خبر يهربون من الاشتعال- معاريف

الساعة 08:51 ص|04 أغسطس 2010

يهربون من الاشتعال- معاريف

بقلم: عوفر شيلح

   (المضمون: التحليل الاساس في اسرائيل لا يزال على حاله: ليس لاحد مصلحة في الاشتعال. للقوات على جانبي الحدود الدروس المريرة للصيف اياه لا تزال تشكل اشارة تحذير ناجعة - المصدر).

   في اسرائيل لم يعرفوا أمس ما يقولونه حول من بالضبط في الجانب الاسرائيلي قرر بان هذه المرة يجب الرد بالنار على نشاط اعتيادي للجيش الاسرائيلي في الجدار الفاصل. فمنذ زمن ما ويترافق هذا النشاط بـ "ظل" جنود من الجيش اللبناني، يتابعون جنود الجيش الاسرائيلي وبين الحين والاخر يلعبون بالسلاح كتهديد تجاه ما يعتبر خرقا للسيادة اللبنانية.

        يحتمل جدا ان تكون خلية القناصة، امس في سلسلة رميم الجبلية لم تكن كمينا معد مسبقا لفتح النار بل استعدادا اعتياديا تحول الى نار، بسبب ما وصفه الجيش الاسرائيلي أمس بـ "روح القائد"، ويدور الحديث عن قائد في مستوى محلي. أغلب الظن، لم يكن أمر من فوق – بمعنى من بيروت – بفتح النار هذه المرة.

        من جهة اخرى، لم يكن هذا ايضا جندي مجنون أخذ المبادرة على عاتقه. الحماسة من بيروت بدت واضحة منذ زمن ما، يشعلها حزب الله، الذي له مصلحة صرفة في الاحتكاك بين اسرائيل ولبنان: المنظمة نفسها بقيت ظاهرا خارج اللعبة، اما التضامن الذي تخلقه المواجهة معنا فيساعده، وبالتأكيد في الايام الصعبة حول نشر التقرير الذي يتهم بعض من كبار رجالاته باغتيال الحريري.

        بين حزب الله وجيش لبنان في الجنوب توجد علاقات حميمة. الجيش يساعد المنظمة في التملص من رقابة الامم المتحدة، وحزب الله لا يتحدى السيادة المزعومة للجيش في المنطقة التي هو فيها القوة الشديدة. وجملة هذه الامور كانت الوقود. اما ماذا كان بالضبط عود الثقاب، فليس واضحا بعد.

        في اثناء الانسحاب من لبنان في ايار 2000 طرحت مسألة الاستعدادات على الحدود. رئيس الوزراء في حينه ايهود باراك كان قاطعا في القول ان الشرعية الدولية تفوق الاعتبارات التكتيكية. في اكثر من 30 نقطة، لم يكن واضحا فيها اين بالضبط تمر الحدود الدولية او انها مرت في اماكن اقل راحة للدفاع، استعدت اسرائيل، في نهاية المطاف، من الجنوب او من الشرق (في اصبع الجليل) على الحدود. ومع السنين بدأ نشاط في الجيوب التي بين الجدار والحدود، وهي أعمال نسقت مع الامم المتحدة، ومن خلالها مع الجيش اللبناني. اللبنانيون رأوا دوما فيها خرقا للسيادة، ولكنها كانت بتنسيق مع الامم المتحدة ولم تجر حتى الان رد فعل مشابه.

        الرد من على الجانبين يظهر كم هي أحداث صيف 2006 دامغة فيهما. من الجانب اللبناني بدأت فورا تقريبا مساعي التهدئة. في الجانب الاسرائيلي كانت في الساعات الاولى معضلة حول عمق الرد: مواقع الجيش اللبناني معروفة لشعبة الاستخبارات جيدا وكان يمكن المس بها مسا اكثر شدة. ولمن لا يذكر، فانه قبل كثير من اجتماع الحكومة والمجلس الوزاري في 12 تموز 2006، كان الجيش الاسرائيلي نفذ خطة رد واسعة في كل ارجاء جنوب لبنان على اختطاف غولدفاسر وريغف – رد جر نار الكاتيوشا كرد فعل مضاد، وعمليا اشعل ما اصبح حرب لبنان الثانية.

        في نهاية المطاف تقرر أمس عملية محلية، مست أساسا بالقوات اللبنانية في القاطع الذي نفذت فيه النار. ومع كل التحفظات على أداء الجيش اللبناني وقربه من حزب الله، لا تزال اسرائيل تفضل وجودا لبنانيا رسميا بجوار الحدود. كما أنها على وعي بالحماية الدولية التي للجيش، ولا سيما من جانب الامريكيين. احد لا يوهم نفسه في أن الجيش اللبناني بالفعل يحمي حدود اسرائيل من النشاط المعادي، ولكنه لا يزال افضل من وضع لا يكون فيه جيش، ويطرد فيه حزب الله الامم المتحدة، وما تحقق كانجاز سياسي في نهاية حرب لبنان الثانية ، يشطب تماما.

        وفي الخلفية لا يزال يصدح السؤال الكبير: ماذا يقف خلف التصريحات الحربية في الجانبين والتي تنطلق منذ اشهر عديدة؟ هاكم مثال من الماضي القريب: صيف 2007 كان مفعما بالتصريحات عن امكانية التدهور مع سوريا، كنتيجة لـ "سوء التقدير". في النهاية تبين أنه لم يكن هنا تخوف من الوقوع في الخطأ، بل شيء معروف جيدا – المفاعل في دير الزور، الذي قصف في ايلول.

        فهل هذه المرة ايضا يقع خلف الكواليس شيء كبير، لا نزال لا نعرفه؟ كل المؤشرات تدل على ان الحال ليس كذلك. المكتشفات المتواصلة في لبنان عن شبكات التجسس والتنصت المنسوبة لاسرائيل وان كانت تخلق اجواء تصعيد، الا انه يبدو ان التحليل الاساس في اسرائيل لا يزال على حاله: ليس لاحد مصلحة في الاشتعال. اذا ما وقع هذا، فجذوره ستكون في ايران، راعية حزب الله ومقررة خطواته اكثر مما كان قبل أربع سنوات.

        للقوات على جانبي الحدود الدروس المريرة للصيف اياه لا تزال تشكل اشارة تحذير ناجعة.