خبر الأهرام: ظلام غزة صناعة محلية بسبب الانقسام بين فتح وحماس

الساعة 04:16 ص|08 أغسطس 2010

الأهرام المصرية: ظلام غزة صناعة محلية بسبب الانقسام بين فتح وحماس

فلسطين اليوم-الأهرام المصرية

تحقيق من غزة: أشرف أبوالهول

مع بدء العد التنازلي لشهر رمضان المعظم تسود حالة من الحزن كل مواطن فلسطيني يعيش في قطاع غزة لأنه سيستقبل الشهر الكريم مرة أخري وسط الظلام والحر القائظ معا.

 

 ولكن الحزن علي انقطاع التيار الكهربائي في غزة خلال رمضان الحالي أشد واعمق مما كان خلال الأعوام الثلاثة الماضية‏، ولم لا وقد أدرك الجميع أن السبب في غياب التيار الكهربائي هذه المرة هو الانقسام بين حكومة غزة والسلطة الوطنية في رام الله‏,‏ وأن اسرائيل لاعلاقة لها مباشرة بهذا الأمر وأن حماس وفتح معا يحاولان استغلال أزمة الطاقة لتحقيق مكاسب سياسية بغض النظر عن مصالح المواطنين البسطاء‏.‏

وبدأت الحلقة الأخيرة من الحكاية منذ شهرين تقريبا عندما اعلنت حكومة غزة عن قرب انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه كامل عن معظم انحاء القطاع لتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة الموجودة في غزة عن العمل بسبب نفاد الوقود الصناعي المستخدم بها‏,‏ وقبل ان يبدأ الاعلام المحلي والدولي في توجيه الاتهام لاسرائيل بأنها المسئولة عن اظلام غزة سارع الاسرائيليون للتأكيد علي أنهم علي استعداد لامداد المحطة بأي كمية من الوقود تطلبها شريطة دفع ثمنه موضحة أنها لم توقف امدادات الوقود إلا عندما أوقف الفلسطينيون دفع ثمنه‏.‏ ولم يستطع المسئولون الفلسطينيون سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة تكذيب الرواية الاسرائيلية مما أصاب المواطنين الفلسطينيين في غزة بالصدمة بعدما اكتشفوا أن الظلام الذي يعيشون فيه صناعة محلية‏.‏

مصادر الكهرباء بغزة

وفي محاولة لفهم حقيقة الأزمة أجرت الأهرام العديد من المقابلات مع مجموعة من السياسيين والحقوقيين بغزة‏,‏ حيث كانت البداية مع وليد العوض‏(‏ أبوحسين‏)‏ عضو المكتب السياسي لحزب الشعب‏,‏ حيث أكد أن قطاع غزة يحصل علي احتياجاته من الكهرباء من ثلاثة مصادر هي بالترتيب اسرائيل والتي يحصل منها علي‏120‏ ميجاوات‏,‏ ومحطة كهرباء غزة‏(118‏ ميجاوات‏)‏ ومصر‏(17‏ ميجاوات‏)‏ والسلطة تسدد فاتورة الكهرباء القادمة من اسرائيل ومصر معا بينما الكهرباء التي تنتجها المحطة الوحيدة بغزة فيتم تمويلها بشكل مشترك من السلطة وحصيلة الفواتير‏,‏ حيث تساهم السلطة بـ‏36‏ مليون شيكل شهريا والمفترض ان تدفع السلطات الموجودة في غزة إلي الشركة نفسها اربعة ملايين دولار شهريا من حصيلة فواتير الكهرباء التي يسددها المشتركون في القطاع‏,‏ وكان الاتحاد الاوروبي يدفع في السابق كامل الفاتورة‏.‏

ويقول أبوحسين إن المشكلة بدأت في مايو الماضي عندما تراجعت الشركة عن تسديد قيمة الوقود المستخدم لتشغيل المحطة والذي يأتي من اسرائيل‏,‏ وخلال الشهور الخمسة الأولي من العام الحالي لم تورد الشركة المالكة للمحطة وهي شركة استثمارية سوي خمسة ملايين دولار آخرها ثلاثة ملايين دولار في ابريل و‏2‏ مليون دولار في يونيو‏,‏ ونتيجة لهذا التراخي خفضت سلطة الطاقة برام الله المبلغ الذي تساهم به في فاتورة كهرباء غزة من‏36‏ مليون شيكل إلي‏26‏ مليون شيكل وأخيرا‏16‏ مليون شيكل وبعدها توقفت عن السداد لحين قيام الحكومة الموجودة بغزة بتوريد قيمة الفواتير التي يتم تحصيلها‏.‏

ويقول إنه من الواضح أن تأخر دفع الشركة في غزة لحصتها له صلة باسطول الحرية حتي تتم اثارة قضية الظلام لأن حماس تسعي لربط القطاع بمصر كهربيا‏,‏ علما بان سلطة رام الله تدفع ما يتراوح بين‏95%‏ و‏97%‏ من اثمان الكهرباء بالقطاع‏,‏ وبالتالي باتت القضية سياسية‏.‏

ودعا إلي تذكر أن جباية فاتورة الكهرباء في غزة وقيمتها خمسة ملايين شيكل تتركز فقط علي المواطن اما المؤسسات والمنشات الخاضعة لسلطة حماس فإنها لاتقوم بدفع قيمة استهلاكها من الكهرباء‏,‏ رغم أن المبلغ في حالة تحصيله يصل إلي‏7‏ ملايين شيكل وبالتالي فان جانبا من الأزمة أن السلطة في رام الله تشعر انها تتحمل مصاريف حماس بغزة رغم الانقسام السياسي‏,‏ وبالتالي لايجب استثناء احد من دفع فاتورة الكهرباء‏.‏

مبادرة للحل

وأوضح أمجد الشوا عضو شبكة المنظمات الأهلية في غزة أن الشق العاجل في المبادرة التي تقدمنا بها هو تزويد غزة بكميات الوقود الصناعي اللازمة لتشغيل محطة الكهرباء‏,‏ وذلك من خلال التزام كل من حكومة حماس في القطاع بتوريد ماتجمعه من حصيلة فواتير الاستهلاك من القادرين خاصة من الموظفين التابعين لها ذوي الدخل الثابت‏,‏ والتزام حكومة الدكتور سلام فياض في الضفة الغربية بجباية قيمة الفواتير من رواتب الموظفين الغزيين الذين يتقاضون رواتبهم منها‏,‏ وتحويل هذه الأموال فورا لصندوق امدادات كهرباء غزة بوزارة المالية في رام الله‏.‏

أما علي المستوي الاستراتيجي فقد دعت المبادرة إلي تحويل محطة كهرباء غزة إلي محطة تعتمد علي الغاز الطبيعي وليس الوقود الصناعي‏,‏ لأن ذلك يقلل التكلفة ويحافظ علي البيئة ويمنع تحكم الاسرائيليين في امدادات الوقود وبالتالي الكهرباء‏,‏ لأنه في هذه الحالة يمكن شراء الغاز الطبيعي من مصر مباشرة‏,‏ وبالتالي تنخفض تكلفة فاتورة الاستهلاك التي يتكبدها المواطن الغزي‏.‏

من يتحمل المسئولية؟

ومن ناحيته قال مصطفي ابراهيم الناشط في مجال حقوق الإنسان والكاتب السياسي إن كلا من السلطة في رام الله وحكومة حماس في غزة تتحملان المسئولية عن أزمة الكهرباء‏,‏ حيث قامت الأولي بمطالبة الاتحاد الاوروبي بعدم دفع فاتورة كهرباء غزة كما كان يفعل لسنوات طويلة وأقنعته بأن يحول لها منحة تمويل تكلفة الوقود المتجه لغزة علي أن تقوم هي بالعملية بنفسها وبعد ذلك لم تلتزم حكومة الدكتور سلام فياض بالدفع‏.‏

ويشير إلي أن ما سبق لايعني أن حكومة حماس بغزة لاتتحمل المسئولية الاخلاقية والقانونية عن أزمة كهرباء القطاع لأنها المسئولة بحكم موقعها عن تلبية احتياجات سكان غزة‏.‏

الانقسام السياسي

ويؤكد عائد ياغي القيادي في المبادرة الوطنية الفلسطينية برئاسة الدكتور مصطفي البرغوثي أن الانقسام السياسي الفلسطيني يتحمل المسئولية عن أزمة الكهرباء الحالية بقطاع غزة حيث إن المسئولية مشتركة بين فتح وحماس‏,‏ ولابد ان ينظرا إلي مصلحة المواطن بعيدا عن المناكفات السياسية ورغم ذلك يبقي الاحتلال المسئول الأول‏,‏ لأن غزة مازالت قانونا خاضعة للاحتلال الإسرائيلي‏.‏