الرئيس في متاهته..خالد بركات
في متاهته الجديدة أمام جمع من الاعلاميين والسياسيين الصهاينة في واشنطن ، وتحديدا في معهد بروكنز ، قال رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس " ان الانتفاضة هي التي دمرت كل شئ، ، دمرت كل مؤسسات الشعب الفلسطيني " وقرر الرئيس الاستعاضة بكلمة " الانتفاضة " بدلا من " الاحتلال الصهيوني " الذي دمر كل شئ .
لكن عباس يقرر ان يتهم الشعب الفلسطيني الذي انتفض في سيبتمبرايلول عام 2000 ، وبات مطلوبا منه ان يقدم اعتذارا للمجتمع الدولي . لانه انتفض وخرّب الدنيا.
ان الذي يهتك شرف شعبه بالقول واللسان ، لن يتوانى عن جلد شعبه بالسياط والكرباج والتربع على السلطة بالقوة وغصباً ، تماما كما هو واقع الحال في " مناطق السلطة الفلسطينية وسجونها" ، لكن حتى الدكتاتوريات والاوباش تحاول ان تخفي وجهها القبيح ، وتظهر بصورة الشخصية الديموقراطية . الامر تجاوز مجرد كلام يقال في محاضرة ، بل انه يعكس مدى الخواء الذي ينخر في راس القيادة الفلسطينية التابعة والمهزومة.
في معهد بروكنز ، الذي يتولى فيه الصهيوني مارتن انديك دائرة العلاقات الخارجية ، بل هو المدير الفعلي لهذه المؤسسة التي تعكس " الاجماع الوطني الامريكي " تقريباً ، وتستقبل عباس بحفاوة . يقف المسؤول الفلسطيني ويخلص جلده هو ويثبت ولائه وجاهزيته للامتثال والدخول في نادي الكبار حتى ولو نادلا في المقهى ، لكن قبل ذلك عليه ان يتنكر للشعب الفلسطيني ولتاريخه وشهدائه وحقوقه وثورته ، في كلمة واحدة ، ويرمي كل الصفات البذيئة على ظهر الانتفاضة الفلسطينية والتي ( هي ) السبب وراء تدمير مؤسسات الشعب.
وبلغة التذاكي والشطارة المتوارثة في المؤسسة الفلسطينية الرسمية، يتفاخر ويتشاطر الرئيس الفلسطيني في اجتماع المجلس " الثوري " لحركة فتح بالقول انه " إخترق " أكبر لوبي صهيوني في الولايات المتحدة الامريكية .
لماذا وكيف؟
لانه التقى مع مجموعة من لجنة العلاقات الامريكية الاسرائيلية - ايباك – و" لانهم والله الجماعة فهموا عليّ لانني جاوبت على كل الاسئلة ، كلها ، ولم أخطأ في جواب واحد ."
لا لم يخطأ ، هو وقف كالتلميد الصغير في امتحان امام جمع من الصهاينة ، ويعلم القائد اخوته في حركة فتح من اين تؤكل الكتف! فيقول " بصراحة انا كنت خايف وانا رايح ع الاجتماع ، حتى ميتشل ما كان بدو اروح ، بس انا رحت " و" الاخ نبيل شعث في امريكا اللاتينية بيعمل نفس الشئ ورح يلتقي مع اللوبيات هناك "
قال الرئيس لقادة ايباك ، لليهود حقوق تاريخية في فلسطين ، حماس متطرفة ، انا ضد الارهاب ، ضد الانتفاضة اللي خربت بيتنا ، وبدنا سلام ، ورح نجيب لاسرائيل 57 دولة تقيم معها علاقات ، واحنا بدنا تنسيق امني ، واي فلسطيني يتجاوز حدوده هناك " القانون " ، الخ الخ من موال المهزومين في سلطة اوسلو..
ما اعتبره الرئيس اختراقا فلسطينينا للوبي الصهيوني ، هو بالضبط حجم الاختراق الصهيوني للسلطة الفلسطينية ، وهو من النوع الذي يصل إلى الحلق ، وأبعد، وابعد.
كاتب فلسطيني
-عن القدس العربي