

        قبل نحو من اسبوعين التقيت حساما وهو عامل فلسطيني عندما ذهبت لافحص عما حدث للشارع الذي يفضي الى قريتي بدو وقطنة (والذي أغلق قبل نحو من شهرين). خرج من مستوطنة هار شموئيل التي يعمل فيها. تبعد قريته نحوا من ثمانية كيلومترات فقط من هناك قبل أن "يفتح" الشارع 443 لحركة الفلسطينيين، سافر حسام فيه مع عمال آخرين يعملون في المستوطنات. "فتح" الشارع على أثر أمر من محكمة العدل العليا، كي يغلق من جانبه الشرقي (قبل الانعطاف نحو جفعات زئيف). لا يحل للفلسطينيين متابعة طريقهم من هناك. يضطر العامل الان الى أن يلتف نحوا من 40 كيلومتر، ومع الانتظار في الصباح عند الحاجز والسير على الاقدام عدة كيلومترات الى العمل ومنه، تطول الطريق من ساعتين الى ثلاث في كل اتجاه. وبحسب رخصة العمل التي  يملكها يحل له الخروج من طريق حاجز جيب (شرقي جفعات زئيف). لكن الجنود لسبب ما طلبوا أن يعود على عقبيه – أي أن يلتف نحوا من عشرين كيلومتر مرة أخرى – وان يخرج فقط من طريق قلنديا في الشرق. لماذا؟ هكذا. لم يسمع حماس باليوجا لكنه سمع بالاكتئاب. واليكم جواب متحدث الجيش الاسرائيلي: "على نحو عام، يطلب الى العمال الفلسطينيين بحسب القانون أن يجري عليهم تفتيش أمني عند دخولهم للعمل في البلدات الاسرائيلية. المعبر الذي رتب لذلك هو معبر قلنديا. مع ذلك، ومن أجل التخفيف على سكان القرى المجاورة لبلدة جفعات زئيف، أبيح للعمال أن يمروا بمعبر الجيب المجاور. نذكر أن الحديث عن نحو من ثمانين عاملا هم نحو من 10 في المائة فقط من كل العمال في هذه البلدات (جفعات زئيف وجفعون وهار شموئيل)". أهذه حكاية فلسطينية أم اسرائيلية؟