خبر المفاوضات المباشرة….هروب مستمر الى الأمام..ماجد عزام

الساعة 09:47 ص|04 أغسطس 2010

المفاوضات المباشرة….هروب مستمر الى الأمام..ماجد عزام

"هناك توجه دولي يتساءل :لماذا لا يتم الذهاب إلى مفاوضات مباشرة؟ ولهذا، فقد حاول رئيس وزراء اسرائيل من خلال دعوته للمفاوضات المباشرة احراز هدف فى الملعب العربى لكن الجانب العربى ومن خلال موافقته على الذهاب للمفاوضات المباشرة اعاد الكرة الى وسط الملعب".

الكلام السابق للسيد عمرو موسى مبررا الموافقة على الانتقال للمفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وحكومة نتن ياهو موسى الذى استخدم مصطلحات رياضية خانته فصاحته وبلاغته فحسب المعلقين الرياضيين المصريين اذا كان ما فعله نتن ياهو جملة تكتيكية لاحراز هدف فلابد من افشالها واتباع خطة مضادة وبتفصيل اكثر اذا اراد نتن ياهو عبر المفاوضات المباشرة تحقيق هدف لصالحه فى المرمى العربى فلا بد من منعه عبر رفض المفاوضات طالما انها تحقق فائدة له وببساطة اكثر وبالمنهج العلمى الرياضى-من الرياضيات- البحت طالما ان الامر فيه فائدة لاسرائيل فان ذلك يعنى حتما ايقاع الضرر بالعرب والفلسطينيين وبالتالى فالموقف الصائب عربيا هو رفض المفاوضات المباشرة ليس فقط كونها تفيد نتن ياهو وتصب فى مصلجته-مع عدم اغفال اهمية ذلك- ولكن كونها تتعارض مع قرار سابق للجامعة العربية نفسها ربط الانتقال الى المفاوضات المباشرة بتحقيق تقدم واضح فى الجانب غير المباشر منها وهو الامر الذى لم يحدث حسب التصريحات الفلسطينية والعربية وحتى تصريحات عمرو موسى نفسه.

تبريرات اخرى قدمت وتثير الاسى والحزن على الحال العربى فقد تمت الاشارة مثلا حسب التعبير الحرفى لعمرو موسى الى "وضع فيه ضمانات امريكية مكتوبة واذا حدثت استفزازات من قبل اسرائيل فسيكون هناك موقف اخر " فى نفس اليوم الذى قيل فيه هذا الكلام استولى المستوطنون بدعم الشرطة وسلطات الاحتلال على بيت فلسطينى من طابقين فى القدس القديمة يؤوى تسع عائلات وللتذكير فقط فقد استخدمت اللهجة نفسها عند الموافقة على المفاوضات غير المباشرة وطوال الشهور الماضية لم تتوقف الممارسات الاستفزازية من استيطان وتهويد خاصة فى القدس ومحيطها وهنا لا باس من تذكر العبارة البليغة التى ادلى بها السيد رائد صلاح قبل سجنه "المخطط الاستيطانى استنفذ فى القدس ولم يتبق سوى استهداف المسجد الاقصى وتقسيمه على طريقة الحرم الخليلى الشريف" وهذا حصل طبعا فى الحقبة السابقة وفى ظل المفاوضات باشكالها وانواعها المختلفة .

فى التبرير البائس والمثير للشفقة لقرار الجامعة ثمة اشارة ايضا الى ما وصف ب" الوضع العربى الحالى والوضع المحيط بالمنطقة العربية "وهذا ايضا تقدير سيئ من الناحية السياسية والاستراتيجية وهو يعنى مزيداً من التراجع والتدهور بدلا من مواجهة المشكلة عوضا عن ارسال رسالة خاطئة لمن يريد دعم ومساندة الفلسطينيين والعرب فى مواجهة الاحتلال وتجلياته المختلفة .

من الاسباب التى طرحت ايضا المقولة الصحيحة عن عدم جدية نتن ياهو وفى المقابل الاثبات للعالم مدى جدية العرب ونواياهم السلمية وهو ما حصل اصلا منذ عقد من الزمن من خلال المبادرة العربية التى لم تعرها اسرائيل اى اهتمام ولم تطرحها بجدية على جدول اعمالها السياسى والاعلامى بل رد عليها ارئيل شارون انذاك عبر عدوان السور الواقى ومحاصرة الرئيس الشهيد ياسر عرفات ومن ثم اغتياله فيما بعد .

رغم الاقتناع بعدم جدية نتن ياهو الا ان ثمة تعويلاً عربياً رسمياً كما قيل على جدية اوباما وصدق نواياه فى التوصل الى حل للصراع فى فلسطين ورغم ان الشواهد التاريخية –بما فيها تجربة المفاوضات غير المباشرة- تثبت وهم الاعتماد على الوعود الامريكية- الا ان اوباما لن يكون ملكياً اكثر من الملك او عربيا اكثر من العرب انفسهم واذا كانوا مستعدين دوما للتساوق مع الشروط والرؤى الاسرائيلية فما الذى يمنع اوباما من المضى قدما فى النهج المتبع منذ فترة التوصل الى حلول وسط امريكية اسرائيلية –عند اى تباين او خلاف- على حساب الحقوق والمصالح الفلسطينية والعربية.

فى الاخير لا يمثل القرار العربى البائس اكثر من هروب منهجى الى الامام ورفض لرؤية الحقيقة الساطعة عملية التسوية بمنحاها الحالى ليست سوى مضيعة للوقت ولم ولن تؤدى الى اى نتيجة فضلا عن استحالة التوصل الى اتفاق سلام مع حكومة نتن ياهو- ليبرمان بيغن-حتى حاييم رامون نصح صائب عريقات بشىء كهذا والافتقاد الى الارادة السياسية يقف حائلا امام رؤية الحقيقة واستخلاص العبر المناسبة منها لجهة السعى الى تكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية وتشجيع الفلسطينيين على بلورة خيارات بديلة يتعهد العرب بدعمها واقناع المجتمع الدولى او معظمه بها .

 

مدير مركز شرق المتوسط للاعلام

-عن القدس العربي